دبلوماسية حماس الناعمة...بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الخميس 02 فبراير 2012

دبلوماسية حماس الناعمة
د. أيمن أبو ناهية


لقد عودتنا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن تكون دائماً في خط الدفاع الأول من المواجهة والمقاومة للاحتلال بما أنها تتبنى منهج الجهاد ولم تتراجع عنه حتى زوال الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية، وبجانب ذلك تريد اليوم أن تثبت من جديد أنها قادرة على أن تسلك طريق الدبلوماسية وفتح علاقات صداقة مع الجميع، حيث تراكمت لديها خبرة كبيرة في هذا المجال منذ نجاحها في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006 وتشكيلها للحكومة، والتي استطاعت حينها كونها أول تجربة لها في الحكم أن تشق الطريق الشائك وتتخطى الصعاب وتتحدى ما هو محتل متربص بها وما هو متآمر عليها لا يريد لها النجاح والاستمرار وكلاهما بمثابة عدو لها، لأن حركة حماس ببرنامجها الديني الدعوي والسياسي الدبلوماسي آخذة في التصاعد المستمر وشعبيتها تزداد يوماً بعد يوم، لما حققته من إنجازات حقيقية على الأرض سواء على الصعيد الديني أو السياسي أو الاجتماعي أو العسكري.



فحركة حماس أثبتت بفضل حكمتها وحنكتها السياسية والدبلوماسية وجودها على الصعيد المحلي والدولي والإقليمي باعتراف جميع الأطراف المحلية والدولية، فهي تمثل إحدى شرائح المجتمع الفلسطيني ومكون فلسطيني أساسي لا يستطيع كائن من كان إنكار ذلك، حيث تركز جل اهتمامها على الشأن الفلسطيني وترفض التدخل في الشؤون العربية الداخلية، وهي -كما يعلم الجميع- لم تكن رقماً زائداً يضاف إلى الأرقام الموجودة على الساحة الفلسطينية، بل هي حركة جهادية مناضلة ضد الاحتلال الإسرائيلي وتدافع عن حقوق وكرامة الشعب الفلسطيني ومتمسكة بالثوابت الوطنية التي تعب منها البعض وأخذ في الاستسلام للاحتلال وعرابيه، فهي تعلم أن ثمن ذلك مزيد من الدماء والشهداء، لأنها على يقين أن الحقوق لا تسترد عبر طاولات التفاوض والتنازلات والاستجداء، وإنما تقتنع بالنظرية القائلة "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، وليس المقصود هنا اقتصار القوة على المقاومة فقط، بل أيضا يصب هذا المعنى في الجهود الدبلوماسية وبناء التحالفات المساندة لها من الناحية المادية، والناحية السياسية، والناحية الأمنية والعسكرية.



وبالتالي تعتبر التحركات الدبلوماسية النشطة لحركة حماس بقيادة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل ورئيس الوزراء الأستاذ إسماعيل هنية في الساحة العربية والدول الإسلامية خطوات مهمة تعزز وجهة نظر الحركة من مجمل الأوضاع الفلسطينية مقابل الصورة المشوهة التي يعرضها أعداؤها عن مواقف الحركة غير الصحيحة بتلفيق التهم الباطلة لها بهدف ضرب العلاقة القائمة بين حركة حماس وبين الأنظمة العربية وغير العربية لإقصاء حماس عن محيطها العربي والإسلامي وهما يشكلان البعد الحقيقي للقضية الفلسطينية.



وبناء عليه لا تريد حركة حماس أن تركن إلى المقولة القديمة أن مواقفها واضحة من الجميع، وأنها ليست بحاجة إلى توضيح على أنها تقف على مسافة واحدة إزاء القضايا العربية والإسلامية في المنطقة، أو مقولة أن الدول العربية والإسلامية يعرفون جيداً مواقف الحركة ويقدمون لها الدعم المعنوي والمادي والجماهيري، وحتى لو كان هذا بالفعل صحيحاً فلا يغني الأمر من أن يوضح قادة الحركة الصورة الحقيقية للحركة أمام القادة والزعماء العرب وغير العرب ممن يفتح أبوابه للدبلوماسية الحمساوية. وبالتالي فقد رأت حركة حماس انه لا بد العودة من جديد لفتح قنوات دبلوماسية مع الأشقاء العرب والمسلمين للإفصاح عن مواقفها وسياساتها واتجاهاتها وميولها وأهدافها ونظرتها المستقبلية بما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، وفي طليعتها إنهاء الانقسام والشروع في المصالحة وإعادة اللحمة الوطنية.



لقد استطاعت حركة حماس وحكومتها من خلال دبلوماسيتها الناعمة والهادئة اختراق الحصار السياسي المفروض عليها من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلية ومن آزرها من بني جلدتنا، فقد زار رئيس الحكومة الأستاذ إسماعيل هنية مؤخراً دولاً عربية وغير عربية ولقي ترحاباً كبيراً من حكومات وشعوب تلك الدول، حيث أطلعهم على مواقف وسياسة حركة وحكومة حماس الداخلية والخارجية، والآن ذهب ليستكمل جولته في البلاد العربية والإسلامية بعد تلقيه دعوات الزيارة من تلك الدول وفي جعبته أهمم الملفات ألا وهي دور الوساطة العربية والإسلامية في فك الحصار وإنهاء الانقسام ودعم الشعب الفلسطيني بالتصدي للاحتلال وسياسة الاستيطان والتهويد، كذلك الحال استطاع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل القيام بسلسلة زيارات في الأقطار العربية والإسلامية لفتح الطريق أمام بناء جسور المحبة وإقامة علاقات طيبة والتغلب على بعض المسائل الخلافية التي كانت تحول بينهما، حيث استطاع إرجاع العلاقات إلى طبيعتها وإعادة المياه إلى مجاريها مع المملكة الأردنية الهاشمية بعد قطيعة استمرت طوال العقد السابق.



إن الأمر لا يقتصر على الدول العربية والإسلامية فقط بل إن هناك كثيراً من الجولات والزيارات التي قام بها شخصيات وقيادات ونواب ووزراء ورؤساء بلديات من حركة حماس إلى عديد من الدول العربية والغربية الذين استطاعوا من خلال الدبلوماسية الناعمة أن يقنعوا تلك الدول وشعوبها بمطالب الحركة العادلة تجاه القضية الفلسطينية وتعرية صورة الاحتلال الحقيقية من عدوان وتهويد واستيطان وتهجير وقتل والاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية بغير حق، مما انعكس الأمر إيجاباً على القضية الفلسطينية، فاليوم نجد أصواتًا غربية ترتفع ضد الاحتلال ومساندة للحق الفلسطيني، كما شاهدناها أثناء التصويت في اليونسكو لصالح فلسطين بضمها رسمياً عضواً لديها في أواخر العام الماضي.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية