سوريا تحت النيران الجوية ... بقلم : حمزة إسماعيل أبوشنب

السبت 31 أغسطس 2013

سوريا تحت النيران الجوية

حمزة إسماعيل أبوشنب

بات من المؤكد بأن سوريا على موعد مع ضربة عسكرية دولية، كل الدلائل والإشارات تصب في هذا الخيار، الولايات المتحدة استنفرت قواتها البحرية في البحر المتوسط، البيت الابيض لا يتوقف عن عقد الاجتماعات الأمنية والعسكرية، والمواقف الواضحة من الرئيس الأمريكي التي أعلن فيها عن اتخاذه القرار و طلب من الكونغرس الضوء الأخضر لتنفيذ ضرب عسكرية ضد نظام دمشق، الحلفاء الآخرون أنجز كل منهم الإجراءات التي تتخذ لخوض الحرب، هذا كان واضحاً من الموقفين الرسميين لفرنسا وبريطانيا بالاستعداد لتوجيه ضربة عسكرية والمشاركة فيها، وأن كان الموقف البريطاني تراجع عن المشاركة بعد أن رفض مجلس العموم البريطاني توجيه ضربة عسكرية الى سوريا، بريطانيا ستكون شريكا من خلال المعلومات الاستخباراتية، كما أنجزت الحكومة التركية استصدار مذكرة الموافقة على الدخول في حرب من البرلمان، العرب من جانبهم لا يحتاجون إلى مثل هذه الاجراءات ولديهم الرغبة في دعم أية ضربة عسكرية، تنازل الأسد عن الحكم وانسحابه هو وعدد من أفراد عائلته الحاكمة قد يغير الحسابات العسكرية، لكن هذا غير متوقع في الأيام القادمة، في السابق رفض العديد من الحلول المشابهة وأصرت الأجهزة الامنية والجيش في سوريا على القضاء على الثورة السلمية بالقوة المفرطة والقمع غير المسبوق، القوة والقمع حولت الثورة من السلمية إلى المسلحة فأصبح من السهل تدخل الأطراف الخارجية في الأزمة السورية.

حجم التحالف الدولي ضد سوريا النظام والمكون من ( الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، تركيا، السعودية، قطر، والأردن ) يدل على أن الهدف هو إسقاط النظام من خلال توجيه ضربات عسكرية جوية شديدة تكون كفيلة بشل كافة أركان النظام المستنزفة قواته منذ عامين ونصف في مواجهة الثورة الداخلية، تتمثل الأهداف في ضرب غرفة العلميات والاتصالات، مقر قيادات الجيش بفرقها، وغيرها من الأهداف الحيوية في النظام، تمكن الضربات الموجهة للنظام قوات المعارضة من الاقتحام والسيطرة على مناطق نفوذ النظام، الضربات الجوية قد تشمل أيضاً التنظيمات المقربة من القاعدة وعلى رأسهم جبهة النصرة لإضعافها ثم القضاء عليها وتوقيف الدعم الخليجي لها، مما يكبح جماح هذه المجموعات وتمكن القوات المحسوبة على اللواء إدريس في الجيش الحر من إحكام السيطرة على الأرض.

أمام الضربة الوشيكة وسيل التهديدات للنظام السوري تتهاوى جبهة الحلفاء الداعمين له، فروسيا وكعادتها لا تقف مع حلفائها في الشدة الشديدة، وسرعان ما تتراجع إلى الخلف وترفض الحرب كموقف إعلامي رسمي، تجربتها مع صدام حسين في العراق لا تخفى على أحد، ولكن في النهاية هي تبحث عن مصالحها الذاتية، تصريحات المسؤولين فيها التي تحدثت عن رفض الحرب ولن تكون طرفاً فيها، التصريحات الروسية من الواضح أنها تراجع واستسلام للواقع الجديد وقد تكون قبضت ثمن الصمت، في نهاية المطاف روسيا كانت داعماً وحليفاً للنظام ولكن لا يوجد بينهم اتفاقية دفاع عسكري مشترك رغم المصالح الاستراتيجية لروسيا في سوريا.

أيضاً على الجانب الآخر هناك من الحلفاء والأعداء والأصدقاء المقربين من سوريا، فإيران وحزب الله هم حلفاء استراتيجيون وهناك اتفاق دفاع مشترك بينهم، عدد من الفصائل الفلسطينية التي ترتبط بعلاقات مميزة مع النظام السوري والإيراني، أما على صعيد الأعداء فتوجد دولة الاحتلال، والآن سأتحدث عن موقف كل منهم على حدة :

إيران : تعتبر إيران الخاسر الأول كحزب الله من انهيار النظام السوري، لقد قدمت إيران كل المساعدات المالية والعسكرية للنظام طوال الفترة الماضية، السؤال الآن هل ستدافع إيران عن النظام بالتدخل العسكري في الحرب ؟ اعتقادي بأن الإيرانيين أذكى من أن يتورطوا في معركة يعلمون جيداً بأنها معركة خسارة، فلا يمكن لهم الوقوف في وجه تحالف دولي بهذا الحجم، قد تلجأ إلى زعزعة الوضع الداخلي لدول الخليج وعلى رأسهم السعودية، كما ستسعى لرفع نسبة تخصيب اليورانيوم داخل إيران.

حزب الله : مع صراع مع نفسه بين المضي في خطوة دعم النظام للنهاية، وهذه صعبة لأن الوضع الداخلي اللبناني لا يسمح لها بخوض معركة ضد دولة الاحتلال فهو مكشوف الظهر، الخيار الثاني خطوة للوراء والحفاظ على قدرته في لبنان، أعتقد بأنه سيختار الثانية وسيخرج بأقل الخسارة، مستفيداً من التركيبة الطائفية للساحة اللبنانية فهو مكون أساسي لها.

دولة الاحتلال : الاحتلال الإسرائيلي سيحاول الاستفادة من الحلف الدولي بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، وإضعاف قدرات حزب الله القتالية، أعتقد أن ذلك غير ممكن، جزء من الحلف الدولي يعارض توجيه ضربة عسكرية لإيران كتركيا وقطر، الاحتلال سيستفيد من الضربات العسكرية بإنهاء الحكم الحالي على ألا يكون البديل هو الفوضى في سوريا، الاحتلال يدرك بأن أي نظام جديد في سوريا حتى لو كان معادياً يحتاج إلى الوقت الكثير لإعادة ترميم وبناء سوريا، وهو يعي بأن المظلة الدولية ستحافظ على أمنه، بذلك يبقى الاحتلال هو الدولة المتفوقة عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط.

غزة والفصائل الفلسطينية : يحاول البعض أن يجعل غزة جزءاً من المعادلة، لكن الأمر مختلف تماماً، فغزة لن تكون جزءاً من الصراع في سوريا، هناك بعض المحاولات من الفصائل المقربة من النظام تفكر بشكل جدي في دخول مواجهة مع الاحتلال، إلا أن ذلك مرفوض فصائلياً وشعبياً، فغزة تفقد الآن سندها بعد الانقلاب العسكري في مصر وتُشَن على مقاومتها حملة تشويه إعلامية, والاحتلال سيستغل أية فرصة لتوجيه ضربة انتقامية للمقاومة رداً على نجاح المقاومة في إيلام الاحتلال في عدوان 2012، ففعلت المقاومة في غزة ما تعجز الآن دول على فعله.

كان بالإمكان حل المشكلة السورية داخلياً، فمن المحزن أن تكون القوات العسكرية العربية لا تقوى إلا على شعوبها، عند المواجهة مع الغرب تجدها تتهاوى، سوريا شاركت في الحرب على العراق عام 1991، ولكن هذه حقيقة وهذه نتائج قمع الشعوب والدكتاتورية، فبالأمس العراق واليوم سوريا، فهل سيكون غداً الجيش المصري هدفاً؟

كان بالإمكان حل المشكلة السورية ولكن كيف تُحَل عند من رفع شعار " الأسد أو نحرق البلد " "الاسد أو لا أحد " الشعار الذي ارتفع عن سبق دراسة وتفكير، الشعار الذي صفق له الشبيحة وغيرهم من المثقفين، يكفي هذا الشعار ومن رفعه لكي يعرف الجميع وكل من له عقل وبصيرة من الذي أصر على تدمير سوريا وحرقها سواء بصواريخ السكود أو الكروز!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية