عندما يهرب قادة حماس!
د. فايز أبو شمالة
هرب معظم قادة حماس في غزة، تركوا سياراتهم، وغرف نومهم، وموائد طعامهم، وذاكرة أطفالهم، واختفوا تحت الأرض، واستعدوا لما هو آت من طائرات إسرائيلية، وقذائف، وصورايخ موجهة، ودبابات، وقاذفات، وأجهزة رصدٍ، وبوارج بحرية، لقد انشقت أرض غزة وطوت معظم قيادة حماس، لأن قرون استشعارهم الأمنية أملت عليهم الاختفاء، بعد تحركات عسكرية إسرائيلية ميدانية، رافقت التصريحات الإسرائيلية، ولاسيما تصريح حمامة السلام "تسفي لفني" زعيمة المعارضة، التي حرضت زعيم اليمين الحاكم على استغلال الحالة العربية الراهنة، واقتلاع حماس من قطاع غزة، قبل أن تخلق الثورات العربية حالة من النهوض لا تسمح لإسرائيل بأن ترش غزة بالماء.
هرب معظم قادة حماس، ولو فتشت قطاع غزة زنقة زنقة، فلا يمكنك العثور على أي مسئول من حركة حماس، لقد ذابوا في الأرض، وتركوا خلفهم رسالة تقول:
كل إنسان يدّعي أن الذي اختار خط المقامة لإسرائيل يطمع في مالٍ، أو يفتش عن جاهٍ، أو يسعى لسلطانٍ، فهو واهمٌ، وليضع نفسه لدقائق في مكان أي قائد من حركة حماس، وقد صار هدفاً للطائرات الإسرائيلية، ويتخيل اللحظات المصيرية التي يعيشها الإنسان على مقصلة التحسب من اكتشاف أمره، وما مصيره على مستوى الفرد، وما مصير مشروعه السياسي القائم على تحرير الأرض المغتصبة؟
ولا يعذر العشاق إلا من عشق، ولا يقدر معنى الخوف الغريزي إلا من جرب الخوف، ولا يحضُّ على الاختفاء إلا من نجح في التخفي، ولا يفهم معنى الحرص على الحياة إلا من كانت حياته رقصة مجدٍ، ومن صار مماته فرحاً للإسرائيليين، فما أعظم تلك اللحظات التي يذوب فيها الإنسان إيماناً، وقد اشتبكت حياته ومماته مع رنة هاتفٍ، أو بصورة خاطفة تلتقطها أجهزة التصنت، وتوثقها الأجهزة الإلكترونية التي تمسح فضاء غزة.
هروب قيادة حماس واختفاؤهم عن عيون الطائرات الإسرائيلية، والعيون البشرية، مؤشر على إرادة الإنسان، وعزمه على البقاء مقاوماً رغم قلة الإمكانيات، وضيق المساحة، وهو يرسل إشارة إلى كل الفلسطينيين بأن المصلحة الفلسطينية هي في المصالحة التي يجب أن تؤسس على فكرة المقاومة، فلا يصح بأي حال من الأحوال أن يهرب تحت الأرض سياسي فلسطيني، لأن رأسه مطلوب لإسرائيل، وأن يمر فوق الأرض عبر الحاجز الإسرائيلي سياسي فلسطيني آخر، لأنه يقبل الحياة في ظل بقاء إسرائيل!
وليكن شعار المرحلة: نعم للمصالحة الفلسطينية على أنغام السلام الوطني؛ الذي تكتب كلماته التضحيات، وتوزع ألحانه البندقية، وتعزف أنغامه العبوات الناسفة.
انتباه: أنا لا أمتدح قادة حماس، وإنما أشيد بالمقاومين من كل التنظيمات.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية