غزّة التي تعزل أعداءها!
لمى خاطر
فجأة؛ ما عاد هناك وزن لأخوّة الدم، لرابط العروبة، ولا لأيّ مشترك، وصار الحديث عن عدوان جيش عربي على غزة أمراً قابلاً للتخيل، بل ويتم التنظير له وتزيينه في وسائل إعلام عربية كثيرة!
في عصر الانحطاط العربي وإحكام قبضة المستبدين، كانت حدود أقصى إساءة أو طعنة يوجّهها العرب الرسميون لفلسطين تتمثل في السكوت عن مأساتها والاكتفاء بالتنديد، أي في حالة التخاذل، والتي كانت تصنّف خيانة ومشاركة في الجريمة الصهيونية بحق فلسطين أرضاً وشعبا!
لكن الآن، وتحديداً بعد الردّة الكبرى على مرحلة الربيع العربي يحدث أن يزرع الطغاة بكلّ سلاسة بذور الكراهية لفلسطين ولمقاومتها في تربة الشحن والتحريض، فيكون الحصاد قبيحاً ومشوّها،وتغدو أجساد الأنقياء جسور المتسلّقين والمتزلّفين للطواغيت، وحملة معاول هدم كلّ بادرة إيجابية في حاضر الأمة.
يحدث أن يشنّ الجيش المصري حرب تقييد غير مسبوقة على كل المنافذ في جدار الحصار على حدود غزة، وأن يتحدّث إعلامه صراحة عن هجمات قادمة ضد المقاومة وحركة حماس، بل عن اجتياح لبقعة فلسطينية محررة من الاحتلال بهدف تركيعها وردّها إلى حظيرة الخنوع!
يحدث هذا وسط حالة لامبالاة وتفهم من قبل طائفة غير قليلة من الجمهور العربي، وهي طائفة الخبث والغثاء والإفساد، التي اعتاشت على الأوبئة في جسد الأمة واستثمرت أمراضها وقبضت أثمان إضعافها وإنهاك إرادتها، فكان لا بدّ أن توجّه شيئاً من مكرها باتجاه غزة، حتى تستقيم ثقافة القطعان من جديد، وتعود النماذج الرذيلة لتمسك بزمام المبادرة، فتهيل التراب على بارقات الأمل الطالعة من تحت رماد الثورات.
أما الأسوا من كلّ هذا فهو مساهمة طرف فلسطيني في التسخين للعدوان، ونعته بالإيجابي ما دام المنفّذ جيشاً عربيا، يحدث هذا وقطاع غزة يعاني أزمة خانقة في الوقود والكهرباء والدواء، ويتكدّس آلاف المسافرين العالقين قرب معبر رفح، فيما سلطة الانقلاب في مصر ومن خلفها كل أطراف العدوان ومن بينها السلطة في رام الله لا يبالون بتبعات تشديد الحصار ولا مآلاته، وفي وقت يمر فيه مخطط المنطقة العازلة على حدود غزة دونما احتجاج أو إدانة.
لا يبدو معروفاً الآن كيف سينزاح جبل الحقد الثقيل هذا عن صدر الأمة، ولا كيف ستعود قيمة المروءة للتسلل من بين ركام النذالة هذا، والتي تجاوزت الصمت عن الحصار إلى التهديد باجتياح غزة. ولا يبدو معروفاً كذلك كيف ستتطوّر الأحداث وتتفاعل قبل وصولها تلك المرحلة الحرجة التي لا شك أن غزة تكره أن تُدفع لها، رغم أنها في الوقت ذاته لن تحني رقبتها لمناجل الغدّارين، ولن تقبل بأن تُملى عليها أجندة مستقبلها، ولا أن تُسلب حقها في الحرية وفي المقاومة وفي البقاء!
لا تختبروا صبر غزة ولا تراهنوا على قابليتها للانكسار إذا ما حمل السفاح المتربّص بها ملامح عربية هذه المرّة، بل لا تظنوا أن دور الضحية يليق بها أو تتقن التعايش معه. فكل يد ستمسّها بالأذى المباشر هي بالضرورة صهيونية أكثر من تلك التي جرّبت قتالها في حربين مدمّرتين ثم تراجعت عن أهدافها وقبلت بالأمر الواقع الذي يقول إن خاصرة فلسطين ستبقى بؤرة للمقاومة وساحة للبنادق المرصودة لمشروع التحرير!
لمى خاطر
فجأة؛ ما عاد هناك وزن لأخوّة الدم، لرابط العروبة، ولا لأيّ مشترك، وصار الحديث عن عدوان جيش عربي على غزة أمراً قابلاً للتخيل، بل ويتم التنظير له وتزيينه في وسائل إعلام عربية كثيرة!
في عصر الانحطاط العربي وإحكام قبضة المستبدين، كانت حدود أقصى إساءة أو طعنة يوجّهها العرب الرسميون لفلسطين تتمثل في السكوت عن مأساتها والاكتفاء بالتنديد، أي في حالة التخاذل، والتي كانت تصنّف خيانة ومشاركة في الجريمة الصهيونية بحق فلسطين أرضاً وشعبا!
لكن الآن، وتحديداً بعد الردّة الكبرى على مرحلة الربيع العربي يحدث أن يزرع الطغاة بكلّ سلاسة بذور الكراهية لفلسطين ولمقاومتها في تربة الشحن والتحريض، فيكون الحصاد قبيحاً ومشوّها،وتغدو أجساد الأنقياء جسور المتسلّقين والمتزلّفين للطواغيت، وحملة معاول هدم كلّ بادرة إيجابية في حاضر الأمة.
يحدث أن يشنّ الجيش المصري حرب تقييد غير مسبوقة على كل المنافذ في جدار الحصار على حدود غزة، وأن يتحدّث إعلامه صراحة عن هجمات قادمة ضد المقاومة وحركة حماس، بل عن اجتياح لبقعة فلسطينية محررة من الاحتلال بهدف تركيعها وردّها إلى حظيرة الخنوع!
يحدث هذا وسط حالة لامبالاة وتفهم من قبل طائفة غير قليلة من الجمهور العربي، وهي طائفة الخبث والغثاء والإفساد، التي اعتاشت على الأوبئة في جسد الأمة واستثمرت أمراضها وقبضت أثمان إضعافها وإنهاك إرادتها، فكان لا بدّ أن توجّه شيئاً من مكرها باتجاه غزة، حتى تستقيم ثقافة القطعان من جديد، وتعود النماذج الرذيلة لتمسك بزمام المبادرة، فتهيل التراب على بارقات الأمل الطالعة من تحت رماد الثورات.
أما الأسوا من كلّ هذا فهو مساهمة طرف فلسطيني في التسخين للعدوان، ونعته بالإيجابي ما دام المنفّذ جيشاً عربيا، يحدث هذا وقطاع غزة يعاني أزمة خانقة في الوقود والكهرباء والدواء، ويتكدّس آلاف المسافرين العالقين قرب معبر رفح، فيما سلطة الانقلاب في مصر ومن خلفها كل أطراف العدوان ومن بينها السلطة في رام الله لا يبالون بتبعات تشديد الحصار ولا مآلاته، وفي وقت يمر فيه مخطط المنطقة العازلة على حدود غزة دونما احتجاج أو إدانة.
لا يبدو معروفاً الآن كيف سينزاح جبل الحقد الثقيل هذا عن صدر الأمة، ولا كيف ستعود قيمة المروءة للتسلل من بين ركام النذالة هذا، والتي تجاوزت الصمت عن الحصار إلى التهديد باجتياح غزة. ولا يبدو معروفاً كذلك كيف ستتطوّر الأحداث وتتفاعل قبل وصولها تلك المرحلة الحرجة التي لا شك أن غزة تكره أن تُدفع لها، رغم أنها في الوقت ذاته لن تحني رقبتها لمناجل الغدّارين، ولن تقبل بأن تُملى عليها أجندة مستقبلها، ولا أن تُسلب حقها في الحرية وفي المقاومة وفي البقاء!
لا تختبروا صبر غزة ولا تراهنوا على قابليتها للانكسار إذا ما حمل السفاح المتربّص بها ملامح عربية هذه المرّة، بل لا تظنوا أن دور الضحية يليق بها أو تتقن التعايش معه. فكل يد ستمسّها بالأذى المباشر هي بالضرورة صهيونية أكثر من تلك التي جرّبت قتالها في حربين مدمّرتين ثم تراجعت عن أهدافها وقبلت بالأمر الواقع الذي يقول إن خاصرة فلسطين ستبقى بؤرة للمقاومة وساحة للبنادق المرصودة لمشروع التحرير!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية