د. فايز أبو شمالة

حسرة في قلوب أبناء غزة ... د. فايز أبو شمالة

الجمعة 19 يونيو 2009

حسرة في قلوب أبناء غزة!

د. فايز أبو شمالة
حاول مدير شرطة المحافظة التدخل في قضية خلاف في المحكمة الشرعية، ولكن هذا التدخل لم يرض قاضي المحكمة، فأمره بالخروج، وعندما تلكأ قليلاً، استدعى القاضي شرطي المحكمة، وطلب منه إخراج مدير الشرطة، تقدم الشرطي النفر بكل جرأة، وضع يده على كتف مدير الشرطة، وقال له بلهجة صارمة: تفضل اخرج من المحكمة، فما كان من مدير الشرطة إلا أن يطأطئ رأسه، ويخرج من المحكمة بهدوء، وأدب.
 
لم أصدق أن هذا يحدث في قطاع غزة الذي لبس عباءة الانفلات سنوات إلا بعد أن أكد لي مفتش شرطة خان يونس، أنه شخصياً أمر بإخراج مجموعة شباب حاولوا التدخل في قضية مدنية، وعندما عرّفوا أنفسهم على أنهم من كتائب القسام، أمرت بإخراجهم من مقر الشرطة فوراً، فانسحبوا بأدب، دون أن يهمس أي منهم بكلمة، وأضاف مفتش شرطة خان يونس: "والله لو اعترض أحدهم لأمرت بحبسه دون تردد، ولكنهم التزموا بالأوامر.!".
 
حسرة في قلوب أبناء غزة على ما جرى إليك يا متمردة، ماذا دهاك يا أم الفالتين، التائهين، المعربدين؟ أين زمن دس رأس مدير عام شرطة قطاع غزة غازي الجبالي في المرحاض؟ أين زمان العقيد طلال أبو زيد، أين الزمن الذي كان يغلق فيه ابن عشر سنوات شوارع المدينة، ويعطل مصالح الناس؟ أين الزمن الذي كان يطرد فيه رئيس جامعة الأزهر، بعد أن يضع حامل البندقية في يده "شيكلاً"، ويقول له: روّح على بيتك؟!.أين الزمن الذي كانت تسيطر فيه مجموعة من الفتية على المحافظة، وتفرض اشتراطاتها على الرئاسة في رام الله مالاً، ووظائف؟ أين زمن اختطاف الأجانب، والتفاوض لإطلاق سراحهم مقابل المال؟ أين زمن اقتحام البلديات والسيطرة على معداتها، وإطلاق النار على رئيس البلدية؟ أين أزمنة التهديد، والوعيد والخربشة على كل أماني الطفولة وترنيمات الصبايا؟
 
غزة تغيرت، وتحررت من الانفلات الذي سوّد عيشتها، وهدّ كيانها، وأخزى رجالها عندما كانت أكثر مهارة أتقنها حملة السلاح الضال، وتدربوا عليها هي مهارة الهروب من المواجهة، والاختفاء!. غزة اليوم مخزن سلاح مقاوم كما تقول (إسرائيل)، ولكن العين المجردة لا ترى مسلحاً، ولا ترى سلاحاً، ولا مظهراً من مظاهر المباهاة، والتجبر على الناس بقوة البنادق الطائشة، وهنا قد يقول البعض: أنت متحامل، وغير حيادي، أو مجامل، أو متعاطف مع جهة دون أخرى. لأقول: تجولوا في شوارع قطاع غزة، واعبروا الطرق، فهل ترون مظاهر مسلحة ؟ هل ترى أعينكم سلاحاً مشرعاً؟ هل تشعرون أن حولكم سلاحاً متربصاً؟ هل يحتشد المسلحون على مفارق الطرق، وفي شوارع غزة؟ هل تبصرون مجموعات مسلحة تستعرض قوتها؟ أثق أن الجواب سيكون لا، لا يوجد رغم أن غزة تعيش حالة مواجهة يومية مع (إسرائيل). وهذا ما يحتم على كل عاقل أن يشكر النعمة، والعزة، والمنعة، وأن يتحسر من زمن كان السلاح فيه كالمعلبات في المحلات التجارية، وكانت البنادق تلعلع في الأسواق، وفي المستشفيات، وفي أدراج المكاتب، وكانت البنادق في غزة تنافس أقلام الرصاص في المدارس، وكان دوي الرصاص أعلى من صوت المؤذن، ولا ضابط، ولا رادع، ولا قوة مركزية، ولا قانون، ولا عاصم للمواطن من عنف الانفلات.
 
غزة اليوم ليست غزة قبل سنتين، وليست هي غزة التي عرفتموها، وصفعتنا شوارعها بالخوف من قاطع طريق، أو سارق سيارة، أو مدسوس، أو خاطف طفلة، أو مفترٍ على امرأة. غزة تغيرت، وتغير بحرها، فما عاد ذاك البحر الذي يلوثه المارقون، ويدوس على فرحه المتآمرون، ويثقب سفنه الفالتون العابرون.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية