حين تستعصي رسائل "القسام" على أفهام المفلسين!
لمى خاطر
حتى لو أوقدت حماس أصابع مقاومتها شمعاً، وحتى لو أعلنت حرباً شاملة على الكيان الصهيوني، فستظل منظومة الحقد والمزايدة والغباء تطلق إشارات التشكيك البلهاء حول مغزى توقيت التصعيد، وستظل عاجزة عن فهم أبعاد إدارة حماس لمشروع المقاومة في غزة ومعها الفصائل الشريفة الحرة، لأن منظومة المزايدة ذاتها بعقليتها الفتحاوية المتخبطة ظلت منذ انطلاقة حماس تبخس مقاومتها حقّها وتواجهها بالطعن والتشكيك، فيما كانت مقاومة حماس تحصد الإنجازات المختلفة وينكفئ في المقابل دور وصوت منتجي بضاعة الإفك!
كان أمراً في غاية السخف أن تبادر أبواق مقاطعة رام الله للقول إن التصعيد يهدف لإفشال زيارة عباس لغزة، رغم أن حماس هي التي بادرت لدعوته، وهي التي مدّت يدها للمصالحة ابتداء، فيما كان خصمها الفتحاوي منقسماً على نفسه بشأن العلاقة مع حماس، لأن هناك من لا يحول نظره واهتمامه عن تبعات التصالح مع حماس والتي قد تكون مكلفة له (إسرائيليا)، خصوصاً وأن تصريح نتنياهو بأن على السلطة الاختيار ما بين سلام مع حماس أو سلام مع (إسرائيل) لن يلبث أن يتردد صداه في جنبات الغرف السياسية المغلقة في المقاطعة، كما في زنازين التعذيب في سجونها!
أن يخطّ القسام ومعه فصائل المقاومة معادلة ردع جديدة في القطاع هو أمر يقضّ مضاجع الجبناء من أرباب التنسيق الأمني ومنظريه، فهؤلاء يستقوون على ذبح المقاومة في الضفة عبر الاستحضار الدائم لزعم كاذب صنعوه بأنفسهم عنوانه تخلي حماس عن المقاومة في غزة، ولذلك فإن صنيع "القسام" المفاجئ لهم يقتضي الآن تدوير فرية قديمة بإخراج جديد لتفسير النهج القسامي الأخير والتشنيع عليه، ووسمه بـ(اللاوطنية)، رغم أن مكمن وهن تلك الفرية سيبرز في عجزها عن تفسير مغزى صواريخ الجهاد الإسلامي أو لجان المقاومة الشعبية، وفيما إذا كانت بدورها تستهدف عباس ومبادرة المصالحة!
القسام من جهته، لا نجده حافلاً بنعيق الغربان من حوله، ولا عابئاً بالتصريحات المنفلتة من عقال صوابها، لأن عينه كانت ولا زالت على جبهة مواجهة الاحتلال، ولأن جهده ظل منصباً على ابتداع أصول هذه المواجهة، وتطوير نديتها للمحتل، وتمتين دعائم مشروعها المقاوم. وحكومات الاحتلال وحدها من كانت ترتعد على وقع خطوات جيش القسام المتمدد طولا وعرضا في أرض غزة وفضائها، لأن فصيلاً يعدّ كتائبه لمواجه الكيان لا يمكن أن يُسْلم (إسرائيل) لنوم هادئ وطويل، كذلك الذي يوفره لها حراس أمنها في الضفة!
من يرغب بإتمام المصالحة لا يعلق فشلها وتراجعه عنها على شماعة التصعيد الميداني، لأن المصالحة الحقيقية القائمة على أصول سليمة يمكن إنجازها تحت الرصاص وفي ظل أعقد الظروف، وحدها المصالحة على طريقة أصحاب مشروع التسوية الخاسر من تعجز عن التنفس وغبار المواجهة يلهب الأجواء، ووحده منطق الجبناء من يبحث لنفسه دائما عن مخرج للهروب حين تحاصره لحظة الحقيقة!
ولحظة الحقيقة الفلسطينية تقول إن ميدان مواجهة المحتل هو من يميز الخبيث من الطيب، وهو من يعيد تأصيل معالم الصراع، ويشحن النفوس بمشاعر النضال مذكراً إياها بأن فلسطين لا زالت محتلة، ووحده من يتكفل بإلجام أبواق النفاق وإلزامها جحورها قبل أن تعود لواجهة المزايدة عند انجلاء غبار المعارك!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية