دعوتان بلا رصيد ... بقلم : د. يوسف رزقة

الثلاثاء 03 ديسمبر 2013

دعوتان بلا رصيد

د. يوسف رزقة

في الأيام القليلة الماضية صدرت عن المفاوض الفلسطين دعوتان:

الأولى تدعو أمريكا والمجتمع الدولي لعقد مؤتمر جنيف لفلسطين على غرار مؤتمر جنيف لإيران ولسوريا، والثانية صدرت عن محمد اشتية المفاوض رقم (٢) بعد صائب عريقات، حيث طلب من نتنياهو أن يعرض على حكومته إقامة دولة فلسطين، لنعرف موقفها المبدئي : هل توافق الحكومة أم لا؟!

إنك حين تنظر في الدعوتين تدرك لا محالة حجم اليأس والإحباط الذي يعاني منه المفاوض، حيث بات الإحساس بالفشل يسكن قلبه ومشاعره، ولغته على السواء، ولم يعد قادرا على إخفاء ما يشعر به، ولا ما يتوقعه، لأن كيل الفشل طفح، وجرت مشاعر الخيبة جداولَ في أزقة من يصنعون قرار التفاوض.

المفاوضان ( اشتية وعريقات) قدما استقالتهما إلى عباس. الأول أبلغ عباس أن استقالته نهائية، وأنه لن يرجع عنها، والثاني جعلها بتصرف عباس، وهذا أسلوب دبلوماسي يفتح الباب مواربا للرجوع إلى التفاوض.

الأول تحدى نتنياهو بعرض الأمر على حكومته؟! ولست أدري ما وجه التحدي؟! وماذا يفيدنا نحن الفلسطينيين هذا العرض إذا ما قام به نتنياهو؟! نحن الفلسطينيين نعلم نتيجة العرض مسبقا، وقبل أن يقبل بها نتنياهو، فالأغلبية الحكومية ترفض قيام الدولة الفلسطينية، وترفض حدود 1967، وترفض وضع القدس على أجندة التفاوض؟! وبناء على ذلك فإن المواطن الفلسطيني من حقه أن يسأل اشتية وغيره عن غرض هذا الطلب؟ هل تريد إحراج نتنياهو وحكومته أمام العالم من خلال هذا التصويت الذي تتوقعه؟!

وهنا أقول : حسنا. أنت تؤكد المؤكد، ولكن ما قيمة هذا في السياسة؟! وما تأثيره على القرار الدولي ؟! وما تأثيره أيضا على القرار الفلسطيني؟!.

القرار السياسي الفلسطيني لا يجب أن يبنى على موافقة نتنياهو على تحدي محمد اشتية، وهو لا يبنى على مفهوم الإحراج الدولي، لا سيما مع إسرائيل الدولة التي تعمل خارج القانون الدولي، ولا تبالي أصلا بالحرج مع أمريكا أو غيرها.

أما دعوة المفاوض الفلسطينى إلى جنيف للملف الفلسطيني، فهي أولا دعوة بالمناسبة، ثم هي دعوة من شعور بنجاح جنيف في الملف لإيران ، وأمل بتدخل دولي لإنجاح المفاوضات، وهذا الأمل كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه . فإسرائيل طلقت الدولي طلاقا بائنا من مدريد، بل ومن قبل مدريد. ودعوة المفاوض الفلسطيني هي دعوة يأس، أو دعوة ( فشة غل) ، ولا يمكن أن تكون دعوة جهل وقلة معرفة.

وجنيف نجح مع إيران لأن إيران تمتلك قسطا وافرا من عناصر القوة، وتمتلك خيارات وبدائل، ولم تدمر عناصر قوتها، ولا بدائلها، ولم تذهب إلى جنيف خالية الوفاض لا تملك إلا الرجاء والتسول ،بينما ذهبتم إلى المفاوضات بعد تدمير كل عناصر القوة في فتح، وفي غيرها من الفصائل، بل ودمرتم عناصر قوة الشعب والمجتمع، ودخلتم المفاوضات دخول المتسول الضعيف، يملك حق الرجاء والتسول، ولا يملك حق الشراكة في القرار.
خلاصة القول إننا أمام دعوتين ظريفتين، ولكنهما بلا رصيد، وتعبران عن الخيبة والفشل.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية