زيارة بان كي مون ولحظة الحقيقة
عصام يونس
تشكل زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أهمية من نوع خاص هذه المرة ليس لجهة ما هو متوقع منها وهو قليل جدا إن كان منها أي أمل يرجى، بل لأنها تأتي في وقت ابتعدت فيه الأنظار قليلا عنا بفعل التطورات الإقليمية والدولية ولتغير الأولويات.
وزيارة الأمين العام وغيره من الفاعلين الأمميين مرحب بها دائما بالنظر إلى ما تمثله الأمم المتحدة من قوة أخلاقية ارتضتها لنفسها وفقا لميثاقها وما تمثله من ملتقى فريد لممارسة العلاقات الدولية وما يجعل تلك الزيارات هامة أنها تأتي في وقت ينشد فيه شعبنا العدالة التي غيبت عقودا طويلة وفي وقت تتعاظم جرائم الاحتلال بحقنا أرضاً وشعباً وقضية وحاضراً ومستقبلا.
وحتى تكون زيارة الأمين العام موفقة ويكتب لها النجاح، يصبح معه فرض عين من جهة أن يزور تلك المناطق وهؤلاء البشر الذين كانوا ولا زالوا ضحايا لآلة عدوان الاحتلال وسياساته ومن جهة ثانية أن يلتقي من يجب أن يلتقيهم ممن يمثلون قطاعات المجتمع وفئاته المختلفة سياسيا واقتصادياً واجتماعيا وخدماتياً.
أما أن يترك الأمر دائما لموظف في الأمم المتحدة يحدد من سيلتقي بان كي مون في تجاوز دائم لكل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، وعادة ما يكون من يقع عليهم الاختيار أفراد وطنيون وأكفاء لهم احترامهم.
وزيارة الأمين العام الحالية لقطاع غزة نظمت بنفس الطريقة المثيرة للغثيان حيث أن الزيارة لم تراعِ التوازن الاجتماعي والتمثيل القطاعي للمدعوين، فقد غاب عنهم ممثلين عن اللاجئين والأسرى وقطاعات مهمة كالزراعة والصحة وحتى المرأة.
وقبل زيارة الأمين العام التقيت الموظف الذي يقوم بترتيب الزيارة بناء على طلبه وقد طلبت منه أن يراعي التوازن الاجتماعي والقطاعي عند توجيه الدعوات إلى لقاء الأمين العام ووعد بالعمل على ذلك.
فمنذ يومين وجهت لي الدعوة للمشاركة في اللقاء ورحبت لمن اتصل بي بزيارة الأمين العام وأهميتها مؤكدا على أن كل المدعوين إلى اللقاء شخصيات وطنية ومحترمة وخير من يتحدث في حضور الأمين العام كل في تخصصه.
ولكني اعتذرت عن قبول الدعوة كحق أصيل لي امتلكه و لا ينازعني فيه أحد لاسيما وأنني لي من التجربة والخبرة والسن ما يؤهلني أن اتخذ الذي ينسجم وقناعاتي دون زيادة أو نقصان وقراري بالاعتذار هو شكل احتجاجي على قضية مركزية ولم يعد بالإمكان السكوت عليها هو التوازن القطاعي والاجتماعي للمدعوين من جهة ومن جهة ثانية أن لا يترك الأمر لموظف في الأمم المتحدة صغر أم كبر أن يحدد من سيمثل الفلسطينيين أو من سيدعى إلى لقاء الأمين العام حتى وأنا واحد من هؤلاء المدعوين.
فكيف يمكن للأمين العام أن يزور غزة دون أن يلتقي إضافة إلى المدعوين الأفاضل ممثلين عن اللاجئين والأسرى وحتى القوى السياسية وغيرهم من قطاعات الزراعة والصحة...الخ. إن هذا الشكل الاحتجاجي يهدف للضغط على المنظمين لزيارة الأمين العام لضمان أن من يلتقيهم الأمين العام يمثلون أفقيا وعموديا قطاع غزة ومعاناته وهمومه المختلفة والمتعددة.
إن موقفي هذا موقف أخلاقي وسياسي سأبقى مدافعا عنه ومن يرى غير ذلك فهذا أيضا حق أصيل له، ولكن لا يجوز لمن يود لقاء الأمين العام أن يتستر خلف تبريرات بعدم جدوى المقاطعة، ومن دعا للمقاطعة أساسا؟
نحن نرحب بالزيارة ونطالب بدعوات تراعي تنوع القطاع وتعدديته الاجتماعية والسياسية والخدماتية وان نكون نحن من يحدد من سيلتقي ضيفنا الكريم في بيتنا، لا أن يكون هو راعيا للبيت ونحن ضيوف عنده يدعو من يشاء ويحرم من يشاء ويستشير من يشاء ولا يعترف بشرعية من يشاء. إنها لحظة الحقيقة لنا جميعا ويجب كسر التابوهات وتغيير قواعد اللعبة، أدعو الجميع لأن ننتصر لأنفسنا مرة وإلى الأبد، فالحلال بيّن والحرام بيّن ويجب أن نتقي مواطن الشبهات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية