حماس.. الطريق الى امتلاك زمام المبادرة ... بقلم : عماد توفيق

الجمعة 20 مارس 2015

حماس.. الطريق الى امتلاك زمام المبادرة

عماد توفيق

لم يحدث في التاريخ الفلسطيني أن أجمعت أغلب النخب السياسية والثقافية والإعلامية على ضرورة التوحد لإزاحة قائد فلسطيني، كما هي مجمعة اليوم على ضرورة ازاحة الرئيس عباس عشية الاعلان الرسمي وبلسان "اسرائيلي" عن فشل المسار السياسي الذي اعتمدته منظمة التحرير بقيادتها التاريخية السابقة ممثلة بعرفات واللاحقة ممثلة بعباس، حيث اعلن نتنياهو وبلسان عبري فصيح عن انتهاء مشروع حل الدولتين، وأنه لن يسمح بإقامة دولة فلسطينية ، وقال : لن يكون هناك انسحاب جديد من الضفة المحتلة؟!

غير ان هذا الاجماع لا ينقصه سوى بذل جهد لنظم هذا الاجماع الواسع في جبهة ذات خطة تمتلك زمام المبادرة للشروع في التغيير، ويكاد يكون هناك اجماع انه ليس هناك تنظيم قادر على بذل هذا الجهد المنظم لنظم الجميع ضمن خطة وطنية شاملة كقدرة حركة حماس.

منذ سنوات طويلة والنخب الفلسطينية المختلفة وهي توجه قائمة طويلة من الاتهامات ضد عباس تضمن في الأوضاع الطبيعية وفي المجتمعات التي تحترم نفسها نزع الشرعية عن حقه في مواصلة قيادة مشروع التحرر الوطني، سيما وأن الذين يوجهون الاتهامات ضده اليوم كانوا رفاقه بالأمس ويجمعهم تاريخ نضالي طويل لا يمكن التشكيك فيه، غير انهم سبقوه في اكتشاف الحقيقة وادركوا انه يقود شعبنا نحو الهاوية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يمنع تأطير المئات من المناضلين الحاليين، الى جانب عدد كبير من القادة السابقين والتاريخيين لمختلف فصائل النضال الفلسطيني، في حملات لـ "توعية وتعبئة نهضوية" للجمهور الفلسطيني بـ "مخاطر" بقاء عباس في سدة التفرد باتخاذ القرار، وتصوير حكمه على أنه خطر مباشر على حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني.

لطالما وجهت حماس وغيرها من فصائل المقاومة قائمة طويلة من الاتهامات ضد عباس تضمن نزع الشرعية عن حقه في مواصلة قيادة مشروع التحرر الفلسطيني، غير ان حماس وغيرها من الفصائل لم تمتلك على ما يبدوا خطة محكمة لتوعية واستمالة كل اولئك الذين يحيط عباس نفسه بهم ويحتمي بأعدادهم ومسمياتهم وتاريخهم السابق في منظمة التحرير لتمرير قراراته التدميرية الانتقامية بحق معارضيه ومستقبل القضية على حد سواء.

لقد اتهمت حماس وغيرها من النخب عباس بافتقاده المؤهلات القيادية التي تجعله قادرا على مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، وأن كل ما يعنيه هو ضمان مستقبله السياسي وبقاؤه في سدة رئاسة كل المناصب والمسميات التي يحتلها.

فقد تم تحميله المسؤولية عن التحريض الذي أفضى الى كل الحروب التي شنها العدو على غزة بدءا من حرب 2008م، مرورا بحرب 2012م وليس انتهاء بحرب الـ 51 يوما في 2014م، وتعاون اجهزته الامنية في توفير المعلومات عن اهداف للمقاومة ليتم استهدافها وابادة اصحابها، كما تم تحميله مسؤولية التحريض الذي أفضى الى فرض الحصار على غزة بحجة محاصرة حماس الخصم السياسي لعباس منذ 2007م بهدف تركيعها، ولم تتوقف الاتهامات عند هذا الحد بل وصلت الى اتهامه من قطاع عريض من الشعب الفلسطيني بأنه هو المسؤول المباشر عن تعاظم المشروع الاحتلالي الاستيطاني بشكل كبير ما ادى الى تلاشي أي امكانية لإقامه الحلم الوهم بدولة فلسطينية، حيث تدعم الاحصاءات هذا الاتهام وتشير الى تعاظم المشروع الاستيطاني وتضاعفه عشرات المرات منذ اوسلو 1994م.

والأكثر من ذلك، يكاد يكون هناك اجماع فلسطيني على تحميل عباس تبعات الأزمة الفلسطينية الداخلية التي انجبت الانقسام البغيض الذي فرضه عباس بحجة استفراده وحزبه بالشرعية دون الآخرين، وانه يجب انتزاع الشرعية من الانقلابيين، وكأن الشرعية اهم بكثير من حياة شعبه المحاصرين..!!.

في الوقت ذاته، فقد زخرت وسائل الإعلام بالكثير من القصص والروايات حول مظاهر الفساد في عائلة عباس، سيما اثراء ابنائه الكبير واستئثارهم بعقود واحتكارات داخل فلسطين وخارجها، ناهيك عن إيراد الكثير من الأدلة على تدخلهم في شؤون الحكم وارسالهم كمبعوثين باسم الرئاسة.

رغم كل هذه الاتهامات الكفيلة بإرسال عباس خلف الشمس في مجتمع يحترم تاريخه النضالي وقائمة طويلة من شهداء مشروع تحرره الوطني، الا اننا نكتشف كل طلعة شمس ان عباس يفوز علينا جميعا ويبقى في موقعه بعكس كل التوقعات وكل الحملات لتوعية الجمهور بخطره..!!.

لأن المجتمع الفلسطيني ببساطة بحاجة الى قيادة واعية قوية ترفع بيرق التغيير وتنظم جهود جميع القوى والنخب في حملة وطنية منظمة بسقف زمني واضح للتخلص من هذا الرجل ومن نهجه ومن ازلامه ومن...من ...الذين يحتمي بهم.

ان تقصير وقصور الحملات الاعلامية والتوعوية التي تقودها وتنظمها النخب والفصائل للتحذير من استمرار تفرد عباس بالقرار، وحاجتنا كشعب فلسطيني الى عملية تغيير واسعة كفيلة بإعادة قطارنا النضالي الى سكة الحرية والتحرر، وفي المقابل نجاح عباس وآلته الاعلامية في استمرار تصويره كقائد وطني ملهم واضفاء هالة عليه من المكر والدهاء والخضرمة ..و ..و الخ من هذه الاوصاف الفرعونية، مقابل التحذير من الدمار الذي سيلحق بهم وبمصالحهم وبمستقبل ابنائهم اذا تولت فصائل المقاومة مثل حماس واخواتها قيادة مشروع التحرر الوطني، مستعينا بما آلت إليه غزة في ظل حكم حماس، ما جعل قطاعات غير قليلة من هذا المجتمع تتقبل الخط الدعائي الذي عكف عليه فريق عباس، والذي شدد فيه على تكرار مصطلحات حادة الزوايا كالشرعية، والممثل الشرعي والوحيد، والانقلاب.

إن عباس، الذي يدرك الدوافع المصلحية التي تحرك الجمهور الفلسطيني، فطن لاستثمارها بشكل مكثف وقد خاطب الجمهور الفلسطيني مبكرا في 2006م عقب فوز حماس، وخلال مسيرة مدفوعة من فتح ابان الازمة المبكرة المفتعلة لنقص رواتب الموظفين قائلا " لقمة العيش في النهاية أهم من كل نتائج الديمقراطية".

وعباس الذي ما فتئ يدندن على وتر الانتخابات يراهن على ان الناس سيندفعون إلى صناديق الاقتراع، لينتخبوه وفريقه تحت شعار هل تقبلون أن يتم إسقاطي لتحاصروا كما تحاصر غزة، وتحرموا من الرواتب كما يحرم موظفو حكومة حماس..!!.

وقد استغل اعلام عباس بعض التصريحات الشاذة التي تصدر بين الفينة والاخرى عن قيادات المقاومة وعلى رأسها حماس وصاغ شعارات عنصرية فئوية معكوسة تمارس سياسة الاسقاط النفسي لكنها تدغدغ مشاعر بعض الفلسطينيين تفيد بما معناه إن من لم يستطيع اعالة غزة اهلها وجر عليها الويلات والحروب كيف يمكن ان يعيل الوطن ويقوده نحو التحرر.!!.

وقد برع اعلام السلطة في تحويل خلاف عباس مع نتنياهو بشأن ملف المفاوضات والاستيطان إلى ورقة رابحة في مواجهة خصومه، حيث زعم مقربو عباس أكثر من مرة أن حماس تفتعل الأزمات من أجل الإضرار بفرص عباس بالفوز في معركته في المحافل الدولية.

اتبع عباس حتى الآن استراتيجية دعائية داخلية مؤثرة، فقد تجنب تفنيد الاتهامات التي توجه له ولجوقة الفاسدين حوله لأنه يعي أنه من الصعب دحض معظمها، واختار التشكيك في دوافع من اتهموه، ونجح في تصويرهم على أنهم "طابور خامس" يتعاون مع أعداء الوطن.

من ناحية ثانية، إن الاستطلاعات التي تجرى بين الفينة والأخرى قد تعطي حماس تفوقا احيانا، لكنها في الوقت ذاته دلت على أن أغلبية الجمهور الفلسطيني ترى في عباس الشخص الأكثر أهلية للرئاسة وهذا يعني أن الجمهور الفلسطيني وحتى وهو مستاء من أداء عباس وحركة فتح، إلا أنه لم ير أن هناك بديلا أفضل من عباس كمرشح للاستمرار في منصب الرئاسة، وهو لوم تتحمله الآلة الاعلامية لحماس وغيرها من الفصائل.

في الوقت ذاته، لا يمكن إغفال حقيقة أن الجمهور الفلسطيني يدرك حقيقة تآكل الفروق بين حماس وفتح، في ظل كثير من الممارسات الشاذة والأخطاء المتراكمة من كليهما، وسعي كل منهما لتوفير الشرعية والمراكز المتقدمة لقيادتهما على حساب مصالح الجمهور.

إن فوز نتنياهو مجددا لا بد ان يكون حافزا لحماس وغيرها من فصائل المقاومة لامتلاك زمام المبادرة للقيام بعملية اصلاح وتغيير شاملة، وتوظيف توجه نتنياهو لتشكيل حكومة يمينية ضيقة يمكن تضمين برنامجها العمل على إنهاء حكم حماس في غزة في أية مواجهة قادمة، عبر إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، والبقاء فيه فترة طويلة، مما يعني مواجهة الفلسطينيين تحديات كبيرا جدا، على الصعيد العسكري والسياسي والاقتصادي.

الأمر الذي يجب العمل معه على توظيف تقلص هامش المناورة أمام قيادة السلطة، ما يضعها أمام خيارات صعبة وسيكون صعبا معها استمرار النهج السابق للسلطة الذي يقدس التنسيق الامني مع العدو المحتل، مع ضرورة توظيف فشل مخطط السلطة للتوجه للمحافل الدولية ورفع دعاوى ضد "إسرائيل" أمام الجنايات الدولية.

إن حماس وفتح ومعهما كل فصائل المقاومة مطالبة اليوم بامتلاك زمام المبادرة الوطني للانتقال بالسلطة من مربع التنسيق الامني المقدس الى المربع المقابل الذي يجرم التنسيق الامني وقيادة تحول اجهزة السلطة من وظيفتها كمتعاون امني الى اجهزة امنية وطنية مناضلة تحمي ظهر المقاومة في الضفة المحتلة وتحويلها الى قنبلة متفجرة في خاصرة القريبة من قلبه.

إن لم يدفع فوز نتنياهو مجددا حماس وفتح ومعها كل فصائل المقاومة الآن إلى تعميق وتطبيق، المصالحة الفلسطينية، للتأكيد على وحدة الضفة وغزة، ومواجهة خطة نتنياهو لإبقاء الانقسام فمتى..!!

إن لم يدفع بقاء نتنياهو اربع سنوات أخرى في سدة القرار الصهيوني الأجهزة الأمنية الفلسطينية الآن الى رفع يدها الثقيلة عن الشعب، وعن سلاح المقاومة ، ووقف الاعتقالات السياسية، وإعادة الاعتبار للمقاومة بكافة أشكالها فمتى.!!

إن لم يحفز بقاء نتنياهو اربع سنوات أخرى عباس وأجهزته الأمنية الى وقف التنسيق الأمني مع العدو الآن، ووقف التخابر للنيل من المقاومة ورجالاتها فمتى..!!

إن لم يدفع بقاء نتنياهو اربع سنوات أخرى عباس وفريقه الآن للمضي قدما في محاكمة الاحتلال وتجريمه في محكمة الجنايات الدولية، و نزع الشرعية عن الاحتلال في مختلف المحافل الدولية، وعواصم العالم فمتى...!!.

إن لم يجعل بقاء نتنياهو اربع سنوات أخرى في الحكم السلطة تتخلص الآن من اتفاقية باريس الاقتصادية ، والشروع في عقد مبادلات تجارية مباشرة مع العالم فمتى..!!.

إن لم يدفع بقاء نتنياهو اربع سنوات أخرى عباس لحسم قراره الآن باتجاه إعادة تشكيل منظمة التحرير، وبحث خطوات حلّ السلطة، والبحث في خيارات نضالية أخرى فمتى..!!.

إن لم نتوجه موحدين بعد أيام قليلة الى القمة العربية في القاهرة، لعرض خياراتنا الوطنية واعتبار القمة العربية فرصة مواتية لعرض مشروع وطني فلسطيني وحدوي نحو مشروع تحرر وطني تدعمه امة بأكملها فمتى!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية