عام على العدوان والنيران مشتعلة

عام على العدوان والنيران مشتعلة .... بقلم : مصطفى الصواف

الأحد 27 ديسمبر 2009

عام على العدوان والنيران مشتعلة

 السابع والعشرون من ديسمبر( كانون أول) كان قطاع غزة على موعد مع صب الإرهاب الإسرائيلي صبا، عبر أكبر غارات جوية شهدتها منطقة الشرق الأوسط ربما عبر تاريخها البشري، كانت بداية حرب الإبادة التي ظنت من خلالها (إسرائيل) أنها ستكسر الفلسطينيين وعلى رأسهم حركة حماس، ولكن خاب فألها.

 
 تاريخٌ حارق سيبقى محفوراً في ذاكرة الفلسطينيين الذين تجرعوا المرارة والوجع, يومٌ تناثرت فيه جثث الشهداء في كل الأروقة والشوارع, واندلعت النيران في كل مكان, وآهات والمكلومين، والصرخات تعالت في كل حدبٍ وصوب، ومازالت آثار العدوان تتكشف يوما بعد يوم رغم مرور عام كامل عليها نتيجة استخدام اليورانيوم المنضب، والفسفور الأبيض، وقنابل الدايم وغيرها من الأسلحة المحرمة دوليا.
 
القصف الحربي الإسرائيلي ضرب غزة آنذاك بكل بشاعة وقسوة، ولم يرحم صغاراً ينامون في أسرتهم أو يجلسون على مقاعد دراستهم, أو كباراً في أماكن عملهم مستهدفاً كل شيء يمشي على الأرض و يشي بأنه فلسطيني.
 
مرة واحدة مئات القتلى وآلاف الجرحى.. جثث ملقاة على الأرض.. أذرع لأطفال ونساء وشيوخ.. أمهات يبحثن عن مكان يحمين صغارهن فيه.. مبانٍ تحولت في غمضة عين إلى ركام فوق ساكنيها.. إبادة جماعية للعائلات والأسر.. مساجد انهالت على المصلين لتصبح أثرا بعد عين.. مستشفيات فرشت أرضياتها بالشهداء واكتظت باحاتها وثلاجاتها أيضا، وامتلأت أسرتها بالجرحى، وفاحت منها رائحة الموت، وهب الناس فرادى وجماعات نحو الشوارع والطرقات منهم من يحاول الإنقاذ رغم الحمم المصبوبة على الرؤوس، ومنهم من خرج إلى المستشفيات سيرا على الأقدام من شرق القطاع إلى غربه إما متبرعا بدم، أو باحثا عن ابن أو أخ أو أم أو قريب بين جثث الشهداء الملقاة على الأرض أو في الثلاجات.
 
مشهد قاسٍ وصعب، لم تستطع فيها العيون والكاميرات أن تلتقط صورته المملوءة بالدموع والدماء، ووقف القلم مرتجفاً أمام مشاهد الحرب والدمار، واستمر العدوان وكل يوم شهداء وجرحى وجرائم لم تكتشف إلا بعد أن أخمدت نيران الحقد وإرهاب يهود وتكشفت الحقيقة المؤلمة بعد 22 يوماً، لنجد أن بيوتا قد أُحيلت إلى خراب وعاث الموت فيها فسادا, فارتقى أكثر من 1420 فلسطينيا رُفعوا على قائمة الشهداء، أما الجرحى فزادوا عن 5450 شخصا، ودُمر نحو 16 ألف منزل، وشُردت آلاف الأسر لتصبح الخيام مقرها الدائم بكل ما تحتويه من غربة وقسوة.
 
وبحسب إحصاءات وزارة الصحة فإن أكثر من 12% من جرحى الحرب على غزة باتوا "معاقين"، حيث تعرض أغلبهم إلى بتر للأطراف العليا والسفلى, وحالات كثيرة فقدت أطرافها الأربعة وهناك 14% من الجرحى تعرضوا للبتر, 4% يعانون من إعاقات ذهنية وعقلية نتيجة لتعرض الدماغ لشظايا صغيرة اخترقت الرأس.      
 
وقدر المسح الذي أجراه برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن أكثر من 15 ألف منزل و68 مبنى حكوميا و31 مبنى لمؤسسات أهلية تعرضوا لأضرار كلية أو جزئية.
 
ورغم مرور عام على مأساةٍ خلّفتها آلة الموت و الدمار الإسرائيلي وأمام جريمة وحشّية ما زالت تسكن علاماتها أجساد وبيوت سكـان المدينة المجروحة، بدأت ظواهر صحيّة خطيرة وغير طبيعية تبرز في قطاع غزة في مقدمتها ارتفاع عدد المواليد المشوَّهة ومعدلات الإجهاض المبكر وازدياد الإصابة بالأمراض السرطانية.
 
وبسبب تلك الآثار ما زالت صحة مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة معرضة للتأثر بها في أي لحظة، إضافة لتلوث جميع مكونات البيئة الأساسية من مياه وتربة وهواء التي تعاني من تدهور خطير أصلاً جراء بقاء هذه المواد في تربة وهواء القطاع واستنشاق المواطنين لها بشكل يومي.
 
أمطار النيران وحمم الصواريخ الإسرائيلية لم تقتصر فقط على البيوت والوزارت والمقرات الأمنية، بل تسببت في تشوهات كبيرة وبالغة الخطورة في جسد القطاع التعليمي؛ وتعرضت أكثر من 50 مدرسة للتدمير الكامل والجزئي، إضافة إلى الضرر الذي لحق بعشرات المدارس التي تطايرت نوافذها وأبوابها وتعرضت لوابل من الرصاص وشظايا الصواريخ والقذائف، وقدرت تكلفة إعادة إعمار المدارس والجامعات ورياض الأطفال التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية بـ40 مليون دولار.
 
ورغم ذلك خرج أهل غزة أكثر صمودا وعنفوانا رغم الجراح الغائرة والعائلات التي أعدمت، والدمار الشامل الذي حل، وفشل العدو وانتصرت غزة، والمؤلم أن العرب لم يحركوا ساكنا، وزاد الطين بلة الموقف المصري القاتل والذي يأتي في ذكرى العام الأول للعدوان، والذي سمته (إسرائيل) الرصاص المصبوب، لتصب مصر جدارها الفولاذي لخنق غزة وقتل ما تبقى فيها من حياة، ولن يكون لها ولا للعدو الصهيوني ما تريد، ولن تستسلم غزة وستبقى كما عهدناها دوما رمزا للعزة والكرامة وعنوانا للصمود.
 
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية