حماس وفلسفة القدرة
علاء الريماوي
قدمت القناة العاشرة الإسرائيلية قراءة موسعة حول احتفالات الضفة الغربية التي دعت إليها حركة حماس في ذكرى انطلاقتها ال 25 متناولة زخم المشاركة، ونوعية الخطاب وحديث الناس.
في القراءة كان اللافت التركيز على جيل الشباب والأطفال الذين كانوا يحملون الرايات الخضراء ومن ثم البناء على حديثهم، الذي حاول معد القراءة توجيه مسار الحوار نحو تأطير حماس و فكرها على قواعد الموت والاستشهاد.
هذا الحديث أعقبه نقاش مهم حول السبب الذي عادت فيه حماس بقوة إلى الضفة برغم من سبعة أعوام من المتابعة، والحرب، والتجفيف.
في مخرجات النقاش كان واضحا غياب الفهم لبنية حماس القادرة على العودة بزخم حين الشعور بالبيئة الآمنة لأسباب وجب الانتباه لها والتي يمكن تلخيصها عبر النقاط الآتية:
1. اعتماد حماس على البنية التنظيمية السائلة في الضفة الغربية والتي لا تحتاج إلى بناء هرمي واضح المعالم في غالب الأحيان مما يجعل الدور التنظيمي قائما من خلال الجهد الفردي إذا غابت البنية التنظيمية.
2. رسوخ الحركة من خلال كم كبير من الشخصيات المحبوبة في المجتمع والذين لم ينقطعوا عن القيام بالدور المجتمعي الذي لا يلتفت إليه كثير من التنظيمات الفلسطينية.
3. البديل الفكري : تعتبر حماس الحركة الإسلامية الأهم القادرة على الانتشار في كافة الفئات المتدينة أو القريبة من حالة التدين البسيطة لوسطية الفكر الذي تحمل.
4. بروز الصف الشبابي في قيادة نشاطات الحركة والذي يميل في كثير من الأحيان إلى جانب التحدي خاصة في الجامعات الفلسطينية التي اعتمدت على مواردها الذاتية وأفكار شبابها دون الحاجة للرجوع إلى مستويات قيادية منظمة.
5. التجربة الغنية : نجحت الضربات الأمنية في تفكيك بنية الحركة لكنها فشلت في ردع محاولات الحركة في إعادة ترتيب القواعد التنظيمية والتي نقلت مستوى القيادة إلى الصف الرابع والخامس في الحركة.
6. الحالة الطوعية في الحركة : يقوم العمل في الحركة على فكرة العمل التطوعي و التعبدي والذي يرى في نشاط الحركة لدى أنصارها بأنه حالة من العبادة النافلة وأحيانا الفريضة لاقتران ذلك بمفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
7. المنهجية الفكرية الراسخة : حماس في منظومة التعبئة الفكرية تقوم على منهج جماعة الإخوان المسلمين المنتشرة في أصقاع الأرض والتي نجحت على الدوام في بناء منظومة وجودها من خلال العالم الافتراضي عبر التعبئة العامة والعلمية، والأنشطة العالمية التي تنقسم بين العمل العام والأسري.
8.التاريخ الملهم : تتمتع حماس في نظر مناصريها بتاريخ غني بالعمل المقاوم والفداء الكبير الذي قدمته قيادتها، والذي تجاوز فلسفة الظهور الإعلامي إلى عمل حقيقي تسبب باستشهاد أكثر من نصف قيادتها من الصف الأول.
9. خيبة المجتمع الفلسطيني من الفصائل الفلسطينية التي لا ترى في مساحات العمل الحقيقي والذي نجحت حماس في قيادته من خلال نموذج المقاومة والفعل في قطاع غزة.
هذه النقاط يضاف إليها إلى أن حماس تعتبر من الحركات الفكرية الراسخة و التي ثبت من خلال الاستقراء في المحيط العربي أن هذا النموذج من الحركات لا يموت وأن الأفكار لا تفنى وإن بدا على وجوه أصحابها التعب.
حماس نجحت في بناء قواعدها على أرض صلبة سقيت بتاريخ احمر أبقى لها وجودا محبوبا في قلوب الناس حتى الخصوم منهم.
هذا ما أغفله التقرير الإسرائيلي وهذا ما افتقده خصوم الحركات الإسلامية في الوطن العربي، لكن الأخطر الذي وجب التنبيه منه هو أن الخصومة مع أتباع مثل هكذا حركات يجب أن تظل في السياق العقلاني، لأنه إذا تحول إلى أدوات للقمع والتغييب فإن بواعث العنف تكون قائمة كما شوهد ذلك في التاريخ الحديث في المشرق العربي.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية