رسالة من تحت النار والحصار
د. أيمن أبو ناهية
ما يقوم به جيش الاحتلال من عدوان عسكري متلاحق من قصف شديد وقتل شرس في قطاع غزة يدل على جنون وتخبط قادته و"جنرالاته"، وذعر وهلوسة جنوده، هذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها جيش الاحتلال عدوانًا على القطاع المحاصر، ويقتل المدنيين بدم بارد، فمخطئ من ظن أن الاحتلال يريد سلامًا أو مهادنة أو هدنة أو تهدئة، بل كل ما يريده هو هدوء وأمن له، وحصار واستيطان واحتلال وجدران وأسلاك شائكة وتهويد وتهديد لكل من يقف ضده، فقد علمتنا التجربة أن الضعف لا يصاحب القوة، ولا يوجد للقوة ميزان إلا قوة مثيلة ومضادة لها، وهذا الذي ينطبق على وضع الاحتلال الذي لا يمتثل للضعيف أبدًا، ولو كان مخلصًا له بالتنسيق الأمني وتقديم له التنازلات.
فالحرب من قبل جيش الاحتلال معلنة رسميًّا منذ سنوات على قطاع غزة، ولا تزال قائمة، ويستأنفها في أي لحظة يريدها، ويعد أي اتفاق عسكري أو أمني ملغى عند لحظة العدوان الذي هو يحدد زمانه ومكانه، ودرجته العسكرية التدميرية، إذن لا معنى لأي اتفاق تهدئة مع هذا المحتل الشرس، والسؤال الذي يدور حول موضوع الساعة ويشغل بال الجميع هو: هل سيؤدي تصعيد الاحتلال الخطير هذا إلى استئناف الحرب من جديد على قطاع غزة، لاسيما أن هذه الأيام توافق ذكرى حرب الفرقان التي أسماها العدو "الرصاص المصبوب"؟
فكما أشرت سابقًا إن الحرب معلنة رسميًّا على قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال، يمكن استئنافها في أي وقت محتمل، لكن ما يمكن التنبؤ به الآن أن ما يقوم به جيش الاحتلال لم يصل إلى درجة حربه السابقة، وإنما هو تصعيد محدود، وعمليات كر وفر، وفرد عضلات لتنفيذ اغتيالات لقيادات فلسطينية، إضافة إلى أن العدو يمارس حربًا نفسية منهكة، أشد قسوة وضراوة من الحرب الفعلية، تجعلنا في حالة إرباك بين التمركز والإخلاء وبين حرب ولا حرب، بمعنى آخر: تجعلنا غير واعين وغير مستعدين لأي ضربة سينفذها جيشه بتحديده الهدف والوقت والزمان والمكان.
لذا يجب الحيطة والحذر والاستعداد إلى أي طارئ مفاجئ، وقضاء الحوائج بالسرية والكتمان، والعمل الدءوب، بوضع المقاومة كل الاحتمالات والخيارات والخطط نصب عينيها؛ كي لا تغفلها ولا تغض طرفها عن أي صغيرة وكبيرة، وعليها الأخذ بعين الاعتبار عدم الانجرار وراء الكشف عن أسرارها وما تمتلكه من وسائل قتالية، مقابل إعلان العدو وسائله ومعداته وخططه العسكرية؛ بهدف الردع والتخويف، بل هي حرب نفسية مقصود منها استدراج المقاومة للكشف عن قدراتها العسكرية ما بعد الحربين السابقتين؛ كي يستطيع العدو الإعداد الجيد للقضاء على المقاومة، بوضع خطط عسكرية مضادة لإحباط خططها وإفشالها، لاسيما أن الاحتلال لا يزال يناور ويغامر في التحدي وعمل التجارب العسكرية ضد المقاومة، منذ اكتشاف "نفق الحياة" على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس، وأعتقد أنه بالأمس قدم كبش الفداء لقناصة غزة لإجراءات أمنية يريد الاحتياط منها.
وعلى هذا يجب الاستفادة من الأخطاء السابقة عندما كانت تتباهى المقاومة _وخاصة حركة حماس_ بإعلان قدراتها العسكرية، ما أكسب العدو الطمأنينة، وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وتوقع أسوأ الاحتمالات، وتنبه لها، وعمل على فك رموزها وأسرارها الفنية والعسكرية بوضع الحلول الناجعة لها، والتقليل بقدر الإمكان من الخسارة والأضرار التي يمكن أن تسببها، لكن ليس معنى هذا أن تسير المقاومة تحت الأرض ومختفية عن شعبها، فلا يراها أحد، بل يجب أن تكون على اتصال بالجبهة الداخلية وتأمينها، وأن تقدم لها الدعم المعنوي والنفسي كي تصمد، ولا تيأس، وتستسلم لما يشاع في الإعلام المحبط؛ لأن صمود الجبهة الداخلية هو دعم وتعزيز للمقاومة، ولأن المواطنين هم خط الدفاع الأول والجسم البشري الواقي للمقاومة التي تصد العدوان.
وهنا لابد أن يكون إعلامنا إعلامًا مقاومًا جهاديًّا بتلقي الأخبار الصحيحة الصادقة، وعدم إثارة الخوف والذعر في نفوس الناس بالحديث المستفيض وتهييج وتأجيج وتضخيم الموقف عن استئناف الحرب على غزة، وتحركات وتكتيكات المقاومة للرد على أي طارئ، بل يجب أن ينصب الحديث على زرع الثقة في نفوس الناس بما يبثه من أخبار وتحليلات صحيحة، بالنظر إلى الإعلام العبري الذي يكسب على الأقل ثقة جمهوره في نقله الأخبار الصحيحة، وإن كانت بعض الأحيان مبالغًا فيها أو يشوبها عدم الصدق تكن مقصودة؛ من أجل مصلحة كيانهم دون شك.
يجب أن ندرك أن عدوان الاحتلال لم يتوقف، وأن حربه هي حرب مفتوحة، وأن عقيدة القتل والاستنزاف من مسلمات العقيدة الصهيونية، ولعل فتاوى الحاخامات الصهاينة بقتل الأطفال _كما قتلوا الطفلة حلا أبو سبيخة (3 أعوام)، وأصابوا ثلاثة أطفال آخرين_ هي دليل على عقيدتهم في القتل وسفك دماء الأبرياء، لذا علينا أن نوطن أنفسنا على العدوان، ونتوقعه في أي لحظة، فماذا ننتظر من عدو محتل مجرم؟!، وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر دون تهويل أو مبالغة، وأن يعلموا أن ما أصابهم ما كان ليخطئهم، وما أخطأهم ما كان ليصيبهم.
د. أيمن أبو ناهية
ما يقوم به جيش الاحتلال من عدوان عسكري متلاحق من قصف شديد وقتل شرس في قطاع غزة يدل على جنون وتخبط قادته و"جنرالاته"، وذعر وهلوسة جنوده، هذه ليست المرة الأولى التي يشن فيها جيش الاحتلال عدوانًا على القطاع المحاصر، ويقتل المدنيين بدم بارد، فمخطئ من ظن أن الاحتلال يريد سلامًا أو مهادنة أو هدنة أو تهدئة، بل كل ما يريده هو هدوء وأمن له، وحصار واستيطان واحتلال وجدران وأسلاك شائكة وتهويد وتهديد لكل من يقف ضده، فقد علمتنا التجربة أن الضعف لا يصاحب القوة، ولا يوجد للقوة ميزان إلا قوة مثيلة ومضادة لها، وهذا الذي ينطبق على وضع الاحتلال الذي لا يمتثل للضعيف أبدًا، ولو كان مخلصًا له بالتنسيق الأمني وتقديم له التنازلات.
فالحرب من قبل جيش الاحتلال معلنة رسميًّا منذ سنوات على قطاع غزة، ولا تزال قائمة، ويستأنفها في أي لحظة يريدها، ويعد أي اتفاق عسكري أو أمني ملغى عند لحظة العدوان الذي هو يحدد زمانه ومكانه، ودرجته العسكرية التدميرية، إذن لا معنى لأي اتفاق تهدئة مع هذا المحتل الشرس، والسؤال الذي يدور حول موضوع الساعة ويشغل بال الجميع هو: هل سيؤدي تصعيد الاحتلال الخطير هذا إلى استئناف الحرب من جديد على قطاع غزة، لاسيما أن هذه الأيام توافق ذكرى حرب الفرقان التي أسماها العدو "الرصاص المصبوب"؟
فكما أشرت سابقًا إن الحرب معلنة رسميًّا على قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال، يمكن استئنافها في أي وقت محتمل، لكن ما يمكن التنبؤ به الآن أن ما يقوم به جيش الاحتلال لم يصل إلى درجة حربه السابقة، وإنما هو تصعيد محدود، وعمليات كر وفر، وفرد عضلات لتنفيذ اغتيالات لقيادات فلسطينية، إضافة إلى أن العدو يمارس حربًا نفسية منهكة، أشد قسوة وضراوة من الحرب الفعلية، تجعلنا في حالة إرباك بين التمركز والإخلاء وبين حرب ولا حرب، بمعنى آخر: تجعلنا غير واعين وغير مستعدين لأي ضربة سينفذها جيشه بتحديده الهدف والوقت والزمان والمكان.
لذا يجب الحيطة والحذر والاستعداد إلى أي طارئ مفاجئ، وقضاء الحوائج بالسرية والكتمان، والعمل الدءوب، بوضع المقاومة كل الاحتمالات والخيارات والخطط نصب عينيها؛ كي لا تغفلها ولا تغض طرفها عن أي صغيرة وكبيرة، وعليها الأخذ بعين الاعتبار عدم الانجرار وراء الكشف عن أسرارها وما تمتلكه من وسائل قتالية، مقابل إعلان العدو وسائله ومعداته وخططه العسكرية؛ بهدف الردع والتخويف، بل هي حرب نفسية مقصود منها استدراج المقاومة للكشف عن قدراتها العسكرية ما بعد الحربين السابقتين؛ كي يستطيع العدو الإعداد الجيد للقضاء على المقاومة، بوضع خطط عسكرية مضادة لإحباط خططها وإفشالها، لاسيما أن الاحتلال لا يزال يناور ويغامر في التحدي وعمل التجارب العسكرية ضد المقاومة، منذ اكتشاف "نفق الحياة" على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس، وأعتقد أنه بالأمس قدم كبش الفداء لقناصة غزة لإجراءات أمنية يريد الاحتياط منها.
وعلى هذا يجب الاستفادة من الأخطاء السابقة عندما كانت تتباهى المقاومة _وخاصة حركة حماس_ بإعلان قدراتها العسكرية، ما أكسب العدو الطمأنينة، وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وتوقع أسوأ الاحتمالات، وتنبه لها، وعمل على فك رموزها وأسرارها الفنية والعسكرية بوضع الحلول الناجعة لها، والتقليل بقدر الإمكان من الخسارة والأضرار التي يمكن أن تسببها، لكن ليس معنى هذا أن تسير المقاومة تحت الأرض ومختفية عن شعبها، فلا يراها أحد، بل يجب أن تكون على اتصال بالجبهة الداخلية وتأمينها، وأن تقدم لها الدعم المعنوي والنفسي كي تصمد، ولا تيأس، وتستسلم لما يشاع في الإعلام المحبط؛ لأن صمود الجبهة الداخلية هو دعم وتعزيز للمقاومة، ولأن المواطنين هم خط الدفاع الأول والجسم البشري الواقي للمقاومة التي تصد العدوان.
وهنا لابد أن يكون إعلامنا إعلامًا مقاومًا جهاديًّا بتلقي الأخبار الصحيحة الصادقة، وعدم إثارة الخوف والذعر في نفوس الناس بالحديث المستفيض وتهييج وتأجيج وتضخيم الموقف عن استئناف الحرب على غزة، وتحركات وتكتيكات المقاومة للرد على أي طارئ، بل يجب أن ينصب الحديث على زرع الثقة في نفوس الناس بما يبثه من أخبار وتحليلات صحيحة، بالنظر إلى الإعلام العبري الذي يكسب على الأقل ثقة جمهوره في نقله الأخبار الصحيحة، وإن كانت بعض الأحيان مبالغًا فيها أو يشوبها عدم الصدق تكن مقصودة؛ من أجل مصلحة كيانهم دون شك.
يجب أن ندرك أن عدوان الاحتلال لم يتوقف، وأن حربه هي حرب مفتوحة، وأن عقيدة القتل والاستنزاف من مسلمات العقيدة الصهيونية، ولعل فتاوى الحاخامات الصهاينة بقتل الأطفال _كما قتلوا الطفلة حلا أبو سبيخة (3 أعوام)، وأصابوا ثلاثة أطفال آخرين_ هي دليل على عقيدتهم في القتل وسفك دماء الأبرياء، لذا علينا أن نوطن أنفسنا على العدوان، ونتوقعه في أي لحظة، فماذا ننتظر من عدو محتل مجرم؟!، وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر دون تهويل أو مبالغة، وأن يعلموا أن ما أصابهم ما كان ليخطئهم، وما أخطأهم ما كان ليصيبهم.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية