خيارات الفلسطينيين الحتمية
الآن، يهدد الأميركيون والاحتلال بمعاقبة الفلسطينيين على الانضمام إلى الهيئات والمعاهدات الدولية. وقد فسّرت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة، سمانثا باور، أسباب غضب إدارة بلادها من عباس: "إن الأعمال أو التحركات أحادية الجانب للانضمام إلى الهيئات الدولية ليست منتجة ولن تخلق سلاماً دائماً، وتفضل (إدارة أوباما) عملية سلام متفاوضا عليها بين إسرائيل وفلسطين". وتضيف باور: "كانت محادثات السلام الكثيفة، التي جرت بوساطة وزير الخارجية جون كيري في وقت سابق من هذا العام قد أخفقت في جزء منها بسبب إصرار المفاوضين الفلسطينيين على الانضمام إلى معاهدات الأمم المتحدة واتفاقياتها المختلفة".
إذن، يغضب التحاق فلسطين بالهيئات والمعاهدات الأميركان والكيان لأنه قد يحرجهم ويضغط عليهم، في حين أن "المفاوضات" التي لا تفضي إلى شيء تريحهم وتعمل لصالحهم، وضد مصلحة الفلسطينيين. وينبغي أن يحدد ذلك بالضبط خريطة عمل الفلسطينيين: فلنفعل ما يضايقهم ونتوقف عما يريحهم. وبغض النظر عما يقترحه الناصحون العرب الاستسلاميون وأنصار الكيان الغربيون، فإن عباس أو غيره سيفعل الشيء الصحيح حين يعمل عكس هذه الاقتراحات. وربما لو أنه انضم إلى محكمة الجنايات الدولية في وقت سابق، لكان سيستفيد من الضغط الذي يشكله ذلك في تقديم مشروعه للأمم المتحدة، وليس العكس. إنهم سيعطونك شيئاً إذا ضايقتهم فقط. وفي هذا كل المنطق الذي أكدته التجربة الفلسطينية وغيرها.
في تفسير أسباب عدم التوصل إلى سلام، يستشهد المراقبون دائماً بتساهل السلطة الفلسطينية وعيش الاحتلال في شهر عسل طويل. ويذكر المراقبون كيف أن استرخاء المستوطنين في فلسطين التاريخية، يشجعهم على دعم الحكومات اليمينية المتشددة، وعلى عدم دفع قادتهم إلى السلام أو منح أي شيء للفلسطينيين. لماذا يضغطون، ولا يدفعون حتى إلى مزيد من القسوة على الفلسطينيين، ما دام ذلك يسكتهم ويحبط رغبتهم في المقاومة؟
في الحديث عن الخيارات الفلسطينية بعد الإخفاق الأخير المتوقع في الأمم المتحدة، ينبغي البحث عن الوسائل التي ربما تجعل مسعى مماثلاً ينجح في المستقبل. والطبيعي أن لا يكون من بين هذه الخيارات أي شيء يوافق رغبات حكومات الكيان والإدارات الأميركية. يجب الضغط بكل الوسائل التي لا يحبها هؤلاء، بعد أن لم يعد للفلسطينيين ما يخسرونه منذ فترة طويلة. والوصفة المنطقية -إذا تم الاعتراف بالمبدأ- معروفة: وقف التنسيق الأمني مع الكيان؛ استعادة خيار المقاومة الفلسطينية كضرورة؛ التخلص من التمزق الفلسطيني والفصائلية القاتلة؛ إعادة إشراك كل الجماهير الفلسطينية في الداخل والشتات في العمل والرأي؛ إعادة تعريف الثوابت والأهداف والمطالب الفلسطينية واعتناقها بعناد، والتوقف النهائي عن التفاوض بلا روافع.
ماذا لو تسبب ذلك بوقف تمويل "السلطة" وحلها؟ إذا كان شرط إدامة السلطة هو عملها بشروط الاحتلال والأميركان وضد شعبها، كما يحدث، فليس أوضح من الخيار الوطني!
علاء الدين أبو زينة
تقول الولايات المتحدة إنها عارضت مشروع قرار إقامة الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن لأن الرئيس الفلسطيني خالف مشورتها. ولو كان عباس والفلسطينيون يستمعون إليها ويطيعونها، إذن لكانوا قد أخذوا دولتهم منذ زمن، كما تقول. وفي تأكيد هذا الرأي، قالت افتتاحية هيئة تحرير "الواشنطن بوست" يوم الثلاثاء الماضي، إن عباس كان قد رفض "إطار العمل" الذي توسطت فيه أميركا لخلق دولة فلسطينية. ولو وافق عباس، حسب الصحيفة، "لكان الزخم في اتجاه الدولة قد تسارع مسبقاً"، لكن "عباس يبدو (بتقديمه مشروع الدولة) مستعداً للإصرار على الفشل، فقط بعد بضعة أشهر من رفضه مبادرة أميركية كانت لها فرصة خلق الدولة التي يريد".
غريب! ما الذي يجب أن يفعله عباس لإرضاء أميركا والاحتلال أكثر مما فعل؟ أكثر من 22 عاماً من المفاوضات الفاشلة؛ والتنسيق الأمني "المقدس"، حسب تعبيره؛ وإعدام خيار المقاومة؛ وما لا يُعد من التنازلات عن الأساسيات الفلسطينية. وقبل عباس أيضاً، قال الأميركيون إن الراحل، ياسر عرفات، فرّط أيضاً بـ"الفرصة" التاريخية، فرفض العرض "السخي" الذي قدمه له إيهود باراك. لكن الكذب الأميركي المتواصل والمفضوح في الشأن الفلسطيني غير محتاج إلى إثبات. لم يحدث لدقيقة واحدة أن توفرت لدى الإدارات الأميركية الإرادة الأخلاقية لإعطاء الفلسطينيين أي حق ولا دولة، حتى لو زحفوا على ركبهم.
تقول الولايات المتحدة إنها عارضت مشروع قرار إقامة الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن لأن الرئيس الفلسطيني خالف مشورتها. ولو كان عباس والفلسطينيون يستمعون إليها ويطيعونها، إذن لكانوا قد أخذوا دولتهم منذ زمن، كما تقول. وفي تأكيد هذا الرأي، قالت افتتاحية هيئة تحرير "الواشنطن بوست" يوم الثلاثاء الماضي، إن عباس كان قد رفض "إطار العمل" الذي توسطت فيه أميركا لخلق دولة فلسطينية. ولو وافق عباس، حسب الصحيفة، "لكان الزخم في اتجاه الدولة قد تسارع مسبقاً"، لكن "عباس يبدو (بتقديمه مشروع الدولة) مستعداً للإصرار على الفشل، فقط بعد بضعة أشهر من رفضه مبادرة أميركية كانت لها فرصة خلق الدولة التي يريد".
غريب! ما الذي يجب أن يفعله عباس لإرضاء أميركا والاحتلال أكثر مما فعل؟ أكثر من 22 عاماً من المفاوضات الفاشلة؛ والتنسيق الأمني "المقدس"، حسب تعبيره؛ وإعدام خيار المقاومة؛ وما لا يُعد من التنازلات عن الأساسيات الفلسطينية. وقبل عباس أيضاً، قال الأميركيون إن الراحل، ياسر عرفات، فرّط أيضاً بـ"الفرصة" التاريخية، فرفض العرض "السخي" الذي قدمه له إيهود باراك. لكن الكذب الأميركي المتواصل والمفضوح في الشأن الفلسطيني غير محتاج إلى إثبات. لم يحدث لدقيقة واحدة أن توفرت لدى الإدارات الأميركية الإرادة الأخلاقية لإعطاء الفلسطينيين أي حق ولا دولة، حتى لو زحفوا على ركبهم.
الآن، يهدد الأميركيون والاحتلال بمعاقبة الفلسطينيين على الانضمام إلى الهيئات والمعاهدات الدولية. وقد فسّرت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة، سمانثا باور، أسباب غضب إدارة بلادها من عباس: "إن الأعمال أو التحركات أحادية الجانب للانضمام إلى الهيئات الدولية ليست منتجة ولن تخلق سلاماً دائماً، وتفضل (إدارة أوباما) عملية سلام متفاوضا عليها بين إسرائيل وفلسطين". وتضيف باور: "كانت محادثات السلام الكثيفة، التي جرت بوساطة وزير الخارجية جون كيري في وقت سابق من هذا العام قد أخفقت في جزء منها بسبب إصرار المفاوضين الفلسطينيين على الانضمام إلى معاهدات الأمم المتحدة واتفاقياتها المختلفة".
إذن، يغضب التحاق فلسطين بالهيئات والمعاهدات الأميركان والكيان لأنه قد يحرجهم ويضغط عليهم، في حين أن "المفاوضات" التي لا تفضي إلى شيء تريحهم وتعمل لصالحهم، وضد مصلحة الفلسطينيين. وينبغي أن يحدد ذلك بالضبط خريطة عمل الفلسطينيين: فلنفعل ما يضايقهم ونتوقف عما يريحهم. وبغض النظر عما يقترحه الناصحون العرب الاستسلاميون وأنصار الكيان الغربيون، فإن عباس أو غيره سيفعل الشيء الصحيح حين يعمل عكس هذه الاقتراحات. وربما لو أنه انضم إلى محكمة الجنايات الدولية في وقت سابق، لكان سيستفيد من الضغط الذي يشكله ذلك في تقديم مشروعه للأمم المتحدة، وليس العكس. إنهم سيعطونك شيئاً إذا ضايقتهم فقط. وفي هذا كل المنطق الذي أكدته التجربة الفلسطينية وغيرها.
في تفسير أسباب عدم التوصل إلى سلام، يستشهد المراقبون دائماً بتساهل السلطة الفلسطينية وعيش الاحتلال في شهر عسل طويل. ويذكر المراقبون كيف أن استرخاء المستوطنين في فلسطين التاريخية، يشجعهم على دعم الحكومات اليمينية المتشددة، وعلى عدم دفع قادتهم إلى السلام أو منح أي شيء للفلسطينيين. لماذا يضغطون، ولا يدفعون حتى إلى مزيد من القسوة على الفلسطينيين، ما دام ذلك يسكتهم ويحبط رغبتهم في المقاومة؟
في الحديث عن الخيارات الفلسطينية بعد الإخفاق الأخير المتوقع في الأمم المتحدة، ينبغي البحث عن الوسائل التي ربما تجعل مسعى مماثلاً ينجح في المستقبل. والطبيعي أن لا يكون من بين هذه الخيارات أي شيء يوافق رغبات حكومات الكيان والإدارات الأميركية. يجب الضغط بكل الوسائل التي لا يحبها هؤلاء، بعد أن لم يعد للفلسطينيين ما يخسرونه منذ فترة طويلة. والوصفة المنطقية -إذا تم الاعتراف بالمبدأ- معروفة: وقف التنسيق الأمني مع الكيان؛ استعادة خيار المقاومة الفلسطينية كضرورة؛ التخلص من التمزق الفلسطيني والفصائلية القاتلة؛ إعادة إشراك كل الجماهير الفلسطينية في الداخل والشتات في العمل والرأي؛ إعادة تعريف الثوابت والأهداف والمطالب الفلسطينية واعتناقها بعناد، والتوقف النهائي عن التفاوض بلا روافع.
ماذا لو تسبب ذلك بوقف تمويل "السلطة" وحلها؟ إذا كان شرط إدامة السلطة هو عملها بشروط الاحتلال والأميركان وضد شعبها، كما يحدث، فليس أوضح من الخيار الوطني!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية