خندق "نتانياهو"
د. فايز أبو شمالة
أفهم تخوف "نتانياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي من تصاعد قوة الإسلاميين في الوطن العربي، وأقدر حجم الخطر المحدق بدولة الكيان جراء قيام دولة إسلامية عالمية، ولكنني لا أفهم الأسباب التي تجعل السيد "توفيق الطيراوي" عضو اللجنة المركية لحركة فتح، يتخوف من تصاعد قوة الإسلاميين، ليقول في حفلة تخريج دورة شبابية لحركة فتح في رام الله: على حركة فتح، والتيارات الوطنية في العالم تنظيم نفسها بما يسمح بوقف تقدم مد الإخوان المسلمين، فهدفهم دولة إسلامية عالمية، وليس دولة فلسطينية مستقلة".
من حق شباب فتح أن يسألوا السيد الطيراوي: وماذا يضيرنا من وجود دولة إسلامية عالمية، تختفي معها دولة إسرائيل، وتكون فلسطين جزء من هذه الدولة؟ ومن حق شباب فلسطين السؤال: وماذا عاد علينا من اللهاث خلف دولة فلسطينية مستقلة عشرين سنة؟ وماذا كسب شباب فلسطين من الأنظمة التي يسعى "الطيراوي" لمواصلة التحالف معها؟ وإذا كان خيار الشعب العربي هو الإسلام، فلماذا يحزنك خيار الشعب؟ ومن حق كل وطني أن يسأل: متى وأين فرط رجال الإسلام بوطنهم، كي تستحث التيارات الوطنية لمواجهة المد الإسلامي، والتجربة العربية تقول: إن الحزب الإسلامي هو حزب وطني أولاً، بينما الحزب الوطني كان أبعد ما يكون عن الوطنية، واسأل المصريين عن أسباب ثورتهم على حزبهم الوطني؟ عندما يخاف "نتانياهو" من انتصار الأحزاب الإسلامية في الانتخابات الديمقراطية، ويتآمر عليها، فهو يحمي حلم اليهود، ويصون دولتهم، ويبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس، وهو يستحث أمريكا لإقامة صندوق دولي لدعم خصوم الإسلاميين في العالم العربي، ممن أسماهم ذوي التوجهات الليبرالية، مشبها هذه الخطة بخطة (مارشال) التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدعم أوروبا الغربية. فهل يمكنني الاستنتاج من حديث الطيراوي؛ أن بعض الفلسطينيين ارتضوا أن يكونوا جزءاً من هذا الحلف، وأن يجندوا أنفسهم وطاقة الشعب الفلسطيني لخدم الهدف نفسه الذي يطمح إليه "نتانياهو"، وسيجمع له الأموال؟!
أفهم دواعي النزاع الشريف على الحكم، والتنافس الديمقراطي بين الأحزاب، والمزاحمة لكسب ود الشارع الفلسطيني والعربي، ولكن أن يتطور الانقسام في الرأي إلى حد التناغم مع أهداف الإسرائيليين، ليزج السيد توفيق الطيراوي الفلسطينيين في تحالف مشبوه مع "نتانياهو" في إسرائيل، ومع مجموعات "نجيب ساويرس" في مصر؟
من المفارقات العجيبة، أن السيد توفيق الطيراوي يختتم كلامه بالتأكيد على حتمية فوز الإخوان المسلمين في كل الانتخابات الديمقراطية القادمة، ويعرف أن نجاح الإخوان المسلمين في الوطن العربي هو نجاح حركة حماس أيضاً، ومع ذلك يصر على معاندة الحقيقة، وتحدي الإعصار الإسلامي الجارف بكوخ من القش.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية