حلية المقاومة
د. ديمة طارق طهبوب
يحسن علماء النفس والاجتماع صنعا بدراسة التغييرات التي ظهرت على شخصية المرأة ابان الحرب الأخيرة على غزة وبعد نصرها، وكانت حصيلة تراكمات ربما بدأت ببداية الانتفاضة المباركة وتجذرت حتى أصبحت سلوكا وفكرة ونموذجا عاما، وفيه اختلفت صورة المرأة ودورها عن الصورة والدور القديم الذي اكسبتها اياه الهزائم والحروب المتعاقبة فأصبحت الانوثة في المنافي البعيدة عن ارض التحدي والمعركة جمالا وغنجا وحلاوة وحرصا على استكمال كل الكماليات، واصبحت الأمومة خوفا مضاعفا وطبطبة وكنكنة حتى أصبح الشعب كله يمشي بنظرية الالتصاق بالحيط من الخوف وطلب «الستيرة»!!
نعم النساء هن رائدات صناعة الخوف او الشجاعة، الوهن او الاقدام فهن من يربين الرجال وبما ان «ابنك على ما ربتيه» و»زوجك على ما عودتيه» فمن ربت وعوّدت رجالها على الاختباء وراء الابواب وطأطأة الرأس وجدنا نتاج تربيتها في مجتمعاتنا، حيث ينتشر الظلم من حكامنا ولا رجال يقفون في وجوههم، ومن ربتهم على مقارعة الخوف وقفوا لأعتى الاعداء والاساطيل!
ما فعلته الحرب على غزة والحرب على الاسلام أنها أعادت احياء الذاكرة النسائية الاسلامية والعربية واتصل الماضي بالحاضر وانتهى العقوق وقطيعة الرحم بين مجد الماضي ورموزه وبين نساء العصر الحالي.
الذي جعل ام سراقة بن الحارث لا تبكي ابنها وقد أصيب بسهم طائش قبل المعركة عندما أخبرها رسول الله بأنه أصاب الفردوس الأعلى من الجنة هو ذات الشعور والايمان الذي جعل ام الشهيد عمر زاهر نصار تكتب لقائده ألا يحرمه من الجهاد كونه وحيد أمه واخواته بعد استشهاد والده ارضاء لولدها وحبا له وتحقيقا لحلمه في الشهادة.
فهي اذن الأمومة الجديدة القديمة التي تقدم الحب في صورة سامية وأنبل من نبيلة في صورة لا يستوعبها من يربي الأبناء لحمل الاسم واستكمال العزوة والمباهاة.
هذا التحول الدرامي في نفس الأم والزوجة لتمهد وتسابق رجالها الى دروب المعالي لم يكن ممكنا لولا الايمان الذي يمكّن الانسان من الصمود وهو في أشد حالات الانهيار.
هذا الايمان ليس حالة يستفرد بها الاسلام، وان كانت المسلمات ضربن أمثلة استثنائية، ولكن ايمان النساء بدورهن في الثقافات والحضارات الاخرى كان له نفس الاثر، فوصف العماد الأصفهاني دور نساء الأفرنج في صناعة النصر قائلا «وفي الأفرنج نساء فوارس لهن دروع وقوانس يبرزن في حومة القتال ويستبسلن وكل هذا يعتقدنه عبادة ويجعلنه لهن عبادة».
حتى الحب والرجولة وما يجعل قلب المرأة يهفو لرجل تغير وأصبح الاقبال على من شاب شعره في السجن ومن غيبته المؤبدات لزمن لا يعلم طوله الا الله على أوجه بل وجد جرحى الحرب واصحاب الحاجات الخاصة في غزة وخارجها اقبالا ورضى وطيب خاطر من النساء عليهن وكأنهم في جمال يوسف وقوة موسى عليهم السلام، نعم تحب النساء بشكل مختلف زمن الحرب وتأخذ الرجولة معاني أخرى ويصبح للجمال صور جديدة.
على ذات الصعيد، اطلقت نساء الأردن حملة مباركة خلال الحرب على غزة بعنوان «ذهبي ليس أغلى من أطفال غزة» والحملة لا تقرأ في سياق حملات التبرع التي تنتشر وتتكاثر في مثل هذه الظروف بل بالاثر النفسي الذي يلازمها وهو الأبقى من أثرها الزماني والوقتي، فالمرأة التي أنشأها الله على حب الحلي نشأة فطرية ملازمة لقلبها تقدم حب الله وحب الوطن والجهاد على ما دونه وتتفوق في صراع الارادة والتغلب على الشهوة وتعانق المعالي، لقد كانت امهاتنا في زمن الحروب الاولى يجمعن ليرات الذهب ليرة ليرة في علب الحليب الحديدية مخافة اليوم الأسود، اما بعض نساء اليوم فرأين اليوم الاسود عندما انهدت الدور وشرد الناس وماتوا جوعا وعطشا فكانت نصرة هؤلاء عندهن أغلى من مال قارون ولم يظل صهيب الرومي فريدا في تاريخنا بل لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيع بعض النساء في زمننا لقال لهن مثل ما قال له: ربح البيع.
وصدق من قال «عندما تصبح قلائد الذهب التي تتزين بها النساء قلائد من رصاص يتزين بها الرجال تحصل المعجزات في ساح الجهاد»
قال أعداء المسلمين: غانية وكأس تفعلان بالأمة المحمدية ما لا تفعله المدافع والدبابات، وقال نظراؤهم المرأة الصالحة هي أمتع الحصون. هذه هي الرؤية للانوثة القديمة الجديدة التي تتحلى بالمقاومة وتصنع النصر والخيار بأيديكن اما في ميزان النصر او ميزان الهزيمة.
د. ديمة طارق طهبوب
يحسن علماء النفس والاجتماع صنعا بدراسة التغييرات التي ظهرت على شخصية المرأة ابان الحرب الأخيرة على غزة وبعد نصرها، وكانت حصيلة تراكمات ربما بدأت ببداية الانتفاضة المباركة وتجذرت حتى أصبحت سلوكا وفكرة ونموذجا عاما، وفيه اختلفت صورة المرأة ودورها عن الصورة والدور القديم الذي اكسبتها اياه الهزائم والحروب المتعاقبة فأصبحت الانوثة في المنافي البعيدة عن ارض التحدي والمعركة جمالا وغنجا وحلاوة وحرصا على استكمال كل الكماليات، واصبحت الأمومة خوفا مضاعفا وطبطبة وكنكنة حتى أصبح الشعب كله يمشي بنظرية الالتصاق بالحيط من الخوف وطلب «الستيرة»!!
نعم النساء هن رائدات صناعة الخوف او الشجاعة، الوهن او الاقدام فهن من يربين الرجال وبما ان «ابنك على ما ربتيه» و»زوجك على ما عودتيه» فمن ربت وعوّدت رجالها على الاختباء وراء الابواب وطأطأة الرأس وجدنا نتاج تربيتها في مجتمعاتنا، حيث ينتشر الظلم من حكامنا ولا رجال يقفون في وجوههم، ومن ربتهم على مقارعة الخوف وقفوا لأعتى الاعداء والاساطيل!
ما فعلته الحرب على غزة والحرب على الاسلام أنها أعادت احياء الذاكرة النسائية الاسلامية والعربية واتصل الماضي بالحاضر وانتهى العقوق وقطيعة الرحم بين مجد الماضي ورموزه وبين نساء العصر الحالي.
الذي جعل ام سراقة بن الحارث لا تبكي ابنها وقد أصيب بسهم طائش قبل المعركة عندما أخبرها رسول الله بأنه أصاب الفردوس الأعلى من الجنة هو ذات الشعور والايمان الذي جعل ام الشهيد عمر زاهر نصار تكتب لقائده ألا يحرمه من الجهاد كونه وحيد أمه واخواته بعد استشهاد والده ارضاء لولدها وحبا له وتحقيقا لحلمه في الشهادة.
فهي اذن الأمومة الجديدة القديمة التي تقدم الحب في صورة سامية وأنبل من نبيلة في صورة لا يستوعبها من يربي الأبناء لحمل الاسم واستكمال العزوة والمباهاة.
هذا التحول الدرامي في نفس الأم والزوجة لتمهد وتسابق رجالها الى دروب المعالي لم يكن ممكنا لولا الايمان الذي يمكّن الانسان من الصمود وهو في أشد حالات الانهيار.
هذا الايمان ليس حالة يستفرد بها الاسلام، وان كانت المسلمات ضربن أمثلة استثنائية، ولكن ايمان النساء بدورهن في الثقافات والحضارات الاخرى كان له نفس الاثر، فوصف العماد الأصفهاني دور نساء الأفرنج في صناعة النصر قائلا «وفي الأفرنج نساء فوارس لهن دروع وقوانس يبرزن في حومة القتال ويستبسلن وكل هذا يعتقدنه عبادة ويجعلنه لهن عبادة».
حتى الحب والرجولة وما يجعل قلب المرأة يهفو لرجل تغير وأصبح الاقبال على من شاب شعره في السجن ومن غيبته المؤبدات لزمن لا يعلم طوله الا الله على أوجه بل وجد جرحى الحرب واصحاب الحاجات الخاصة في غزة وخارجها اقبالا ورضى وطيب خاطر من النساء عليهن وكأنهم في جمال يوسف وقوة موسى عليهم السلام، نعم تحب النساء بشكل مختلف زمن الحرب وتأخذ الرجولة معاني أخرى ويصبح للجمال صور جديدة.
على ذات الصعيد، اطلقت نساء الأردن حملة مباركة خلال الحرب على غزة بعنوان «ذهبي ليس أغلى من أطفال غزة» والحملة لا تقرأ في سياق حملات التبرع التي تنتشر وتتكاثر في مثل هذه الظروف بل بالاثر النفسي الذي يلازمها وهو الأبقى من أثرها الزماني والوقتي، فالمرأة التي أنشأها الله على حب الحلي نشأة فطرية ملازمة لقلبها تقدم حب الله وحب الوطن والجهاد على ما دونه وتتفوق في صراع الارادة والتغلب على الشهوة وتعانق المعالي، لقد كانت امهاتنا في زمن الحروب الاولى يجمعن ليرات الذهب ليرة ليرة في علب الحليب الحديدية مخافة اليوم الأسود، اما بعض نساء اليوم فرأين اليوم الاسود عندما انهدت الدور وشرد الناس وماتوا جوعا وعطشا فكانت نصرة هؤلاء عندهن أغلى من مال قارون ولم يظل صهيب الرومي فريدا في تاريخنا بل لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيع بعض النساء في زمننا لقال لهن مثل ما قال له: ربح البيع.
وصدق من قال «عندما تصبح قلائد الذهب التي تتزين بها النساء قلائد من رصاص يتزين بها الرجال تحصل المعجزات في ساح الجهاد»
قال أعداء المسلمين: غانية وكأس تفعلان بالأمة المحمدية ما لا تفعله المدافع والدبابات، وقال نظراؤهم المرأة الصالحة هي أمتع الحصون. هذه هي الرؤية للانوثة القديمة الجديدة التي تتحلى بالمقاومة وتصنع النصر والخيار بأيديكن اما في ميزان النصر او ميزان الهزيمة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية