أمجد عرار
بات واضحاً أن الاحتلال الصهيوني اتخذ قراراً لا رجعة فيه بترك الأسير الفلسطيني خضر عدنان يلفظ أنفاسه الأخيرة مضرباً عن الطعام ليس كرهاً للطعام وحباً للجوع، إنما عشقاً للكرامة وبغضاً لذل الركوع. على خطى المناضل الإيرلندي بوب ساندرز الذي غادر الحياة بعد إضراب عن الطعام استمر خمسة وستين يوماً، يمضي خضر عدنان ولا نعلم إن كان سيجتاز تلك الفترة ويترك الرقم القياسي لصاحبه الإيرلندي.
ببرودة أعصاب يعلق ناطق باسم معتقلات الاحتلال: هو اتخذ قرار الإضراب، وهو الذي يوقفه. هذا يساوي اتخاذ قرار بقتله، لتوجيه رسالة أخرى للأسرى ألا تنبسوا ببنت شفة واقبلوا أن تمضوا ما قرره الاحتلال من مدة سجن خلف القضبان. هذا المنهج قاعدة وليس استثناء في سياسات هذا الاحتلال الأقسى والأشرس والأشد عنصرية في التاريخ.
قبل يومين كان خضر على موعد مع ما تسمى محكمة التمديد. راهن البعض على إمكان أن يوفّر الاحتلال على نفسه فضيحة استشهاد أسير مضرباً، فيما يتشدّق قادته ومسؤولوه بأنه واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، وفيما يحمل حماته الغربيون ومؤسساتهم التي ترفع شعارات حقوق الإنسان كذباً ودجلاً ونفاقاً للتغطية على أقبح النزعات الاستعمارية عبر التاريخ، واستغلالاً لأسوأ مرحلة في تاريخ العرب والمسلمين. كان القرار في ما تسمى "محكمة" جاهزاً بالتمديد أربعة أشهر لاعتقال إداري وفق قانون خلّفه الاستعمار البريطاني، وهو اعتقال بلا محاكمة، أو لائحة اتهام.
هذه ليست الحالة الأولى التي يضرب فيها الأسرى الفلسطينيون عن الطعام، لكنها الأولى لإضراب فردي يطول إلى هذا الحد. هناك أسرى سبقوا خضر على طريق الاستشهاد في معركة الأمعاء الخاوية في المعتقلات الصهيونية، عبدالقادر أبو الفحم سنة 1970، وراسم حلاوة وأنيس دولة وعلي الجعفري واسحق مراغة سنة ، قضى هؤلاء في معركة الجوع لا طلباً لفتح سينما لهم في المعتقلات، ولا للحصول على إجازة لحضور مراسم دفن أم أو أب أو المشاركة في حفل زواج أخت كما حصل مع الصهيوني الذي قتل اسحاق رابين، إنما لتحقيق الحد الأدنى من شروط الحياة للبشر، لكن ليس ما دون الكرامة التي من أجلها أدخلوا المعتقلات، والتي من أجلها استشهد رفاقهم في شتى الساحات.
تمديد الاعتقال يعني الموت. المسؤولون الفلسطينيون توقّعوا انفجاراً في السجون وفي الشارع الفلسطيني إذا استشهد عدنان. إذاً الشارع الفلسطيني الذي انقسم حول التسوية وسيلتئم على ما يبدو تحت رايتها سينتفض ويثور، لكن بعد أن يستشهد عدنان. وبعد أيام العزاء الثلاثة سيعود الشارع إلى شارعيته بانتظار الأسير التالي الذي سينتظرون تحطيمه لرقم قياسي جديد.
خضر عدنان يطوي يومه الستين، والصحافة تنتظر تحطيم الرقم القياسي، ربما لتدوينه في موسوعة "غينيس" بجانب أكبر شوارب وأضخم منسف وأطول لسان. الاحتلال لا يكترث بمليار ونصف المليار عربي ومسلم يلوكون الكلام كما العلكة التي فقدت مذاقها بعد الثواني العشر الأولى وأضحت بلا مذاق، فلا هم مضغوها ولا تخلصوا منها. ها هم يعدون الأيام ولا يستطيعون أكثر من ذلك. إذاً العالم المتأمرك ليس معنياً بحقوق إنسان يموت ببطء، فقط لأنه لا يملك عيوناً زرقاء وشعراً أشقر، ولأن الكثيرين من قوم خضر وربعه لا يكترثون به، فهم سبقوه في تحطيم الأرقام القياسية عندما أضربوا منذ سبعة عقود عن الإحساس بالكرامة.
صحيفة الخليج الإماراتية
ببرودة أعصاب يعلق ناطق باسم معتقلات الاحتلال: هو اتخذ قرار الإضراب، وهو الذي يوقفه. هذا يساوي اتخاذ قرار بقتله، لتوجيه رسالة أخرى للأسرى ألا تنبسوا ببنت شفة واقبلوا أن تمضوا ما قرره الاحتلال من مدة سجن خلف القضبان. هذا المنهج قاعدة وليس استثناء في سياسات هذا الاحتلال الأقسى والأشرس والأشد عنصرية في التاريخ.
قبل يومين كان خضر على موعد مع ما تسمى محكمة التمديد. راهن البعض على إمكان أن يوفّر الاحتلال على نفسه فضيحة استشهاد أسير مضرباً، فيما يتشدّق قادته ومسؤولوه بأنه واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، وفيما يحمل حماته الغربيون ومؤسساتهم التي ترفع شعارات حقوق الإنسان كذباً ودجلاً ونفاقاً للتغطية على أقبح النزعات الاستعمارية عبر التاريخ، واستغلالاً لأسوأ مرحلة في تاريخ العرب والمسلمين. كان القرار في ما تسمى "محكمة" جاهزاً بالتمديد أربعة أشهر لاعتقال إداري وفق قانون خلّفه الاستعمار البريطاني، وهو اعتقال بلا محاكمة، أو لائحة اتهام.
هذه ليست الحالة الأولى التي يضرب فيها الأسرى الفلسطينيون عن الطعام، لكنها الأولى لإضراب فردي يطول إلى هذا الحد. هناك أسرى سبقوا خضر على طريق الاستشهاد في معركة الأمعاء الخاوية في المعتقلات الصهيونية، عبدالقادر أبو الفحم سنة 1970، وراسم حلاوة وأنيس دولة وعلي الجعفري واسحق مراغة سنة ، قضى هؤلاء في معركة الجوع لا طلباً لفتح سينما لهم في المعتقلات، ولا للحصول على إجازة لحضور مراسم دفن أم أو أب أو المشاركة في حفل زواج أخت كما حصل مع الصهيوني الذي قتل اسحاق رابين، إنما لتحقيق الحد الأدنى من شروط الحياة للبشر، لكن ليس ما دون الكرامة التي من أجلها أدخلوا المعتقلات، والتي من أجلها استشهد رفاقهم في شتى الساحات.
تمديد الاعتقال يعني الموت. المسؤولون الفلسطينيون توقّعوا انفجاراً في السجون وفي الشارع الفلسطيني إذا استشهد عدنان. إذاً الشارع الفلسطيني الذي انقسم حول التسوية وسيلتئم على ما يبدو تحت رايتها سينتفض ويثور، لكن بعد أن يستشهد عدنان. وبعد أيام العزاء الثلاثة سيعود الشارع إلى شارعيته بانتظار الأسير التالي الذي سينتظرون تحطيمه لرقم قياسي جديد.
خضر عدنان يطوي يومه الستين، والصحافة تنتظر تحطيم الرقم القياسي، ربما لتدوينه في موسوعة "غينيس" بجانب أكبر شوارب وأضخم منسف وأطول لسان. الاحتلال لا يكترث بمليار ونصف المليار عربي ومسلم يلوكون الكلام كما العلكة التي فقدت مذاقها بعد الثواني العشر الأولى وأضحت بلا مذاق، فلا هم مضغوها ولا تخلصوا منها. ها هم يعدون الأيام ولا يستطيعون أكثر من ذلك. إذاً العالم المتأمرك ليس معنياً بحقوق إنسان يموت ببطء، فقط لأنه لا يملك عيوناً زرقاء وشعراً أشقر، ولأن الكثيرين من قوم خضر وربعه لا يكترثون به، فهم سبقوه في تحطيم الأرقام القياسية عندما أضربوا منذ سبعة عقود عن الإحساس بالكرامة.
صحيفة الخليج الإماراتية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية