حينما تبكي أم بكر بلال والدة الأسرى الأربعة تبكي فلسطين .. بقلم : فؤاد الخفش

حينما تبكي أم بكر بلال والدة الأسرى الأربعة تبكي فلسطين .. بقلم : فؤاد الخفش

السبت 14 نوفمبر 2009

حينما تبكي أم بكر بلال والدة الأسرى الأربعة تبكي فلسطين

فؤاد الخفش

دير بالك على نفسك يا حبيبي... ولم تستطع أن تكمل حديثها بعد أن انهمرت الدمعات حرَّى من عينيها اللتين لم تعرفا إلاَّ الصبر والتحدي طوال العقود الثلاثة التي مضت ، بهذه الكلمات أنهت معي أم النسور كما يطيب لي أن أسميها الحاجة رابعة أم بكر بلال أم الأسرى الأربعة الذين فرقتهم عن بعضهم السجون وجمعتهم خسة سجان وحقد محتل .

كان هذا خلال حديثي مع الحاجة رابعة بعد أن أخبرتني نبأ اعتقال زوجة ابنها عبادة المعتقل والمحكوم بـ 10 سنوات ، كانت تتحدث بصعوبة وما أن تنهي جملة حتى تسبقها دمعات العين هي ليست زوجة ابني هي ابنتي ، ألا يكفي أن زوجها وجميع أخوة زوجها قيد الاعتقال وتعود الدمعات تسقط وحشرجة بالصوت تسيطر على المكالمة وتقف لتأخذ نفساً وتسأل بعد ذلك هل ما زلت معي على الخط هل تسمعني ؟؟ لم أستطع أن أجيب فدموعي التي انهمرت من عيني أغزر من دموعها والألم الذي اعتصر قلبي خوفاً من أن يصيب خالتي أم بكر أي مكروه لا سمح الله كبير علمت الحاجة أم بكر أني أبكي من خلال صوتي على الجانب الآخر فبكت وسكتت وقالت دير بالك على حالك يا حبيبي وانهت المكالمة.

دموع وصوت الحاجة رابعة التي لم أرها تبكي بيوم من الأيام أخذتني إلى بعيد إلى سنوات خمسة قد مضت الى الراحل الكبير الشيخ سعيد بلال تذكرت قسمات وجهه وهو يقرأ علي قصيدة كان قد أعدها لأولاده الخمسة المعتقلين في حينه وأسماها النجوم الخمسة كان يقرأ ويبكي وكنت أستمع وأبكي فتذكرت تلك القسمات وتذكرت كم هو صعب بكاء الرجال ، شيخ سبعيني كان كله أمله أن يأتي يوم يحتضن نسوره تحت جناحيه .

تذكرت الشيخ سعيد بلال وهو يتحدث لي عن الشيخ جمال منصور ويوم استشهاده هو ورفاقه وكيف انسابت دموعه وكيف بكى بحرقة وقال لي لقد جربت بحياتي كل شيء ولكن لأول مرة أشعر أني فقدت ولداً لي ، هذا الشعور لم أجربه إلاَّ اليوم بعد استشهاد الجمالين، خرج يحمل عكازته التي كان يستخدمها بدل قدمه المبتوره وقاد الجموع في يوم خرجت فيه نابلس بقضها وقضيضها تودع الجمالين ورفاقهم.

دموع أم بكر بلال أثارت في نفسي خواطر كثيرة وألماً شديداً وكلاماً كثيراً قد لا أستطيع أن أعبر عنه بسطور وكلمات ولكن ما أريد أن أقوله أن هناك من يقدم وقدم الكثير وهناك من ضحى ويضحي ومقابل كل هذه التضحيات الجسام تبقى إرادتهم وهممهم عالية ويرددون قول الله سبحانه وتعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) دموع أم بكر وكلماتها وقلقها من أن تلحق بزوجها من دون أن ترى أبناءها وتفرح بهم جعلتني أفكر كثيراً إلى أي نوع من البشر ينتمي هؤلاء الناس وإلى أي مدرسة تعود أصولهم ، والله لقد فاق الأذى الذي تعرضت له عائلة الشيخ سعيد بلال أذى صحابة كرام من ذلك الجيل الأول الفريد وقد وعدهم الرسول بالجنة .

وقفت .. تنهدت .. ثم قلت لخالتي الحاجة أم بكر" لا تدمعي يا غالية دمعك جرح خدي " فقالت لي تخاطب الأحباب الذين غابوا ولا تعلم أألقاهم أم أن الموت سيكون أسرع .!

يا راحلين عن الحياة وساكنين بقلبي المتصدع

أنتم حديث جوانحي في خلوتي أو مسمعي

كم قلت صبراً للفؤاد المفجع لكن صبري نافذ ومدامعي لم تنفعي

سأظل أبكي بعدكم كالعاشق المتلوع وأحبكم حتى وأنتم ترقصون لمصرعي

يا راحلين وساكنين بقلبي المتصدع هل تسمعون توجعي ..؟!


بكيت وبكت أم بكر وأظن أن فلسطين أيضا بكت من بكاء وأنين وألم أم النسور الأربعة التي يسمع توجعها كل ثائر وحر وأبي.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية