(مالي) جرح جديد في جسد الأمة. نحن في فلسطين لا نعرف كثيراً عن دولة مالي وشعب مالي، ولكننا نعرف كثيراً عن الإسلام. الإسلام في مالي وفي غيرها من الدول العربية والإفريقية واحد لا يتجزأ ما التزم أهله بالكتاب والسنة، ونحن لا نعرف كثيراً عن (القاعدة) في مالي وفي بلاد المغرب العربي، ولكننا نعرف أن شعب مالي فيه أكثرية مسلمة تؤمن بما نؤمن به، وكذلك كل شعوب المغرب العربي. في مالي حركات إسلامية تعمل للإسلام وتنادي بتطبيق الشريعة كغيرها من الحركات الإسلامية في البلاد العربية.
(القاعدة) في مالي هي جزء من الحركات الإسلامية وليست كل الحركات الإسلامية. في مالي سلفيون، وإخوان، وأنصار الشريعة، وصوفيون وغيرهم. وفي مالي قبائل عربية وإفريقية مسلمة كالطوارق، وسكان أزواد حيث الحركة الانفصالية، ومن الخطأ الجسيم والتضليل الإعلامي المقصود جمع كل مكونات الحركة الإسلامية في (القاعدة)، فهذا زعم باطل، ويمثل حالة من التضليل لتمرير المؤامرة ضد الإسلام في هذا البلد الإفريقي الفقير.
لست أدري هل حركة أزواد الانفصالية محقة أم لا، وهذا شأن داخلي، فلسطين لا تتدخل فيه، ولكن ما نجزم به أن الشعب المالي وحده هو صاحب الصلاحية في معالجة أموره الداخلية، ولا شأن لدول الجوار فيه، كما أن لا شأن لدول أوروبا وأمريكا فيه. فرنسا دولة استعمارية تقليدية، كانت صاحبة نفوذ في المغرب العربي وفي مالي وما جاورها. لقد استعمرت فرنسا الجزائر ودول المغرب العربي واستولت على خيراتها ومصادرها الطبيعية، وألحقتها أمنياً بعد الاستقلال بالشبكة الفرنسية للأمن الإقليمي. فرنسا الاستعمارية أخطأت في الماضي ولم تدفع ثمن خطئها التاريخي حتى الآن، واليوم تخطئ فرنسا مرتين في حربها ضد جزء من الشعب المالي. الخطأ الأول أنها تقاتل (الإسلام) في بلد بعيد عنها جغرافيا، نعم تقاتل (الإسلام) بقتل المسلمين، ولا تقاتل القاعدة التي ربما ارتكبت بعض الأخطاء بحق فرنسا أو مالي أو الجزائر. بالأمس لم تتمكن واشنطن من التفريق بين (القاعدة) و(طالبان) والشعب الأفغاني، فقتلت الجميع وقالت إنها تقاتل (القاعدة)، وخسائر المدنيين الأفعال تفضحها.
وفي العراق لم تتمكن أمريكا من التفريق بين القاعدة وغيرها من الحركات الإسلامية والشعب العراقي، فقتلت الجميع تحت مسمى مكافحة القاعدة. لقد خرجت أمريكا من العراق جزئيًا، وهي تخطط لتخرج من أفغانستان، لأن حلولها الأمنية العسكرية فشلت في البلدين وزادت من شعبية القاعدة ومن كراهية العالم الإسلامي لأمريكا.
فرنسا ترتكب الخطأ نفسه الآن، فهي تقاتل الإسلام والحركات الإسلامية والقاعدة وسكان شمال مالي، وتحاول أن تفرض رؤيتها بقوة السلاح، على شعب يكره أن ينطق باسم فرنسا في حديثه. لست أدري لماذا تعجلت فرنسا قتال المسلمين في مالي؟!، ولماذا حصلت على تأييد بريطاني وأمريكي وكندي، وجزائري أيضًا، وكان بالإمكان البحث عن حلول سياسية تسمح باحتواء التطرف ومعالجته؟!، ولماذا تعجلت الدخول إلى مالي، ولم تتعجل الدخول إلى سوريا مثلاً؟!، لماذا غامرت الجزائر بأمنها في جنوب الصحراء من أجل عيون فرنسا ؟!، فرنسا كدولة استعمارية تؤيد (إسرائيل) وتسلحها، أخطر على شمال أفريقيا ألف مرة من القاعدة. الإسلام يذبح في مالي تحت عنوان باطل هو الإرهاب.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية