سطوة وعربدة، جرأة وتمرد! ... بقلم : سيف طه

الخميس 27 نوفمبر 2014

سطوة وعربدة، جرأة وتمرد!

سيف طه

لعلها المرة العاشرة التي أمسك فيها قلمي ﻷكتب عن الاعتقال السياسي، لكنها بطبيعة الحال المرة اﻷولى التي أكتب فيها نصا مسترسلا عن هذه القضية، ولعل أيضا ما دفعني إلى نشر هذا المقال في هذا التوقيت بالذات هو رؤيتي للإيغال الكبير الذي لمسته مؤخرا من استباحة الحريات في الضفة الغربية، وانتهاك الحقوق، وليس آخرها العربدة اﻷمنية التي وصلت أعلى مستوياتها في الاعتقال والملاحقة في الفترات الأخيرة المنصرمة..

لن أتحدث هنا عن تعريف الاعتقال السياسي وماهيته، ولن استفيض بالبحث عن ظروفه وأشكاله، لكني خصصت هذا المقال للأشكال التي تمنع حدوثه وتحد من وتيرته، ﻷني أؤمن أن التصدي للاعتقال السياسي ووضع حد له مهم، وهذا الشيء لا يجب أن يكون محط اهتمام أولئك الذين يعانون منه فقط، بل وجب أن يكون من أولويات كل فلسطيني ما زال في روحه شيء من وطنية وفي نبضه قليل من كرامة وحرية، فلا ﻳُﻔﺘﺮﺽ أن يبقى من يتصدى له من يعانون منه أو دائمي الاستهداف والملاحقة، فلا بيت يخلو من آثاره أو تتجلى في أحد أركانه تداعياته سواء بشكل مباشر أو غير مباشر!

الكثير منا يعتقد أن سبب الاعتقال السياسي في الضفة هو "الانقسام الفلسطيني" ونسوا أو تناسوا أن هذه الظاهرة ليست وليدة الانقسام، وليست أحد تبعاته، بل سبقته بأكثر من عقد من الزمن، فالاعتقال السياسي هو مجرد التزام وتعهد من السلطة للمحتل بإجهاض فتيل المقاومة، وملاحقة كل من يحمل اللواء، أو يحاول التمرد على المحتل أو القوانين الجديدة..

كنا قد لمسنا مؤخرا أن ﺍﻟﺠﺮﺃﺓ ﻓﻲ مواجهة أعداء المقاومة وملاحقة أنصارها، بدأت تنطلق نحو موقعها الصحيح، فما عادت السطوة والعربدة اﻷمنية تمثل شيئا أمام إرادة الشباب، وما عاد الاعتقال يؤثر فيمن تنهش لحومهم وتهدر سني حياتهم في سجون المحتل، وما عادت سياسة تكميم اﻷفواه قادرة على إلزام الشباب بسلوك وتصرفات تتوافق مع مقاس السلطة وتتناسب مع قوانينها الجديدة، ولعل ما صاغه كثير من الشباب أو العائلات من جرأة وتمرد أعطت حصانة ولو بسيطة لأولئك المستهدفين على طول المدى، وحدت من وتيرة الاستهداف والملاحقة، وسطرت نصرا يصفع جبين المفرطين..

وهنا اقتضى التنويه أنه كلما زادت فعاليات الرفض والتصدي والتمرد قلت وتيرة الاستهداف والملاحقة، وبالتالي الإسهام في تصحيح المسار وعودة مؤشر البوصلة لمكانه الصحيح، وتغيير شيء ولو قليل في واقع الضفة في اﻷيام القادمة -ربما-!

أما أولئك الذين ينتظرون من المصالحة الوطنية أن ترد لهم حقوقهم أو تعطيهم حصانة من الاستهداف أو الاعتقال، فهو كالذي ينتظر شيئا غير آت، وشيئا لا يتحقق؛ فالمبادرة لرفض الخنوع هي العنوان والشعار، ولا يجوز انتظار مبادرة الغير.. ونتائج الميدان أكبر دليل على ذلك، وليست الحملات الشبابية والتضامنية منكم ببعيد!

ولعلي أحاول استغلال المقال ﻷفهم سبب تقصير وتجاهل حماس لهذا الملف وطيه ووضعه جانبا عند كل جلسات حوار، بل عدم الاستعداد لإدانة هذا العمل غير الوطني واﻷخلاقي، على الرغم من أن أكثر من يتعرض للاعتقال والملاحقة ويدفع الضريبة هم محبو الحركة ونشطاؤها ومناصروها وابناؤها ومؤيدوها!

نهاية، لن ينهي هذه المعضلة ولا كل ملحقاتها أو على اﻷقل تقنينها إلا حين ما يتحول كل الذي رأيناه من مبادرات ذاتية في الرفض التام لإملاءات الأجهزة غير القانونية إلى أخرى جماعية، تنهض بواقع الفلسطيني القديم وتذكره بالمواجهة القادمة مع احتلاله اﻷصلي!

أو حين ما تعي السلطة جيدا أنها لا تكسب شيئا من استمرارها في هذا النهج والفعل، بل تخسر ود شعبها، وتحرم الكثيرين من إتمام مستقبلهم العلمي أو العملي، وتخدم بذلك المحتل ومشروعه الصهيوني!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية