حماس في الفكر الإسرائيلي(3)
علاء الريماوي
في مقال الأمس وصلنا في الحديث عن حركة المقاومة الإسلامية حماس إلى العام 2000 متناولين محاولة المؤسسة الإسرائيلية من خلال الضغط بالشراكة مع السلطة الفلسطينية حينها جر الحركة إلى مربع التسوية والقبول بهدنة طويلة الأمد.
هذا المخطط نعي حين بدأت المقاومة الفلسطينية تعيد بناء ذاتها، وترسم ملامح العلاقة الفلسطينية الداخلية من جديد خاصة في الدور الذي لعبه الشيخ أحمد ياسين والذي أعطى الثقة لعلاقة فلسطينية مختلفة بسبب تمتعه بشخصية ظلت صمام الأمان الذي حفظ الشارع الفلسطيني من الحرب الأهلية والتي ظلت إسرائيل تراهن عليها خاصة بعد انفلات قوة السلطة وانهيار مؤسساتها.
حديث القوة للحركة بلغ ذروته بتعافي الضفة الغربية والتي شكلت الذراع الأقدر على المواجهة للطبيعة الجغرافية ولاتساع خيارات الحركة من خلال حضور كافة قيادات الحركة الذين عاشوا تجربة المقاومة والفعل التنظيمي.
هذا الحديث تطلب من المؤسسة الأمنية قرارا تم أخذه في المجلس الوزاري المصغر يقضي بضرورة تصفية قيادة الحركة خاصة بعدما نفذت عمليات عسكرية هزت الأمن الإسرائيلي فكان من أوائل من تم اغتيالهم الجمالين منصور وسليم القيادة السياسية للحركة في مدينة نابلس.
هذا الحجم من التصعيد وصل إلى الذروة حين ذهبت الحركة إلى مداه الأوسع بعد عملية الدلفناريوم وماسبقها من عمليات ضخمة وضعت إسرائيل أمام تحد السيطرة على الضفة الغربية خاصة بعد وضوح حجم التنسيق بين الراحل ياسر عرفات والفصائل الفلسطينية وإشتراك الكل في مواجه الاحتلال.
هذا التحدي الكبير أنتج ما يعرف بعملية السور الواقي والذي كلف حركة حماس كثيرا من المس في بنيتها الاجتماعية والعسكرية لكنها واصلت البقاء والقدرة على المواجهة من خلال تطور البنية التنظيمية في قطاع غزة في كافة إتجاهتها وخاصة في الجانب العسكري والذي اعتبرته اسرائيل بداية انفلات حماس من السيطرة الأمنية التي ظلت تحاصرها لتؤسس بذلك الحركة وللمرة الأولى في تاريخيها الوجه الفلسطيني الأكثر حضورا في المشهد على حساب فتح ومنظمة التحرير خاصة بعد تعاطي كثير من المؤسسات والدول العربية مع الحركة كوجهة للدعم لما تتمتع به قياداتها من نظافة يد وحسن سيرة.
هذه الرمزية وضعت راسم السياسية في إسرائيل أمام معضلة التعاطي مع شعبية حماس في ظل قرار آخر وهو إعادة ترتيب البيت الداخلي على صعيد القيادة في حركة فتح.
هذه الرؤية كانت وراء اغتيال الرئيس ياسر عرفات ثم التصفيات الواسعة التي نالت من إسماعيل أبوشنب ومن ثم الشيخ احمد الياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقبلهم شحادة والمقادمة.
هذا التركيز في عمليات الإغتيال وإن مس في بنية الحركة لكنه أعطى زخما كبيرا من التأييد في الداخل الفلسطيني والعالمي للحركة حيث بدأت بعض المؤسسات البحثية تنذر من أن المضي في هذا المسار سينهي الحديث عن شراكة منظمة التحرير.
هذه الشراكة توفرت بعد ترتيب بيت فتح الداخلي على إثر رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وظهور القيادة الجديدة والتي كان يغلب عليها الجناح الغزي في قطاع غزة ممثلا بدحلان وتلامذته الثلاث.
دحلان في أوائل العام 2003 و2004 كان يرى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلة الزعيم الحقيقي الذي وجب دعمه وتقويته وهذا ما حدث خاصة بعد إقالة جبريل الرجوب المنافس في الضفة ليصبح دحلان الأكثر حضورا في تنفيذ المهمات على حساب شخصية رئيس السلطة مما جعل دحلان وبحسب بعض الأوراق الإسرائيلية يفكر جديا في منافسة السيد محمود عباس في منصب الرئاسة.
هذا الطموح وضع حماس في ذروة المواجهة مع دحلان الذي قام بدور الوكيل الإسرائيلي في توفير كافة المعلومات عن الحركة مما زاد وتيرة الاحتقان بين فتح وحماس في قطاع غزة وزاد شدة الخلاف داخل البنية التنظيمية في فتح ذاتها للدور الذي يلعبه دحلان.
هذا الواقع فتح سؤالا كبيرا في الساحة الفلسطينية حول شرعية ما يحدث في الأراضي الفلسطينية خاصة أن البنية المؤسسية والمرجعيات القائمة كلها كانت من خلال التعيين ليصبح الحديث واضحا عن ضرورة التوجه للانتخابات في العام 2005 مما خلق حالة من الإرباك في صفوف حماس التي فاجأت العالم بموقفها من الموافقة على المنافسة في الانتخابات.
حديث الانتخابات سيكون محور المقال الرابع إن شاء الله والذي فيه سنتناول الكفية التي فكرت فيها المؤسسة الإسرائيلية في تعاطيها مع حركة حماس.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية