دروس وعبر سريعة من انتخابات مجالس الطلبة بالضفة الغربية
ياسين عز الدين
للعمل الطلابي داخل الجامعات أهمية بالغة للكتلة الإسلامية خصوصًا ولحركة حماس عمومًا، كونها المكان الذي يتم فيه صناعة كوادر وقيادات الحركة سواء السياسية منها أو العسكرية، وفي ظل الاستنزاف المتواصل لكوادر الحركة منذ تأسيسها فإن عملية تجديد الدماء تكتسب أهمية خاصة جدًا.
والمشاركة بالانتخابات لها أهمية من ناحيتين: الأولى أنها تقيس مدى تفاعل المجتمع الجامعي بشكل خاص والمجتمع الفلسطيني الواسع عمومًا مع الكتلة الإسلامية وما تطرحه من فكر وسياسة وعمل نقابي، والثانية أنها فرصة للاحتكاك بالطلبة وتعريف نفسها إليهم ولتنشيط الكوادر وتجنيد عناصر جديدة.
وبالتالي فغياب الكتلة الإسلامية عن الساحة طوال السنوات الماضية سواء على مستوى النشاطات أو المشاركة بالانتخابات أدى إلى انحسار قوتها وتأثيرها بل وأثر سلبًا على حركة حماس وقوتها بالشارع كونها افتقدت أقوى أجهزتها وأكثرها حيوية وتفاعلًا مع الأحداث – أي الذراع الطلابي.
ولعل العودة الخجولة والمترددة إلى الساحة الطلابية في العامين الأخيرين تؤشر إلى وجود نفس جديد لدى أبناء حركة حماس (نفس الحمساوي الجديد) وذلك من خلال العودة إلى النشاط الميداني والاحتكاك بالجماهير، وقد ساهمت عدة أمور بذلك منها: الوصول إلى قناعة أن الظروف الطارئة التي حلت بعد الحسم عام 2007م أصبحت دائمة وبات من الضروري التأقلم والتكيف معها وعدم انتظار حلول من الخارج، والحملات والمبادرات المختلفة ضد الاعتقال السياسي وضد الخضوع للاستدعاءات، وأخيرًا حرب غزة الثانية.
ما الذي نستفيده من التجربة الانتخابية لهذا العام؟
أولًا،لحد الآن لم تستطع الكتلة أن تعود إلى ذروة قوتها كما كانت نهاية التسعينات وخلال انتفاضة الأقصى، ولهذا أسباب متعددة منها ما هو مفروض ويتعلق بالظروف ومنها ما هو ذاتي، ولما كانت الظروف خارجة عن تحكم أبناء الكتلة الإسلامية فيجب أن يوجهوا الأنظار للأسباب الذاتية ليعالجوها.
ثانيًا،باستثناء الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت وإلى حد ما في جامعة خضوري والبوليتكنك فإن النشاط الطلابي طوال العام الماضي لأغلب الكتل الإسلامية كان متواضعًا، والطلاب لا ينتخبون مجهولين وحماس تبقى لهم مجهولة، لأنهم لا يرونها إلا بالإعلام والفضائيات ولم يشعروا بها من خلال نشاط الكتلة الإسلامية، فالمراهنة على اسم حماس وحده خطأ، والتحضير للانتخابات قبل أيام وأسابيع فقط هو خطأ أكبر.
التحضير للانتخابات القادمة يجب أن يبدأ من اليوم من خلال الانخراط بالنشاطات الطلابية النقابية والوطنية والسياسية وغيرها، ورأينا كيف كانت نتيجة بيرزيت والخضوري والبوليتكنك أفضل من غيرها لأن الكتلة عملت في هذه المواقع خلال العام الماضي وكان لها أثر وصدى داخل الحرم الجامعي.
ثالثًا،التذرع بالوضع الأمني ثبت أنها مجرد ذريعة لمن لا يريد العمل، وسابقًا كنت أسمع أنه لا يمكن رفع راية خضراء واحدة في جامعة النجاح، لنتفاجأ بطوفان من الرايات الخضراء ومن الشباب والشابات المتحمسين للكتلة الإسلامية خلال الحملة الانتخابية وبعدها، لا ننكر الاعتقالات والتضييق الأمني فهذه حقيقة نراها ونلمسها، لكن ثبت أنه يمكن العمل رغمًا عنها.
ومن يريد الانتصار يجب أن يدفع الثمن وهذا هو حال الكتلة الإسلامية منذ بداية التسعينات، نشاط فعمل فمطاردة فاعتقال، فإفراج ثم عودة للنشاط والعمل، وهكذا تدور الدورة بدون أن ييأس أحد أو يصاب بإحباط.
أما مقاومة خمس نجوم التي كان يحلم بها البعض طوال السنوات الماضية ويرفض المشاركة بأي شيء حتى تأتي له الأمم المتحدة والسلطة والكيان الصهيوني بكل الضمانات بأنه لن يمس به، فقد بدأ الناس يدركون أنها مجرد حلم ووهم.
رابعًا، لقد نجحت حركة فتح في حربها الإعلامية طوال السنوات الماضية والقائمة على فكرة شيطانية، وهي أنه ما دامت الحركة مفلسة ولا تحمل أي مشروع وطني أو سياسي أو اقتصادي فالحل هو تلطيخ منافسها (حماس) وتجعلها في أعين الناس مساوية لها بالسوء، وهكذا يصبح الخيار بين سيئين.
ويأتي الطالب يوم الانتخابات وفي ذهنه أن حماس سيئة وفتح سيئة، لكن فتح تدفع كرت جوال وربما تأتي له بوظيفة وتأييدها لن يؤدي إلى سجنه، وبما أنها خربانة والكل زفت والكل خائن، فلنختر الخيار الأسهل والخيار الذي يحقق بعض المنافع المادية.
وحركة فتح لعبت على هذا الوتر ولو تتبعنا كل حدث يحصل في الضفة أو مع حركة فتح، نجدها تحرص على تحويلها إلى مناكفة بين حماس وفتح، فإن أشرت إلى خطأ ارتكبته السلطة فأول كلمة تسمعها هي "غزة"، وإن قلت هذا خطأ سيقال لك حماس تفعل مثله، وهكذا.
لهذا لطالما رأيت بأن تتجنب حماس مثل هذه المناكفات التي ترسخ الصورة النمطية التي تريدها فتح (المناكفات العبثية)، والتي تجعل الناس يقرفون من الجهتين، وفتح لا خيار لها سوى هكذا لكن حماس لها مشروعها ولها إنجازاتها، وليس من مصلحتها أن تكون في كفة واحدة هي وفتح.
حماس بحاجة لمراجعة خطابها الإعلامي بشكل جذري، وبدلًا من أن يكون أغلب خطابها في دائرة الرد على فتح واتهام فتح (بحجة فضحها) فلتتجنب هذه المعارك الإعلامية من الأصل (ولا أدعو لعدم الحديث عنها بل لعدم التركيز المبالغ به عليها)، ولتركز على القدس والأقصى واللاجئين وهدم البيوت وغيرها من القضايا الملحة، وهذه المراجعة من أجل حماس نفسها وليس لأي اعتبار آخر قد يتبادر للذهن.
وعندما يأتي مهرج مثل أحمد عساف أو جمال نزال ويريد أن يفتعل شجارًا إعلاميًا بين الحركتين فليكن ببساطة: "نحن لدينا مشروع أهم من المناكفات مع فتح وهو الأقصى، ولذا لن نرد عليك."
ولعل احتكاك الكتلة الإسلامية بطلاب الجامعات سيساعد بهذه المهمة، لأن ما يحصل هو أن الطلاب يسمعون من الإعلام اتهامات فتح لحماس ويسمعون اتهامات حماس لفتح، وكلها ادعاءات يصعب على غير المختص والمتابع أن يتثبت منها، لكن عندما يحتكون بأبناء الكتلة وجهًا لوجه سيحسون بالفرق ووقتها يمكن أن يكون لهم رأي مخالف لما يسمعونه في الإعلام.
ياسين عز الدين
للعمل الطلابي داخل الجامعات أهمية بالغة للكتلة الإسلامية خصوصًا ولحركة حماس عمومًا، كونها المكان الذي يتم فيه صناعة كوادر وقيادات الحركة سواء السياسية منها أو العسكرية، وفي ظل الاستنزاف المتواصل لكوادر الحركة منذ تأسيسها فإن عملية تجديد الدماء تكتسب أهمية خاصة جدًا.
والمشاركة بالانتخابات لها أهمية من ناحيتين: الأولى أنها تقيس مدى تفاعل المجتمع الجامعي بشكل خاص والمجتمع الفلسطيني الواسع عمومًا مع الكتلة الإسلامية وما تطرحه من فكر وسياسة وعمل نقابي، والثانية أنها فرصة للاحتكاك بالطلبة وتعريف نفسها إليهم ولتنشيط الكوادر وتجنيد عناصر جديدة.
وبالتالي فغياب الكتلة الإسلامية عن الساحة طوال السنوات الماضية سواء على مستوى النشاطات أو المشاركة بالانتخابات أدى إلى انحسار قوتها وتأثيرها بل وأثر سلبًا على حركة حماس وقوتها بالشارع كونها افتقدت أقوى أجهزتها وأكثرها حيوية وتفاعلًا مع الأحداث – أي الذراع الطلابي.
ولعل العودة الخجولة والمترددة إلى الساحة الطلابية في العامين الأخيرين تؤشر إلى وجود نفس جديد لدى أبناء حركة حماس (نفس الحمساوي الجديد) وذلك من خلال العودة إلى النشاط الميداني والاحتكاك بالجماهير، وقد ساهمت عدة أمور بذلك منها: الوصول إلى قناعة أن الظروف الطارئة التي حلت بعد الحسم عام 2007م أصبحت دائمة وبات من الضروري التأقلم والتكيف معها وعدم انتظار حلول من الخارج، والحملات والمبادرات المختلفة ضد الاعتقال السياسي وضد الخضوع للاستدعاءات، وأخيرًا حرب غزة الثانية.
ما الذي نستفيده من التجربة الانتخابية لهذا العام؟
أولًا،لحد الآن لم تستطع الكتلة أن تعود إلى ذروة قوتها كما كانت نهاية التسعينات وخلال انتفاضة الأقصى، ولهذا أسباب متعددة منها ما هو مفروض ويتعلق بالظروف ومنها ما هو ذاتي، ولما كانت الظروف خارجة عن تحكم أبناء الكتلة الإسلامية فيجب أن يوجهوا الأنظار للأسباب الذاتية ليعالجوها.
ثانيًا،باستثناء الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت وإلى حد ما في جامعة خضوري والبوليتكنك فإن النشاط الطلابي طوال العام الماضي لأغلب الكتل الإسلامية كان متواضعًا، والطلاب لا ينتخبون مجهولين وحماس تبقى لهم مجهولة، لأنهم لا يرونها إلا بالإعلام والفضائيات ولم يشعروا بها من خلال نشاط الكتلة الإسلامية، فالمراهنة على اسم حماس وحده خطأ، والتحضير للانتخابات قبل أيام وأسابيع فقط هو خطأ أكبر.
التحضير للانتخابات القادمة يجب أن يبدأ من اليوم من خلال الانخراط بالنشاطات الطلابية النقابية والوطنية والسياسية وغيرها، ورأينا كيف كانت نتيجة بيرزيت والخضوري والبوليتكنك أفضل من غيرها لأن الكتلة عملت في هذه المواقع خلال العام الماضي وكان لها أثر وصدى داخل الحرم الجامعي.
ثالثًا،التذرع بالوضع الأمني ثبت أنها مجرد ذريعة لمن لا يريد العمل، وسابقًا كنت أسمع أنه لا يمكن رفع راية خضراء واحدة في جامعة النجاح، لنتفاجأ بطوفان من الرايات الخضراء ومن الشباب والشابات المتحمسين للكتلة الإسلامية خلال الحملة الانتخابية وبعدها، لا ننكر الاعتقالات والتضييق الأمني فهذه حقيقة نراها ونلمسها، لكن ثبت أنه يمكن العمل رغمًا عنها.
ومن يريد الانتصار يجب أن يدفع الثمن وهذا هو حال الكتلة الإسلامية منذ بداية التسعينات، نشاط فعمل فمطاردة فاعتقال، فإفراج ثم عودة للنشاط والعمل، وهكذا تدور الدورة بدون أن ييأس أحد أو يصاب بإحباط.
أما مقاومة خمس نجوم التي كان يحلم بها البعض طوال السنوات الماضية ويرفض المشاركة بأي شيء حتى تأتي له الأمم المتحدة والسلطة والكيان الصهيوني بكل الضمانات بأنه لن يمس به، فقد بدأ الناس يدركون أنها مجرد حلم ووهم.
رابعًا، لقد نجحت حركة فتح في حربها الإعلامية طوال السنوات الماضية والقائمة على فكرة شيطانية، وهي أنه ما دامت الحركة مفلسة ولا تحمل أي مشروع وطني أو سياسي أو اقتصادي فالحل هو تلطيخ منافسها (حماس) وتجعلها في أعين الناس مساوية لها بالسوء، وهكذا يصبح الخيار بين سيئين.
ويأتي الطالب يوم الانتخابات وفي ذهنه أن حماس سيئة وفتح سيئة، لكن فتح تدفع كرت جوال وربما تأتي له بوظيفة وتأييدها لن يؤدي إلى سجنه، وبما أنها خربانة والكل زفت والكل خائن، فلنختر الخيار الأسهل والخيار الذي يحقق بعض المنافع المادية.
وحركة فتح لعبت على هذا الوتر ولو تتبعنا كل حدث يحصل في الضفة أو مع حركة فتح، نجدها تحرص على تحويلها إلى مناكفة بين حماس وفتح، فإن أشرت إلى خطأ ارتكبته السلطة فأول كلمة تسمعها هي "غزة"، وإن قلت هذا خطأ سيقال لك حماس تفعل مثله، وهكذا.
لهذا لطالما رأيت بأن تتجنب حماس مثل هذه المناكفات التي ترسخ الصورة النمطية التي تريدها فتح (المناكفات العبثية)، والتي تجعل الناس يقرفون من الجهتين، وفتح لا خيار لها سوى هكذا لكن حماس لها مشروعها ولها إنجازاتها، وليس من مصلحتها أن تكون في كفة واحدة هي وفتح.
حماس بحاجة لمراجعة خطابها الإعلامي بشكل جذري، وبدلًا من أن يكون أغلب خطابها في دائرة الرد على فتح واتهام فتح (بحجة فضحها) فلتتجنب هذه المعارك الإعلامية من الأصل (ولا أدعو لعدم الحديث عنها بل لعدم التركيز المبالغ به عليها)، ولتركز على القدس والأقصى واللاجئين وهدم البيوت وغيرها من القضايا الملحة، وهذه المراجعة من أجل حماس نفسها وليس لأي اعتبار آخر قد يتبادر للذهن.
وعندما يأتي مهرج مثل أحمد عساف أو جمال نزال ويريد أن يفتعل شجارًا إعلاميًا بين الحركتين فليكن ببساطة: "نحن لدينا مشروع أهم من المناكفات مع فتح وهو الأقصى، ولذا لن نرد عليك."
ولعل احتكاك الكتلة الإسلامية بطلاب الجامعات سيساعد بهذه المهمة، لأن ما يحصل هو أن الطلاب يسمعون من الإعلام اتهامات فتح لحماس ويسمعون اتهامات حماس لفتح، وكلها ادعاءات يصعب على غير المختص والمتابع أن يتثبت منها، لكن عندما يحتكون بأبناء الكتلة وجهًا لوجه سيحسون بالفرق ووقتها يمكن أن يكون لهم رأي مخالف لما يسمعونه في الإعلام.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية