حكاية الدم بالزيت ... بقلم : خالد معالي

الثلاثاء 09 أكتوبر 2012

حكاية الدم بالزيت

خالد معالي

حكاية تتكرر في الضفة الغربية كل موسم زيتون: اختلاط دم المزارع الفلسطيني المسكين مع زيت زيتونه وحبات عرقه وجبلها مع تراب الأرض الطيبة الطاهرة؛ جراء اعتداءات المستوطنين؛ كونه المستهدف بالاقتلاع، كشجرة زيتونه الصامدة التي يرويها بدمه وعرقه، وسط معاناة وآلام تتجدد كل يوم.

لنستقي العبر من حادثة "غولدا مئير" رئيسة الوزراء السابقة لـ(دولة) الاحتلال، التي مرت يومًا بالجليل، فعلقت مستاءة لكثرة القرى العربية وقلة المستوطنين، ولاحقًا شنت هجومًا استيطانيًّا في أواخر الستينيات والسبعينيات بحملة تهويد الجليل، ويا للأسف الشديد نجحت.

فتاوى دينية يهودية جاهزة يدعمها التحريف الذي حدث في التوراة قديمًا، من أن أرض "الأغيار" يجوز حرقها ونهبها تقربًا إلى الله، هو ما يشجع المستوطنين على استهدافهم لموسم الزيتون المتواصل الذي يعدونه عرسًا فلسطينيًّا خالصًا يجب تخريبه وتدميره، وتنغيص حياة المزارعين، وجعلها جحيمًا لا يطاق.

يشكل كتاب "عقيدة الملك" للحاخامين "يتسحاق شابيرا" و"يوسف يرمياهو إليتسور" أنموذجًا لكيفية تحريض الفتاوى الدينية على استهداف الفلسطينيين، إذ يبيحون فيه قتل الأغيار (أي غير اليهود)، في الظروف التي تسمح فيها الشريعة اليهودية بقتلهم في أوقات السلم والحرب، وانطلاقًا من الحرص على إقامة الفرائض السبع؛ فإنه لا يوجد ما يمنع ذلك، ولاحقًا لا بأس إن ملئ الفلسطينيون الدنيا ضجيجًا وصراخًا.

أكثر ما يغيظ المستوطنين من على قمم جبال وتلال الضفة الغربية هو رؤيتهم للمزارعين الفلسطينيين وهم يقطفون ثمار زيتونهم في لوحة فنية رائعة، وتراثية جميلة، في الوقت الذي تفتقد فيه مستوطناتهم عمق وعبق التاريخ.

المستوطنون بعد مشاهدتهم لفرحة قطف الزيتون يصبون جام غضبهم وحقدهم في كل زاوية من زوايا الضفة الغربية والقدس، ويخترعون كل يوم أسلوبًا جديدًا لإفساد حياة وصمود الفلسطينيين.
في الظاهر أمريكا لا تريد الاستيطان، وعلى أرض الواقع هي من تدعمه وترفض المس به عبر الوقوف في وجه الفلسطينيين في المحافل الدولية، ومن هنا من الخطأ التعويل على الدور الأمريكي والقول بحياديته.

الدارس لأدبيات الحركة الصهيونية يرى أن موضوع العزل والجدار والاستيطان هو من صميم الثقافة الصهيونية، وهذا يفسر فشل المفاوضات طيلة عشرين عامًا، وعدم نجاحها في وقف الاستيطان، ولن تنجح حتى لو عادت المفاوضات عشرين سنة أخرى.

المنطق يقول: إنه يجب عدم ترك أية وسيلة ضغط لطرد المستوطنين، على أن نجيد استخدامها في الوقت المناسب. فضح الاستيطان دوليًّا جيد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن علاقات الدول لا تتخذ بناء على العواطف والحقوق، بل على المصالح والقوة، وبالتالي يجب ألا يكون طرق الباب الدولي هو الوحيد والرئيس، كما هو حاصل الآن.

اللعب على قضية المجتمع الدولي خطرة جدًّا؛ لأن الضعيف _وإن كان صاحب حق_ لا يحترمه هذا المجتمع الذي تتحكم فيه أمريكا، بل يحترم القوي ولو كانت ظالمًا، كما هو حاصل مع (دولة) الاحتلال، لذا يقتضي الأمر امتلاك أوراق قوة ضغط لثني أمريكا عن مواقفها المتحيزة.

إحدى أوراق القوة للشعب الفلسطيني هي جعل الاحتلال يدفع فاتورة عالية لاحتلاله واستيطانه، وجعلها مكلفة جدًّا، ولنأخذ العبرة حديثًا من طرد الاحتلال من جنوب لبنان وقطاع غزة، إذ قال شارون يومًا: "إن مستوطنات غزة الـ(22) هي مثل تل الربيع (تل أبيب)"، وإذا هو لاحقًا يهدمها بيديه ويخرج صاغرًا منها، بفضل قوى المقاومة الفلسطينية على اختلاف مشاربها وبرامجها وقتها.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية