عاد كيري بخفي حنين ... بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الأربعاء 03 يوليو 2013

عاد كيري بخفي حنين

د. أيمن أبو ناهية

كثرت في الآونة الأخيرة جولات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى المنطقة، وأصبحنا لا ندري ما الذي يريده تحديدا من هذه الجولات، أهي جولات سياسية أم هي سياحية؟! فقد أتى كعادته لا يحمل في حقيبته أي أوراق عمل أو خطة سياسية، وإنما يأتي في كل مرة ليتحدث عن سلام اقتصادي في المنطقة، وكأن المنطقة لا ينقصها إلا من هذا القبيل، خاصة و أن جميع مؤشرات والانطباعات تدلل على عدم جدية الإدارة الأمريكية في تحديد أولوياتها تجاه القضية الفلسطينية، وتصر على محاباة الكيان الإسرائيلي والانحياز الكامل له.

فكافة المعطيات تشير إلى أن ممارسة واشنطن ضغوطا على حليفتها (إسرائيل) لجهة وقف الاستيطان أمر مستبعد على الأقل في ظل المواقف السابقة التي اتخذتها الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ استخدام الفيتو ضد قرار يدين المستوطنات والنشاط الاستيطاني وفيتو آخر ضد الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة.

لقد عاد كيري إلى بلاده "بخفي حنين" بعد جولته الأخيرة، دون أن يضع النقاط على الحروف فيما يتعلق الأمر في البناء المستمر للاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، رجع كيري إلى بلاده دون أن ينهي الكيان عن معصية الله في تهويد القدس والأماكن المقدسة، رجع كيري إلى بلاده دون أن يطالب الاحتلال لا أقول إطلاق سراحهم وإن كان هذا واجبا إنسانيا وأخلاقيا قبل أن يكون حقا قانونيا دوليا، بل أدنى من ذلك وهو الالتزام بالمواثيق الدولية التي تنص على تحسين ظروف الأسرى والاستجابة لمطالب المضربين عن الطعام والشراب.

إذن جولة كيري الجديدة ما هي إلا عبارة عن جولة سياحية بامتياز على غرار جولاته السابقة، وهذه هي قمة السذاجة، بإعطاء جولاته وزياراته طابعا سياحيا، ليقلب الحقيقة رأسا على عقب، ويظهر للعالم أن منطقة الشرق الأوسط تنعم بالرخاء والأمن والسلام، والحقيقة أن المنطقة تتأذى من الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، واستحواذ الاحتلال على الأراضي والمياه.

إن كل ما سمعناه من كيري هذه المرة والمرات السابقة هي دعوته "استئناف المفاوضات" –ياحسرتاه- هو في واد ونتنياهو في واد آخر ،حيث يواصل تعنته ونشاطه الاستيطاني دون أن يحسب حسابا لأحد ولا يكرم لكيري ولا لأوباما، علما بأن سكوت الإدارة الأمريكية عن سياسة نتنياهو هو التواطؤ بعينه معه. وليس أدل على تمسك الحكومة الإسرائيلية بنهجها الاستيطاني من الإعلان عشية زيارة كيري عن موافقتها على بناء ٦٩ وحدة استيطانية في جبل أبو غنيم، الذي يقع خارج الخط الأخضر.

والمعروف أن الاستيطان هو الممارسة الإسرائيلية غير الشرعية المضافة إلى الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية. وحتى يتم التفاوض على إنهاء الاحتلال لا بد من إزالة العائق الاستيطاني الذي أضيف إلى احتلال مرفوض أصلا من قبل المجتمع الدولي. والمفاوضات في جوهرها من المفروض أن تتركز على إنهاء الاحتلال وفقا للمرجعيات الدولية، وأما الاستيطان فهو باطل بني على باطل، ويجب أولا التعامل معه من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي نصت على إنهاء الاحتلال كشرط لتحقيق السلام.

من هنا فإن على من ينخدع برواية كيري لاستئناف المفاوضات، ومتزامنة مع استمرار الاستيطان، فسوف يقع مرة أخرى في الفخ القديم، وسيعلم أن جولات كيري لا تختلف تماما عن جولات زملائه السابقين المبعوثين من قبل الإدارات الأمريكية السابقة إلى الشرق الأوسط، كما سيعلم أن جولاته عبثية لمضيعة الوقت لصالح الاحتلال كي ينفذ خططه التهويدية والاستيطانية وتمكينه من ضم القدس بشقيها وسياسة الاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية ومناطق 48.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية