شيخي لك الرحمة.. وعلينا مواصلة الطريق
بقلم الكاتب مصطفى الصواف
أنبكيك ونذرف الدمع، أم يعترينا الحزن على فراقك، أم ننعاك بكلمات قد لا تكفيك وتعطيك حقك؟! ولكن لا نقول إلا ما يُرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون، نقولها ونحن راضون بقضاء الله وقدره، راضون عنك، داعين الله أن يرضى عنك ويدخلك فسيح جناته، وأن يلهمنا وأهلك الصبر والسلوان.
نعم، العين تدمع، والقلب يحزن، على فراقك يا شيخنا ويا قائدنا ويا أخانا ويا والدنا، على مثلك تبكي البواكي، فقد كنت النموذج للقائد المعطاء المتفاني، الذي وهب نفسه وعمره من أجل الله أولاً، ونصرة لدينه، وحفاظاً على دعوته، وإيماناً منه بأن هذا الطريق الذي انتهجه وحركته الأم ـ حركة الإخوان المسلمين ـ وذراعها في فلسطين حركة حماس، وهو طريق المقاومة والجهاد والتضحية، هو الطريق الأمثل لتحرير فلسطين المغتصبة من قبل شذاذ الآفاق.
لقد كنت يا شيخي، بل يا شيخنا، الأب الحاني لمن صحبك في ترحالك ومقامك، عايشتك في محطات من حياتنا فلم أجد منك إلا الإخلاص في القول والعمل، وما عرفت فيك إلا المظلة الحانية التي تضم في جنباتها إخوانك، فكنت تخفض جناحك لهم حاملاً مواسياً شاكراً لهم، فإن غضبت لا يبدو عليك الغضب، وتبتسم رغم الألم.
شيخنا، كنت السباق في كثير من الميادين، وكنت الرجل الذي حمل مع أخيه المؤسس الشهيد الشيخ أحمد ياسين، فكنت مؤسساً معه، حاملاً همّ الدعوة إلى الله رغم الخطوب ومكائد الكائدين وحقدهم وتربص الأعداء بكم، واصلت البناء فعظم واشتد عوده، حملت المسئولية عن قناعة واقتدار.
رحلت نعم، ولكن رحيلك لم ولن يكون كأي رحيل، فالملايين ترحل يوميا، ولكن هناك رجال بأمة ونحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحداً، كنت أمة، لأن من يربي جيلاً كجيل حماس وجيل الإخوان المسلمين يرحل بجسده ويبقى بأثره على مدى هذه الدنيا حتى تفنى، ونلتقيك ويلتقونك بإذن الله في عليين عند مليك مقتدر، بصحبة الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين، ولمِ لا؟ فقد عهدناك صالحاً عابداً قائماً صائماً متقدماً الصفوف حتى اللحظة الأخيرة من حياتك، داعياً وواعظاً وخطيباً وسياسياً وقائداً مؤسساً، فتركت ما يشفع لك عند ربنا لو كان هناك تقصير، فكلنا مقصرون ولكن حسبك أنك كنت خالص النية لله.
لن أزيد شيخي لأن الكلام لا يكفيك، ومثلي يعجز عن الحديث فيك، ولن أقول إلا قولاً واحداً، رحمك الله رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وتعازينا لأنفسنا ولدعوتنا وحركتنا ولأهلنا آل شمعة في مصابنا الجلل، ولكنه قدر الله.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية