حق العودة بين تصريحات عباس وصواريخ المقاومة
عز الدين أحمد ابراهيم
الدليل العملي، أثبتت المقاومة الفلسطينية أنها أقرب الطرق إلى تحقيق العودة من طريق المفاوضات الذي عبّر عرّابه، رئيس السلطة محمود عباس، بصراحة للتلفزيون الإسرائيلي عن أنه لن يستطيع تحقيقه، بل وتنازل شخصياً عن حقه في العودة الى مدينته صفد، ولم ينل الفلسطينيون لعقدين من الزمان من خلاله إلا تراجعاً وغطاءً للاحتلال لمواصلة ممارساته التهويدية بحق الأرض والمقدسات.
صواريخ المقاومة التي وصلت إلى أراضي قرية شبيب "هرتسيليا" والقسطينة "كريات ملاخي" وغيرها من أراضينا المحتلة عام ثمانية وأربعين، حملت رسالة واضحة للمحتل، مفادها أن المعادلة تغيرت، ومن تفاوضون لم يعودوا يمثّلون الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وأن قناة الحوار الوحيدة معكم هي البندقية.
صواريخ المقاومة حملت عند إطلاقها أكثر من رسالة: الأولى للداخل الفلسطيني، مفادها أن حقوقكم التي ضيّعها المفاوض طوال عقود وتنازل عنها، مضت ولن يعيدها إلا ما حمل روحه على كفه في سبيلها. والرسالة الثانية للاحتلال وقادته، مفادها أن مدننا المحتلة عام 48، ومنها صفد، حاضرة في أذهاننا وسنزورها بالطريقة والوقت اللذين نختارهما.
المقاومة غيرت المعادلة، وأدخلت ملايين الصهاينة إلى الملاجئ، وفرضت على جنوب فلسطين المحتلة حظر التجوال لأيام. هذه المقاومة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لا الهياكل الخربة التي عفا عليها الزمن.
ليس صدفة أن تأتي معركة الأيام الثمانية والنصر الذي تحقق، بعد فترة وجيزة من خيبة الأمل التي اعترت نطاقات واسعة من الشعب الفلسطيني في أعقاب تصريحات عباس، ليكون الردّ واضحاً للداخل والخارج أن بوصلة المقاومة لن تحيد عن الحقوق والثوابت، وفي مقدمتها حق العودة.
تصريحات عباس التي أطلقها بشأن حق العودة، وحاول البعض تبريرها باعتبارها رأياً شخصياً، تستأهل في هذا التوقيت من النخبة الفلسطينة تجديد مطالبته بالاعتذار، وهو أضعف الإيمان، باعتبار أن التصريحات صدرت عن شخصية عامة، ورئيس سلطة، يفترض أن يحتفظ بآرائه الشخصية لنفسه، أو أن يستقيل ويختار المكان الذي يريد أن يعيش فيه ما بقي من عمره.
ما حصل في المواجهة الأخيرة بين المقاومة والاحتلال، وانتصار الدم على الرصاص، يجب أن يوفّر فرصة للتوبة السياسية لأصحاب فكر التسوية والتفريط، وإلا فالمطلوب عزلهم وطنياً وشعبياً على مستوى النخب والشعب.
المقاومة التي جمعت في عدة أيام الضفة وغزة، والـ48 والشتات تحت عنوان واحد، هو عنوان الحق الفلسطيني التاريخي غير القابل للتقسيم، هي القادرة على توحيد باقي العناوين، كالمصالحة الوطنية وبناء النظام السياسي الفلسطيني وغيرها، وبالتالي المطلوب من الفصائل الفلسطينية اليوم أن تجعل الموقف من المقاومة هو المعيار لأي توافق سياسي فلسطيني قادم، باعتبارها اكتسبت خلال الأيام الماضية إجماعاً وتأييداً فلسطينياً من مختلف التيارات والتوجهات.
الصمود الذي أبدته المقاومة مدعومة بالتفاف جموع الشعب الفلسطيني حولها في كل أماكن وجوده أعطى رسالة واضحة لكل من تسوّل له نفسه بالتنازل والتفريط، بأن المقاومة التي استطاعت أن تقهر المحتل وجيشه قادرة على الوصول - ولو بعد حين - إلى من نصّب نفسه ناطقاً باسم الشعب وتبرع للصهاينة بأرض سقط لأجل الحفاظ عليها أجيال من الشهداء، ومحاكمته أمام التاريخ والشعب.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية