سلام بنكهة الشاورما والكنافة
د. أيمن أبو ناهية
جولة ثانية في المنطقة لوزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري، عنوانها تحريك المياه الراكدة لعملية ما يسمى بالسلام في الشرق الأوسط وكان الأمر جديدا على الإدارة الأمريكية الحالية، التي لا تزال تغمض أعينها عن الحق وتدعي أنها لا تفهم شيئا في الصراع، ألم يسبق لها أن أرسلت موفودين من طرفها خاضوا جولات مكوكية وماراثونية واستكشافية وسياحية وغيرها على مدار عقود سابقة، بداية من كسنجر وشولتز وفيليب حبيب وكريستوفر حتى باول ورايس وصولا إلى كيري ومن سبقهم، وكلهم كانوا يدورون حول حلقة واحدة يقيسون المسافات ويضيعون الوقت وفي النهاية النتيجة واحدة؟!.
لقد عاد كيري من جديد إلى المنطقة، ولكن هذه المرة من أجل أكل الشاورما وتذوق الكنافة الفلسطينية، لربما قصد من ورائها إهمال المبادرة العربية من جديد، بطيها مثل طي الشاورما، أو أنه أراد أن يضرب المأكولات الأمريكية مثل الكنتاكي والهامبورجر بتدويل وإشهار مأكولاتنا الفلسطينية، بدلا من تدويل قضايانا الرئيسية كالأسرى على سبيل المثال ،أم كي يفهمنا أن العرب يهتمون بالمأكولات وإملاء البطون والكروش ولا يهتمون بأوطانهم ومقدساتهم؟ أم قصد بها إبداء حسن النية كي نقدم المزيد من التنازلات وتقديمها على طبق من ذهب للاحتلال أو أنه أراد أن يدلل لنا أنه متعاطف معنا كفلسطينيين ؟.
إن خطى كيري هي نفس خطى رئيسه أوباما، فبعد توليه الولاية الثانية لرئاسة الولايات المتحدة وصف أول زيارة له للمنطقة بأنها زيارة "استكشافية"، وأنا وصفتها في مقال سابق بأنها "زيارة سياحية وليس سياسية"، وقد سبق لكيري أن قالها في ألمانيا خلال أول رحلة له في الخارج بعد تولي الخارجية الأمريكية "أنا أريد أن أتشاور والرئيس يريد أن يصغي".
واليوم أقول إن جولات كيري أيضا هي سياحية وليس سياسية، إذ إنه فى زيارته الأولى للشرق الاوسط كان قد اثار محاولاته لإحياء مبادرة السلام العربية عام 2002 وذلك بإدخال تعديلات عليها، واصفا التعديلات بأنها تعديلات صغيرة لكنها تجعل المبادرة أكثر قبولا لدى (إسرائيل) وكانت تتلخص في تعديل حدود عام 1967، لمنح ضمانات أمنية أكثر لـ"إسرائيل"، وأيضا أضاف التعديل لها مبادلة الاراضي بين الجانبين الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي مع وقف نسبي للاستيطان مستثنية القدس والأسرى واللاجئين وإغفال ذكر الانسحاب من الجولان وجنوب لبنان، مما زاد من استحقار نتنياهو للمبادرة العربية وتعديلها، معتبرا ان الصراع بين كيانه المحتل والفلسطينيين ليس على الارض ولكن على القومية اليهودية "لإسرائيل"، رغم ان المبادرة العربية تنازلت طوعا وبدون مقابل عن حقها فى استرداد اراضيها المحتلة بالقوة العسكرية سواء الان او فى المستقبل، ومصادرة بذلك حق الاجيال القادمة فى استعمال القوة فى استرداد اراضيها.
لذا طلب مجلس الجامعة العربية من شارون اعادة النظر فى سياسته تجاه السلام فكان رده مزيدا من العدوان على قطاع غزة وعلى الجنوب اللبناني، بالإضافة الى استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية واستمرار مسلسل التوطين والاستيطان في القدس الشرقية وأراضىي الضفة الغربية والتهويد ومزيد من الاعتقالات والشهداء.
أما التنازل الثاني للمبادرة العربية فكان تنازلا عن حق عودة اللاجئين الى اراضيهم ومدنهم وقراهم واستبدلته برضاها وقبولها التوصل الى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه بالتعويض المادي.
رغم كل هذه التنازلات لم تلق هذه المبادرة ترحيبا أيضا من ما يسمى براعية السلام الولايات المتحدة، إذ إن وزير خارجية الولايات المتحدة فى حينها، كولن باول، انتقدها قائلا: ان الانسحاب من الاراضى العربية يتم وفقا للمفاوضات وان الجولان يخرج عن نطاق المبادرة العربية. ونفس الرأي تقريبا رددته كونداليزا رايس، كذلك رفضها في حينه شارون رفضا قاطعا ونعاها أولمرت وترحم عليها نتنياهو.
فإذا كانت الإدارة الامريكية قد رفضتها في مهدها وتم استبدالها بـ"خارطة الطريق"، فما الذي استجد على احيائها بعدما ماتت ودفنت في صباها ولم تحضر عيد ميلادها الأول هل ادركت الآن الادارة الاميركية اهميتها وتريد اخراج رفاتها من قبرها، كي تعدلها وتصيغها بالطريقة التي تعجب الاحتلال الإسرائيلي أم تريد ان تضعها في المزاد العلني لتسويقها فقط على العرب كما تفعل ببترولهم.
إن زيارة كيري وحضوره المنتدى الاقتصادي في الأردن ما هي إلا من أجل تعزيز الأسواق الأمريكية وضمان مصالحها في المنطقة، وإضاعة الوقت في الجولات السياحية، لذا المطلوب منا أن ندرك هذا المسلسل الجديد بأنه عبارة عن مماطلة وإضاعة الوقت كما فعلت من قبل إدارة كلينتون وإدارة بوش، الأمر الذي سينعكس سلباً على قضايانا وعلى رأسها المصالحة، لأن الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني متفقتان على أن المصالحة تعني إصلاح منظمة التحرير ووجود حركة حماس فيها، وهذا المبدأ يتعارض مع كل سياسات التنازل.
د. أيمن أبو ناهية
جولة ثانية في المنطقة لوزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري، عنوانها تحريك المياه الراكدة لعملية ما يسمى بالسلام في الشرق الأوسط وكان الأمر جديدا على الإدارة الأمريكية الحالية، التي لا تزال تغمض أعينها عن الحق وتدعي أنها لا تفهم شيئا في الصراع، ألم يسبق لها أن أرسلت موفودين من طرفها خاضوا جولات مكوكية وماراثونية واستكشافية وسياحية وغيرها على مدار عقود سابقة، بداية من كسنجر وشولتز وفيليب حبيب وكريستوفر حتى باول ورايس وصولا إلى كيري ومن سبقهم، وكلهم كانوا يدورون حول حلقة واحدة يقيسون المسافات ويضيعون الوقت وفي النهاية النتيجة واحدة؟!.
لقد عاد كيري من جديد إلى المنطقة، ولكن هذه المرة من أجل أكل الشاورما وتذوق الكنافة الفلسطينية، لربما قصد من ورائها إهمال المبادرة العربية من جديد، بطيها مثل طي الشاورما، أو أنه أراد أن يضرب المأكولات الأمريكية مثل الكنتاكي والهامبورجر بتدويل وإشهار مأكولاتنا الفلسطينية، بدلا من تدويل قضايانا الرئيسية كالأسرى على سبيل المثال ،أم كي يفهمنا أن العرب يهتمون بالمأكولات وإملاء البطون والكروش ولا يهتمون بأوطانهم ومقدساتهم؟ أم قصد بها إبداء حسن النية كي نقدم المزيد من التنازلات وتقديمها على طبق من ذهب للاحتلال أو أنه أراد أن يدلل لنا أنه متعاطف معنا كفلسطينيين ؟.
إن خطى كيري هي نفس خطى رئيسه أوباما، فبعد توليه الولاية الثانية لرئاسة الولايات المتحدة وصف أول زيارة له للمنطقة بأنها زيارة "استكشافية"، وأنا وصفتها في مقال سابق بأنها "زيارة سياحية وليس سياسية"، وقد سبق لكيري أن قالها في ألمانيا خلال أول رحلة له في الخارج بعد تولي الخارجية الأمريكية "أنا أريد أن أتشاور والرئيس يريد أن يصغي".
واليوم أقول إن جولات كيري أيضا هي سياحية وليس سياسية، إذ إنه فى زيارته الأولى للشرق الاوسط كان قد اثار محاولاته لإحياء مبادرة السلام العربية عام 2002 وذلك بإدخال تعديلات عليها، واصفا التعديلات بأنها تعديلات صغيرة لكنها تجعل المبادرة أكثر قبولا لدى (إسرائيل) وكانت تتلخص في تعديل حدود عام 1967، لمنح ضمانات أمنية أكثر لـ"إسرائيل"، وأيضا أضاف التعديل لها مبادلة الاراضي بين الجانبين الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي مع وقف نسبي للاستيطان مستثنية القدس والأسرى واللاجئين وإغفال ذكر الانسحاب من الجولان وجنوب لبنان، مما زاد من استحقار نتنياهو للمبادرة العربية وتعديلها، معتبرا ان الصراع بين كيانه المحتل والفلسطينيين ليس على الارض ولكن على القومية اليهودية "لإسرائيل"، رغم ان المبادرة العربية تنازلت طوعا وبدون مقابل عن حقها فى استرداد اراضيها المحتلة بالقوة العسكرية سواء الان او فى المستقبل، ومصادرة بذلك حق الاجيال القادمة فى استعمال القوة فى استرداد اراضيها.
لذا طلب مجلس الجامعة العربية من شارون اعادة النظر فى سياسته تجاه السلام فكان رده مزيدا من العدوان على قطاع غزة وعلى الجنوب اللبناني، بالإضافة الى استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية واستمرار مسلسل التوطين والاستيطان في القدس الشرقية وأراضىي الضفة الغربية والتهويد ومزيد من الاعتقالات والشهداء.
أما التنازل الثاني للمبادرة العربية فكان تنازلا عن حق عودة اللاجئين الى اراضيهم ومدنهم وقراهم واستبدلته برضاها وقبولها التوصل الى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه بالتعويض المادي.
رغم كل هذه التنازلات لم تلق هذه المبادرة ترحيبا أيضا من ما يسمى براعية السلام الولايات المتحدة، إذ إن وزير خارجية الولايات المتحدة فى حينها، كولن باول، انتقدها قائلا: ان الانسحاب من الاراضى العربية يتم وفقا للمفاوضات وان الجولان يخرج عن نطاق المبادرة العربية. ونفس الرأي تقريبا رددته كونداليزا رايس، كذلك رفضها في حينه شارون رفضا قاطعا ونعاها أولمرت وترحم عليها نتنياهو.
فإذا كانت الإدارة الامريكية قد رفضتها في مهدها وتم استبدالها بـ"خارطة الطريق"، فما الذي استجد على احيائها بعدما ماتت ودفنت في صباها ولم تحضر عيد ميلادها الأول هل ادركت الآن الادارة الاميركية اهميتها وتريد اخراج رفاتها من قبرها، كي تعدلها وتصيغها بالطريقة التي تعجب الاحتلال الإسرائيلي أم تريد ان تضعها في المزاد العلني لتسويقها فقط على العرب كما تفعل ببترولهم.
إن زيارة كيري وحضوره المنتدى الاقتصادي في الأردن ما هي إلا من أجل تعزيز الأسواق الأمريكية وضمان مصالحها في المنطقة، وإضاعة الوقت في الجولات السياحية، لذا المطلوب منا أن ندرك هذا المسلسل الجديد بأنه عبارة عن مماطلة وإضاعة الوقت كما فعلت من قبل إدارة كلينتون وإدارة بوش، الأمر الذي سينعكس سلباً على قضايانا وعلى رأسها المصالحة، لأن الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني متفقتان على أن المصالحة تعني إصلاح منظمة التحرير ووجود حركة حماس فيها، وهذا المبدأ يتعارض مع كل سياسات التنازل.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية