صفقة وفاء الأحرار( 2 ) ..وفرحة الانتصار
آمال أبو خديجة
منذ ما يقرب الشهرين تم الإفراج عن الدفعة الأولى من صفقة وفاء الأحرار حيث أفرج فيها عن أقدم واعقد الأسرى الذين كان يرفض الكيان الصهيوني الإفراج عنهم، فعَمت الأفراح أراضي الضفة الغربية وغزة وكان ذلك اليوم عرساً وطنياً غاب مشهده منذ سنوات طوال عن قلب شعب فلسطين الذي أنهكته النكبات والآلام.
وفي الأيام القليلة القادمة يترقب الناس الإفراج عن مجموعة أخرى من أسرانا الأبطال من داخل سجون الظلم ، ليغادروا مرتحلين من تلك البقعة السوداء التي حفرت في ذاكرتهم ليُصعب نسيان كوابيسها وأحزانها، سيصطف الناس على الطرقات وينتظرون على الأبواب دخول هؤلاء الفرسان لتُرفع الأصوات مرحبة بهم من جديد تلقي في قلوبهم الأمل لمستقبل جميل.
سيغادر ما يقارب من 550 أسير فلسطيني من سجون الاحتلال الصهيوني ضمن قائمة وضعتها مصلحة السجون الإسرائيلية تم الإعلان عنها، وسيغيب عن تلك القائمة أسماء لكثيرين ما زالوا يمضون أعمارهم في تلك الغرف المظلمة، وقد مضى على أسرهم السنوات العديدة، يقبعون تحت حكم سطوة السجان بأحكام طويلة ما بين المؤبد ومدى الحياة، أشخاص قدموا من أعمارهم نضالاً عظيماً مما جعل ذلك الكيان يتخذ القرار الغاشم أن لا يتم الإفراج عنهم بل يكون ذلك من المستحيلات، وسيسقط من تلك القائمة ما لا يقل عن 4000 أسير ينتظرون يداً جديدة تُمد لتَخلع تلك القضبان عن وجوههم الشاحبة، منهم من يحكمون بالاعتقال الإداري المتكرر منذ سنوات دون لوائح اتهام ولا يُعرف إن كان سيكون لهم حظاً بالإفراج، ونأمل أن لا يتم إسقاط ونسيان أسيراتنا المناضلات من بقين خلف القضبان وما زلن ينتظرن فرحة الأمل الجديد.
فمنذ أن نجحت الصفقة الأولى لوفاء الأحرار دار الجدال داخل الكيان الصهيوني حول عمليات التبادل ونوعية الأشخاص الذين يُفرج عنهم والكمية التي يجب أن يوافق للإفراج عنها، فأُصدرت القرارات واتُخذت سياسات ليتم التشديد في التعامل مع الصفقات المستقبلية حيث لا يُفرج عن أي شخص قتل يهوديا، أو محكوم بالمؤبدات، وأن يتم تقليل العدد حتى لا يخرج هؤلاء الإرهابيين كما تدّعي للعمل من جديد ضد أمن الكيان الصهيوني.
لقد وضعت قائمة الأسرى الجديدة وأهالي الأسرى عيونهم تترقب أن يُذكر أسم أسيرهم ، فالكل يتزاحم على الأبواب يتمنى أن يَنفذ وَلده ليخرج من تلك الفتحة التي أطلت عليهم بالنور ونقاوة الهواء، فمن اتسع له المكان فسوف يحالفه الحظ بالخروج لساحة الأمان، ومن بقي محشوراً في زاوية المكان الضيق سيكون ضمن قائمة النسيان لينتظر على الأبواب فرصة أخرى قريبة لعل يكون متسع لمكان.
فرغم الفرحة التي تغمر الأسرى الذين سيتحررون ورغم أحلامهم وآمالهم التي تبدأ ترتسم أمام عيونهم لما سيكون بعد التحرير، إلا أن قلوبهم ستعتصر الألم كما تعتصرها آلام كثيرين ممن يشعرون بآلام الأسرى على من يتركون خلفهم من الأسرى ، فالفرحة انغمست بلقمة الآلام لتبقى تنزف الجراح والأمنيات أن يتم تحرير جميع الأسرى وأن تُنظف تلك السجون الظالمة من قهرها وظلمها.سيغادر الأسرى المحررين في الأيام القليلة القادمة إن صدقت الإدارة الصهيونية بعهدها ولم تُخلفه، وعيونهم تحاكي أنظار من تركوهم وأمنياتهم تتعالى أن تتبعهم خطواتهم في الوقت القريب وأن لا يطول حصارهم خلف القضبان.
إن نجحت المقاومة في إتمام الصفقة الثانية من وفاء الأحرار سيثبت أنها استطاعت أن تكسر عنجهية الكيان الصهيوني الذي يدّعى أنه لا يقهر ولا يتنازل عن أي بنود أو خطوط حمراء، وأن تجعل ذلك الكيان الذي اعتاد أن يَخلف في عهوده ومواثيقه يرتجف خوفاً ويلتزم بتوقيت الصفقة الثانية و يحترمها ويحذر من أن يتنصل منها ، فهذا مفهوم القوة الذي قامت عليه مفاوضات المقاومة غير المباشرة مع ذلك الكيان فأرعبته في صلابتها وقوتها التي لا تتكسر.
فإن كانت المقاومة قد فرضت قوتها وسيطرتها على عنجهية الكيان الصهيوني ليسارع نحو تحقيق ما يُتفق عليه، فالأولى أن يتم التسليم أن التنازلات والعودة للمفاوضات لن تُجدي نفعاً مع ذلك الكيان، وأن مفهوم القوة والصلابة والإصرار هو الذي يجعل ذلك الكيان ينكسر خانعاً تحت أقدام المقاومين الذين يصرون على مبدأ ما أخذ بالقوة لا بد أن يُستعاد ويُرد لأهله بالقوة، لأن ذلك الكيان الصهيوني المتخلف لا يفهم لغة الحوار والتفاوض حتى لو قضيت السنوات الطويلة سيبقى يسعى للأخذ والمماطلة دون أن يعطي شيئا ولن يعطي إلا إذا فرضت عليه مفهوم القوة والمقاومة.
إننا في انتظار اليوم الذي نشهد فيه تحرير جميع أسرانا من سجون الظلم والقهر ليعودوا لأهلهم وديارهم سالمين من آفات السجون والسجان، لذا فيجب السعي من أجل نجدة أسرانا ودعم حريتهم ومطالبهم، ونأمل أن يلاقى الأسرى المحررين الرعاية والاهتمام من كل مسئول على ما قدموه من نضال لأجل قضيتهم العادلة خسروا فيها أعماراً كثيرة وأحلاماً وردية، فاليوم سيخرج منهم القليل لُيرحب بهم من جديد وتعم قلوبنا فرحة أمل لمستقبل قريب نحلم فيه أن نستقبل جميع أسرانا لنضمهم إلينا وتدفئهم عيوننا بما تحمله لهم من محبة وتقدير على ما قدموه لأجل حقوقنا وحقوق أطفالنا.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية