حماس المظلومة أضحت محظورة ... بقلم : أدهم أبو سلمية

الأربعاء 05 مارس 2014

حماس المظلومة أضحت محظورة

أدهم أبو سلمية

تجولت لبعض الوقت في أرشيف "حماس" وتاريخها الزاخر بالبطولات والإنجازات بدايةً من العمل الدعوي والاجتماعي في سبعينات القرن الماضي، مروراً بمشاركتها الفاعلة في إشعال "انتفاضة الحجارة" ومقارعة الاحتلال، وصولاً لواحدة من أهم المحطات التاريخية في عمر الحركة وهي محطة " الإبعاد" وتأسيس كتائب الشهيد عز الدين القسام التي أضحت اليوم رائدة العمل المقاوم.

تاريخ طويل تعرضت فيه الحركة لمنعطفات سياسية خطيرة بدأت مع عودة السلطة لفلسطين وملاحقتها للمقاومة وتجريمها واعتقال عناصرها، مروراً بمحاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي في الأردن واستمرت هذه المنعطفات السياسية تشتد حتى وصلت حماس للحكم بداية 2006م فوجدت نفسها وحيدة أمام نظام عربي مرهون للغرب يرفض التعاطي معها لينتهي بها المطاف عقب أحداث 2007م وحيدة في غزة محاصرة من كل الجهات.

وأمام تاريخ حماس المعقد سياسياً وجدت الحركة نفسها قادرة في كل المحطات على الحفاظ على مبادئها وثوابتها التي حددتها لنفسها والتي اعتبرت من خلالها "اسرائيل" هي العدو الوحيد للشعب الفلسطيني، فحافظت على طهارة بندقيتها ورفضت الانجرار إلى معارك خارج حدود الوطن المحتل على اعتبار أن المقاومة يجب أن تُبقي عملها داخل حدود فلسطين لأن تجارب البعض الفلسطيني في ساحات عربية أخرى أثبتت أن لها انعكاسات ضارة على القضية الفلسطينية.

في العام 2011م وجدت حماس نفسها كما العالم أمام موجة "الربيع العربي" ورغبة الشعوب في التغيير من تونس إلى سوريا مروراً باليمن وليبيا ومصر، فما كان من الحركة التي كانت تطالب دائماً هذه الجماهير بأن تقف معها في الحرية والكرامة إلا أن ترد الجميل لتعبر عن موقف ثابت " أنها مع حرية الشعوب دون تدخل في الشأن الداخلي لأي بلد عربي"، وسار الربيع العربي يشق طريقه في إسقاط الأنظمة القديمة واختيار أنظمة جديدة أثبتت أنها متعاطفة مع القضية الفلسطينية وقدمت يد العون لنصرتها وظهر ذلك بوضوح خلال معركة " حجارة السجيل".

في مصر كان التغيير عبر صناديق الاقتراع في خمس محطات انتخابية، فاز الإخوان المسلمين الجماعة التي تعتبر الأب الروحي لحركة حماس، ووصل الرئيس المصري محمد مرسي إلي سدة الحكم وباتت العلاقة بين غزة والقاهرة تشهد تحسناً طفيفاً على صعيد فتح معبر رفح وتخفيف الحصار عبر تسهيل حركة " الأنفاق" شريان الحياة لغزة المحاصرة.

ورغم فوز الإخوان حافظت حماس على مبادئها، وتعاملت مع القيادة الجديدة في القاهرة بطرق رسمية واضحة ولم يثبت أن الحركة تدخلت ولو للحظة في التجاذبات السياسية التي أعقبت فوز الإخوان بل حافظت الحركة على علاقات طيبة مع مختلف التيارات السياسية المصرية عبرت عنها من خلال زيارات ولقاءات قامت بها لكل مكونات المجتمع المصري.

لكن الإعلام المصري شكل منطلق للهجوم على حركة حماس وعملت المكنة الإعلامية المصرية على شيطنة الحركة في كل المناسبات، وبدأ سقف الاتهامات يشتد بعد استشهاد عدد من الجنود المصريين في سيناء في رمضان 2012م، ورغم أن مصر الرسمية وجهاز المخابرات العامة أكدت في كل المناسبات والمحطات أن حماس بريئة من كل التهم الموجهة إليها، إلا أن الإعلام ظل على حاله.

بعد أحداث 3 يوليو 2013م بدأت اللهجة الإعلامية تأخذ شكل " الحرب الإعلامية الممنهجة " في تجريم المقاومة وغزة وحماس، وخرجت دعوات من قيادات مصرية وشخصيات إعلامية وأمنية تطالب بضرب غزة وإغلاق معبر رفح، وبدأ الإعلام المصري يتهم حماس بأنها تقف خلف كل الأحداث وأعمال العنف في مصر دون أن يقدم ولو لمرة واحدة دليلاً مادياً على ما يقول.

وكان لمؤتمر المتحدث باسم الجيش المصري والذي وجه فيه اتهامات للحركة للمرة الأولى عن الأحداث الدائرة في سيناء أثر عميق في العلاقات المصرية الفلسطينية، وهو ما دفع الحركة لرفض الاتهامات ومطالبة السلطات المصرية بالأدلة على التهم الموجهة للحركة دون فائدة.

لتصل الأحداث إلي يوم الثلاثاء الرابع من مارس لعام 2014م، حين أعلنت محكمة مصرية حظر نشاط الحركة وتجميد عملها وإغلاق مقراتها في مصر، ليشكل هذا القرار صدمة أخرى وضربة قاسية في العلاقة بين مصر وفلسطين، فمثل هذه التهم لم يعتاد عليها شعبنا إلا من الاحتلال الصهيوني، وليس من دولة عربية شقيقة، ليسجل بذلك التاريخ في صفحاته السوداء سابقة خطيرة ووصمة عار ترتكب بحق المقاومة.

وجاء رد حماس معبراً عن أصالتها وقوتها وما تحمله من حب عميق لمصر وشعبها، رفضت حماس الاتهامات وظهر الألم والحزن على وجوه قادتها وأبنائها الذين وجدوا في شبكات التواصل الاجتماعي ملاذاً لمخاطبة الجمهور المصري أن ما بين فلسطين ومصر أعمق من أن تجرمه محكمة، وأن المقاومة الفلسطينية لا يمكن حظرها أو ملاحقتها لأن بوصلتها تجاه القدس القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وأضحت مع هذا القرار " حماس المظلومة حركة محظورة".
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية