عرفات الغائب في ذكراه! ... بقلم : لمى خاطر

الثلاثاء 12 نوفمبر 2013

عرفات الغائب في ذكراه!

لمى خاطر

في ندوة أقيمت في رام الله أمس لإحياء ذكرى رحيل عرفات؛ وقف أحد قياديي فتح ومسؤولي السلطة ليتحدث عن الثورات العربية، وبطبيعة الحال، خصص جانباً واسعا من كلامه للهجوم على الإخوان المسلمين في مصر وغيرها، وللدفاع عن موقف سلطة الانقلاب الدموية!

لا يبدو الأمر غريباً أو خارجاً عن المألوف الفتحوي، ولا عما تحشره فتح عادة تحت يافطة إحياء ذكرى عرفات كل عام. وليس أدلّ على ذلك من استغلالها الذكرى لشنّ حملة تحريض مسبقة على حماس بدأت منذ عدة شهور، ومنّت الحركة نفسها بأن يكون يوم 11/11 موعداً لإسقاط حماس في غزة، لكنّ تلك كانت سقطة الحركة الكبرى، بعد أن تبيّن أن بالون الحشد والتحريض الذي استمر عدة أشهر كان مجرد فقاعة واهية لم يكن لها أي نصيب من الاهتمام!

فإن كانت غالبية الفلسطينيين تحترم تاريخ عرفات المتعلق بالنضال، وليس بمسار التفاوض والتسوية مع إسرائيل، فلن يعني هذا أن الجماهير غبية أو مغيبة العقل لتفقد قدرتها على تمييز الوفي لإرث عرفات النضالي ممن يتاجر باسمه لغايات دنيئة، وخصوصاً التحريض على الطرف الحامل بيرق المقاومة وحمايتها في فلسطين. فالفتحاوي قبل الحمساوي، والعلماني قبل الإسلامي يعي تماماً أن مشروع المقاومة إنما يستند لسارية حماس، ولكل ما قدّمته وما زالت لأجل النهوض به وتعزيز قدراته، فكيف سيتقبل عاقل أن يغامر بحماة هذا المشروع في سبيل اللصوص والجبناء والفاسدين وأرباب الانفلات والفوضى؟!

وعلى فتح في المقابل أن تبحث في الأسباب التي أدت إلى أن تصبح فعاليات إحيائها ذكرى عرفات باهتة وخافتة البريق، حتى في مدن الضفة، حيث تسيطر الحركة وتحكم، وحيث تدعي أنها تمتلك الأغلبية الشعبية، ومع ذلك فإن الاكتراث الشعبي بإحياء الذكرى يتناقص ويكاد يقتصر على أعداد منتمية لفتح أو موظفة في مؤسسات سلطتها المختلفة.

في هذه الفعاليات، يغيب دائماً الحديث عن العنصر الأهم الذي ينبغي إبرازه، وهو المطالبة بالكشف عن أولئك الذين دسوا له السم، ومن ثمّ المطالبة بمحاسبة إسرائيل ولو بوقف التفاوض معها أو إنهاء العمل الأمني المجيّر لمصالحها.. ولكن لأن في إثارة هذه العناصر ما يسوء حركة فتح ويجلب لها الإحراج أمام جماهيرها ومسارها وخياراتها، فستبقى ذكرى عرفات مناسبة لممارسة الانتهازية السياسية أو لتصفية الحسابات مع خصوم فتح، أو لمحاولة استرداد شيء من البريق المفقود بالاستعانة برمزية عرفات!

يغيب عرفات، كما يغيب معه كل ما يتعلّق بمرحلة ما قبل مشروع (الفلسطيني الجديد)، أما ما يظلّ عالقاً في المشهد فهو أجزاء من الوهم، وتنظيرات جوفاء، وتغنّ مكرور بماضي النضال والثورة، مع تبرير مجتزأ لضرورات (التفاوض)، وتعداد لإنجازات غير ملموسة ولا متاحة!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية