زيارة أردوغان لغزة في ميزان الربح والخسارة ... بقلم : حسام الدجني

السبت 27 أبريل 2013

زيارة أردوغان لغزة في ميزان الربح والخسارة

حسام الدجني

تركيا دولة كبيرة في المنطقة، وتعمل وفقاً لمصالحها الاستراتيجية، ورؤيتها للقضايا الإسلامية والإنسانية والأخلاقية في المنطقة العربية، ولا يعقل أن يمارس البعض ضغوطاً على السيد أردوغان بتأجيل زيارته لغزة، وهنا لا أتناول موقف وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري، الذي طالب أردوغان بتأجيل زيارته لغزة، انطلاقاً من الموقف الأمريكي المنحاز ل(إسرائيل)، ولكن ما يدهشني هو موقف السلطة الفلسطينية في رام الله الرافض للزيارة، وهنا أتساءل عن حسابات الربح والخسارة لزيارة أردوغان لغزة للأطراف الثلاثة: تركيا، حركة حماس، حركة فتح...؟

أولاً: حسابات الربح والخسارة لتركيا

قطاع غزة بصموده وجبروته ومقاومته وتضحيات سكانه، وانسجام ذلك مع توجهات حكومته (حكومة حماس)، والتي شكلت حاضنة للمقاومة الفلسطينية، رسم صورة جميلة في الوجدان العربي والإسلامي وحتى لدى أحرار العالم، وبذلك حسابات الربح عند السيد أردوغان تتمثل في زيادة مساحة محبيه ومؤيديه داخل وخارج تركيا، ويدعم التقارب التركي الحمساوي دور تركيا الذي تطمح به وتعمل لأجله لزيادة نفوذها ودورها بالمنطقة، وتأتي الزيارة متزامنة مع حادثة أسطول الحرية، والتي راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى الأتراك في عرض البحر بعد أن قامت (إسرائيل) بعملية قرصنة بحرية ضد المتضامنين مع قطاع غزة، وبذلك سيكون لتلك الزيارة أثر سياسي كبير على مستقبل العلاقات التركية الإسرائيلية، والتي ادعت (إسرائيل) كذباً خلال اعتذارها لتركيا عن تلك المجزرة بأنها رفعت الحصار المفروض على قطاع غزة، بينما الحقيقة عكس ذلك، حيث تنكرت (إسرائيل) لاتفاق التهدئة الموقع في نوفمبر/2012م، وشددت من حصارها المفروض على القطاع.

أما حسابات الخسارة، فربما تؤثر الزيارة على علاقات تركيا مع الإدارة الأمريكية، أو مع بعض البلدان التي تصنف حركة حماس بالإرهابية، ولكن في المقابل سيحول السيد أردوغان تلك الخسارة لربح عبر اكتساحه للرأي العام العربي والإسلامي.

وقد يسجل على تركيا بأنها تعزز الانقسام وتشرعن الانقلاب، وكأن تركيا عاجزة عن قراءة المشهد السياسي والقانوني في فلسطين.

ثانيا: حسابات الربح والخسارة لحركة حماس

حركة حماس هي الكاسب الأكبر، فلا يوجد لديها ما تخسره، فمن خلال تلك الزيارات تكون قد أحدثت اختراقاً في جدار الحصار السياسي المفروض على الحركة الإسلامية منذ حصولها على 62% من مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، وزيارة أردوغان تؤكد على الاتجاه الحديث في دراسة العلاقات الدولية والتي لم يعد ينظر إلى الدول على أنها الفاعل الوحيد في النظام الدولي، بل يوجد إلى جانبها فاعلون آخرون مثل المنظمات الدولية أو الإقليمية، أو فاعلون غير حكوميين مثل المنظمات الدولية غير الحكومية والشركات المتعددة الجنسيات، وحركات التحرر الوطني، وحركة حماس واحدة من تلك الحركات، وفي ضوء ما سبق فإن شرط السيادة لم يعد الشرط المطلوب توافره في الفاعل الدولي، ومن هذه المساحة تعمل حركة حماس وحكومتها غير المعترف بها دولياً.

أيضاً تشكل زيارة أردوغان شكلاً من أشكال النضال الدبلوماسي، الذي يكشف زيف الديمقراطية الصهيونية، وظلم المجتمع الدولي الذي حاصر شعباً بأكمله لأنه انتخب حركة مقاومة تسمى حماس، وتكشف زيف ادعاءاته بأنه رفع الحصار عن غزة.

أيضاً تساهم زيارة السيد أردوغان برفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني عبر المشاريع الاستثمارية التي سيفتتحها، والدعم المالي والاقتصادي الذي سيقدمه، ومجموع ما سبق يساهم في التخفيف عن كاهل الفلسطينيين في قطاع غزة.

وتشكل الزيارة ورقة ضغط على الرئيس محمود عباس للإسراع بإبرام المصالحة عبر الملف الأبرز وهو ملف منظمة التحرير الفلسطينية.

ثالثاً: حسابات الربح والخسارة لحركة فتح

إذا كانت حركة حماس هي الكاسب الأكبر فحركة فتح هي الخاسر الأكبر، كونها ترى في تلك الزيارات ضربا لوحدانية التمثيل الدبلوماسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي تحتكره حركة فتح منذ عقود، وأنها تطيل أمد الانقسام، وتعزز نفوذ وقوة حركة حماس في المنطقة، وتهدد الشرعية السياسية للسلطة الفلسطينية.

خلاصة القول: زيارة أردوغان لقطاع غزة تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي مصلحة الدولة التركية ممثلة بأردوغان وحزبه الحاكم، ولذلك لن يقف أي عائق أمام إنجازها.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية