سيناريوهات كسر شوكة غزة ... بقلم : أيمن تيسير دلول

السبت 31 أغسطس 2013

سيناريوهات كسر شوكة غزة

أيمن تيسير دلول

من خلال المتابعة للمتغيرات الإقليمية المختلفة التي تتعرض لها دول الربيع العربي هذه الأيام، تأبى الأطراف التي تعمل جاهدة في حرف بوصلة الثوار في البلاد العربية إلا الزج بقطاع غزة في إطار جعل وجهته نحو المجهول وإلى مستنقع من الدماء، والسبب في ذلك أن المخطط لإراقة دماء الآلاف هذه الأيام في العديد من العواصم العربية، هو ذاته الذي ينتظر اللحظة التي من خلالها يسعى للثأر من غزة التي بقيت مرفوعة الرأس ولم يُفلح في كسرها الحصار والعدوان الصهيوني في الفرقان وحجارة السجيل وغيرها، كما لم يفلح في زعزعتها الأخبار المكذوبة التي روجتها تلك الأطراف وزعزعة الأمن فيها وغيرها من المؤامرات التي لم تفلح- وبإذن الله لن تفلح مستقبلا- في كسر شوكة غزة.

غزة

وتأكيدا أن من يسعى جاهدا لتعجيل الثأر من غزة أطراف متعددة وليس طرفا واحدا، ومن خلال المقال التالي سنوضح السيناريوهات المتوقع تنفيذها من قبل تلك الأطراف بحق غزة خلال هذه المرحلة الحرجة من تاريخها، مع إظهار مصلحة كل طرف من وراء ذلك، ولن نُغفل توضيح إمكانية النجاح وآلية المواجهة المحتملة لحركة المقاومة الإسلامية التي تحكم قطاع غزة كنتيجة طبيعية لفوزها في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأراضي الفلسطينية في يناير 2006م، وشهد العالم على أعلى درجات نزاهتها وديمقراطيتها.

“فتح” والمؤامرة

تقود حركة “فتح” منذ تولي “حماس” لإدارة قطاع غزة في يونيو 2007م المؤامرة تلو الأخرى في سبيل إنزال “حماس” عن كرسي الحكم الذي جلست عليه بإرادة الجماهير، ولا تجد “فتح” من خلال قيادتها للسلطة الفلسطينية في سبيل تحقيق هذه المآرب غضاضة من وضع يدها بيد من يساهم معها في تحقيق هذا الحلم، ولا فرق لديها إن كان صهيونيا أو أمريكيا وحتى لو كان الجيش المصري!!.

ولا يمكن فهم عودة السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس للمفاوضات مع العدو الصهيوني إلا في هذا الإطار، فالعودة جاءت رغم رفض كل الفصائل الفلسطينية لهذا الأمر عدا حركة “فتح” التي شذت كالعادة عن الصف الوطني وذهبت للمفاوضات منفردة. الحديث عن المؤامرة ليس محض اتهام، فالتفاصيل التي ظهرت في الطروحات التي أبلغها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لرئيس السلطة عباس تؤكد هذا الحديث، ويمكن تحديد فصول المؤامرة التي تسعى من خلالها “فتح” خلال نوفمبر 2013م للإطاحة بحكم “حماس” من خلال التالي:

1- تشكيل حركة “تمرد” في غزة، والقيام بتحديد تاريخ للإطاحة بحماس اعتمدت حركة “فتح” وقيادة السلطة أن يكون في 11-11-2013م. وفي هذا الإطار فحركة “فتح” تدرك جيدا أن عناصرها لن يشاركوا في فعاليات هذا التمرد على الأقل في البداية، وهي تعول أن تستجلب لحركتها عموم الشعب الفلسطيني في ظل ما سوف تقوم به من بث ونشر الشائعات والأكاذيب- الإعلام المصري دليلا بسيطا عليها- وفي ظل حالة التضييق التي سيقوم بها الجيش المصري ضد غزة من خلال هدم الأنفاق وإغلاق معبر رفح، وصولا للتدخل العسكري في غزة. وفي حال وجدت حركة “فتح” تحركا من قبل الجماهير استجابة لدعوات تمرد فإنها حينها ستنزل إلى الميدان وتتصدر المشهد العام.

2- عباس وبالتزامن مع التوتر في غزة سيعمل على الكثير من المحاور- التي تم كشف بعض منها في تفاهماته مع كيري-، فهو سيعجل من وتيرة المفاوضات مع العدو الصهيوني لتقديم تنازلات خطيرة بحق القضية الفلسطينية ولا يستطيع أحد الانتباه لها وبخاصة من قبل “حماس” في غزة لانشغالهم في أوضاعهم في مواجهة تمرد وغيرها، وبالتزامن مع هذه التنازلات سيقوم بإعلان قطاع غزة إقليما متمردا وهذا يعني حجب كل الأموال التي كان يقدمها له لقطاعات الصحة وغيرها بالإضافة إلى دفع موظفي “فتح” الذين يتقاضون رواتبهم من “رام الله” للمشاركة في الثورة على “حماس” بعد حجب رواتبهم، والإعلان عن غزة إقليما متمردا تعني إعطاء المبرر لأي أطراف أخرى في سبيل التدخل عسكريا ضدها دون أن يكون “عباس” في موقف مُحرج، وأقصد هنا التدخل من قبل الجيش المصري.

3- وباعتقاد “عباس” وحركته “فتح” أن حركة “حماس” لن تجد سبيلا للاعتراض بفاعلية ضد إعلانه غزة “إقليما متمردا”، لكن وإن حدث هذا ولكي يغطي على جريمة إضاعة القضية الفلسطينية خلال المفاوضات والتوقيع على اتفاق خطير جدا على شعب فلسطين ووطنه فسوف يقوم بضربة تشغل الشعب الفلسطيني عن المفاوضات وتتمثل بإعلان الانتخابات التشريعية الفلسطينية في الضفة الغربية وحدها، وقد بدأ “عباس” بالفعل تشكيل قائمة بمرشحي حركة “فتح” في الضفة المحتلة، وتأكيدا أن هذه الانتخابات ستقابلها “حماس” بالمقاطعة، وبالتالي فهو يسعى بذلك للقضاء على الحركة بالكامل وتجفيف منابعها في الضفة المحتلة.

4- ستكون الخطوة التالية التي أعدتها قيادة حركة “فتح” في حال نجاح خروج الناس إلى الشوارع دعما لتمرد في مواجهة “حماس” التدخل العسكري، وهذا سيكون وفق الاجتماعات التي جرت بين القيادي في حركة “فتح” محمد دحلان ومسؤولي الأجهزة الاستخبارية لكل من مصر والإمارات بالإضافة إلى مسؤولين في جهاز الأمن العام الصهيوني الشاباك ومخابرات السلطة في رام الله حيث شارك رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج في معظم هذه الاجتماعات بالإضافة إلى دحلان. ستكون الخطوة البدء بتحركات عسكرية من قبل خمسمائة عنصر من حركة “فتح” يتبعون لدحلان يجري تجميعهم هذه الأيام في مصر، وستكون مهمتهم زعزعة الوضع الأمني في غزة من خلال التحرك من مناطق من قبيل معبر رفح وكرم أبو سالم والشجاعية وغيرها، وقد تم القبض على أشخاص من جنوب قطاع غزة وقد وصلت لديهم عشرات البنادق الرشاشة من طراز M16 لهذا الغرض خلال الأسبوع الماضي.

5- في التخطيط للأطراف المختلفة لمواجهة غزة وبعد أن تتحرك عناصر “فتح” في الميدان تشتبك معها عناصر كتائب القسام وتسيل الدماء في شوارع غزة، وبذلك تصل تلك الأطراف للخطوة التالية المتمثلة بداية بعرض الجيش المصري الوساطة لوقف النزاعات الدائرة، وهو أمر- حسب تخطيطهم- ستعارضه “حماس” بشدة على اعتبار أنه شأن فلسطيني داخلي، الأمر الذي سيقابله الجيش المصري باستهداف مقرات مختلفة في قطاع غزة والبدء بإشعال فتيل التدخل في غزة.

الحديث عن مصلحة حركة “فتح” في التمرد على “حماس” بغزة تؤكده العديد من الوثائق والاجتماعات والتوجيهات الصادرة من حركة “فتح” لعناصرها في غزة، بالإضافة إلى السقطات الإعلامية لقادة “فتح” بشأن غزة، وما تصريحات عزام الأحمد بأن “فتح” لن تبقى أسيرة لحماس والتهديد باتخاذ إجراءات مؤلمة عنا ببعيد، هذا بالإضافة إلى تصريحه بأنه يأمل دخول غزة على ظهر دبابة مصرية، وغيرها من التصريحات له ولغيره!!.

مصالح مختلفة

أما في الحديث عن مصالح الأطراف المختلفة من كسر شوكة غزة، يمكن تحديدها في النقاط التالية:

1- مصلحة العدو الصهيوني: لا أحد يشكك بأن الكيان الصهيوني ينتظر اللحظة التي يشاهد فيها غزة و”حماس” تجثو على ركبتيها، فهو القوة الأكبر في الشرق الأوسط ولم تفلح كل جهوده العسكرية والمالية والتجسسية وغيرها في إزاحة “حماس” عن الحكم، وإزاء ذلك فقد وجد نفسه وقد ضاعت هيبته، وحبذا من إعادتها مرة أخرى وإن كان بأيدي فتحاوية أو مصرية وعربية.

2- مصلحة الجيش المصري: الجيش المصري يسعى جاهدا لكسر شوكة غزة بعدما كانت نموذجا في نجاح الإسلاميين وكانت نبراسا للإخوان المسلمين في مصر، ومن جانب آخر فهو يسعى لزرع بزور فتنة بين الشعبين الفلسطيني والمصري الذين تربطهم علاقات ترابط ووصال عجز نظام مبارك عن قطعها.

3- مصلحة سوريا: وقد يستغرب البعض أن النظام السوري في الوقت الحالي له مصلحة كبرى في استهداف غزة؛ فهو يشعر أن “حماس” خذلته بموقفها المؤيد للثورة السورية، الأمر الذي أوقعه بورطة. لذلك وجدنا الزيارات المتكررة التي قام بها وفد من قادة الجيش المصري لنظيره السوري بعد استهدافه السلاح الكيماوي ضد المدنيين واتصالات الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري بنظيره السوري، ولا يُستبعد أن الجيش المصري قد طلب تزويده بسلاح كيميائي لمواجهة مقاتلي القسام في قطاع غزة خلال غوصه في رمالها إن تدخل لمساندة عناصر حركة “فتح”، وهو أمر ينبغي الاحتياط له جيدا وإن كان صعب التحقق لدى تفكير البعض.

رصاص للرؤوس.. ليس في الأرجل

في الكفة الثانية وأمام ما يجري في غزة ستجلس حركة “حماس” بكل أريحية، وفي نهجها ستعمل جاهدة على تجنيب غزة أي دماء قد تسيل، وإن فشلت فسوف تكون مواجهتها وأسلوبها هذه المرة أقوى مما جرى في يونيو عام 2007م مع عناصر حركة “فتح” أو غيرهم في سبيل عملهم لزعزعة غزة، ويمكن تفصيل خطوات الحركة المتوقعة في التالي:

1- ستبدأ “حماس” تحركات ميدانية مختلفة سياسية واحتفالية مختلفة في كافة شوارع ومحافظات قطاع غزة، وهي فعاليات ستكون لإحياء ذكرى اغتيال القائد الأبرز في كتائب القسام أحمد الجعبري وذكرى حرب حجارة السجيل والفرقان، وسيكون أبرز ما يكون من فعاليات استعراض عسكري ضخم وكبير في وضح النهار وسيمتد من رفح جنوبا إلى بيت حانون شمالا وسوف تعرض من خلاله أسلحة تعرضها لأول مرة، وهي بذلك ستوجه رسائل امتنعت عن توجيهها منذ عدة شهور وسيكون مفادها أن من يعتدي على غزة فسوف ترد له الصاع صاعين فلا شيء عادت تخسره بعد إسقاط الرئيس المنتخب في مصر محمد مرسي ونظامه.

2- في حال وصلت الأمور للمواجهة مع حركة “فتح” أو أي فصائل تنضم لها فالأمور ستكون أصعب كثيرا مما كانت عليه في العام 2007م، خاصة وإن تزامن ذلك مع إعلان “عباس” غزة إقليما متمردا وإجراء انتخابات في الضفة دون غزة وتوقيع اتفاقيات تفريطية مع العدو الصهيوني. باختصار سينظر عناصر كتائب القسام لأي تمرد في غزة على أنه ضمن المخطط العالمي لمحاربة الإسلام ولن يوجهوا رصاصهم هذه المرة نحو الأرجل، بل لن يرضون بأقل من رصاصة في الرأس لكل متمرد.

3- في حال تدخل أي طرف خارجي في العدوان على غزة عربي أو صهيوني وبخاصة إن كان مصري، ستدعوه “حماس” للتراجع والخروج، لكن إن رفض، فسيكون الرد موجعا من جناحها العسكري كتائب القسام، وربما لا يتوقف الأمر نحو رد العدوان عن غزة، بل ولن يكون مانعا من الدخول للأراضي المصرية في محاولة لرد اعتبار غزة.

إن هذه السيناريوهات تبقى مجرد توقعات بعضها مبني على أخبار ومعلومات تم نشرها في العديد من وسائل الإعلام، وهي سيناريوهات يلعب في حدوثها التغيرات الجارية في مصر والمنطقة، وأي تغيرات في المنطقة ستؤدي إلى التراجع عن القيام بأية خطوات تصعيدية ضد غزة. لكن بالمحصلة فغزة وحركة “حماس” تشير التوقعات المبنية على مواجهات سابقة مع حركة “فتح” أو العدو الصهيوني أنها ستكسر اليد التي تمتد إليها بسوء وستخرج منتصرة- بإذن الله- ولن يكون في قلبها رحمة كما في الماضية تجاه أي يد تمتد إليها بسوء، بل وستجد مساندة شعبية منقطعة النظير أكثر كثيرا من المواجهات الماضية.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية