لمى خاطر
رغم أن ذكرى انطلاقة حماس من كل عام تحمل نكتهتها وروحها وبريقها، ورغم أن الحشد الهادر في ساحة الكتيبة الخضراء في غزة كان على الدوام البصمة الاحتفالية الأبرز لحماس في هذا اليوم، إلا أن الذكرى هذا العام كانت فريدة بحقّ وتقطر جمالاً وعزة وحماسا، فهذه الذكرى جاءت بعيد إنجاز صفقة (وفاء الأحرار) وبالتزامن مع بدء تنفيذ الجزء الثاني منها، وفي هذا العام طالعتنا وجوه وكلمات ثلة من قادة حماس المحررين وهم يررون لنا حكايا الانطلاق وأسراره، وما وراء كواليس ولادة حماس وانطلاقتها، وضخّ الوقود في عمر انتفاضة الحجر الأولى، ثم مرحلة المواجهة المسلحة، أو وهم يعتلون المنابر من جديد ويعودون إلى إدارة دفّة القيادة والتحدث للجماهير، وكأنهم ما غابوا عنها كل تلك السنوات.
أما بصمة هذا العام التي لا تقل جمالاً عن سابقاتها فكانت الحضور البهيّ لفريق الوعد اللبناني لإحياء المهرجان، وإلهابه مشاعر الجمهور بأهازيجه الجميلة، وإطلالته على العالم المتابع للمهرجان من نافذة غزة المحررة والمنتصرة.
وحين نتحدث عن فريق الوعد لا نقف عند حدود أداء فرقة فنية غنّت لفلسطين وللمقاومة، وللشهداء والأسرى، بل عن فريق لبناني الهوية، فلسطيني الخصائص والهوى والاهتمام، منتمٍ للقضية بكل جوارحه، قريب إلى قلوب أبنائها، وناطق بلسان معاناتهم، ومعايش لهمومهم.
فريق الوعد لم يقف عند أبواب العموميات، أو قشور القضية ومفاصلها الخارجية، ولم يتغنّ بثوابت فلسطين وحسب، ولم يغرّد فقط ضمن سرب التغزّل بهوائها ومائها وأرضها، بل كان يغوص باقتدار في أدق تفاصيل المراحل، ويحيط بملامح ظواهر المقاومة والصمود كلّها، فقدم لنا عبر إصداراته المتتالية سيرة مغنّاة لتاريخ فلسطين المعاصر، ورسم لنا معالم محطاتها المختلفة.
أدهشنا فريق الوعد بوقوفه على مواطن الجرح والانتصار، وباستحضاره ملامح الهمّ والفرح كلّها، وبسرعته في مواكبة أحداث الساحة الفلسطينية، حتى تلك التي قد تبدو لبعض المتابعين عن بعد غير مهمة، وبتقديمها بقالب متميز وغير تقليدي على صعيد الكلمة واللحن وآلية إخراج الرؤية الفكرية والفنية.
أما مشاركته هذا العام في مهرجان انطلاقة حماس في غزة فقد كانت تدشيناً لرحلة عطائه الممتد، والأثر المباشر الأول لبركات الربيع العربي الذي كسر عن غزة جانباً من حصارها، وقرّب إليها قلوب العاشقين، وحقق آمال من كان يرقب زيارتها وينتظر يوماً تنكسر فيه القبضة الأمنية الغاشمة التي ضُربت حولها.
لفريق الوعد اللبناني كلّ التحية على أدائه الجميل والفريد، وعلى براعته في تخيّر الكلمة واللحن، وفي تلمّس نبض المكلومين ومواساة جراحهم بنفحات صادقة تطوّق جيد فلسطين من بحرها لنهرها، تماماً كما أبدع النجم (محمد إسماعيل) أحد أعضاء الفريق في توصيف الحق الفلسطيني والإسلامي في مساحة فلسطين التاريخية.
كاد مشهد الإبداع أن يكتمل في مهرجان حماس الرابع والعشرين، حين جمع عناصر التميّز كلّها، فكان مهرجان حركة مقاومة بحقّ تتابعه الأمة كلّها وهي تشارك أهل فلسطين عيد مقاومتهم، وفرحتهم بتحرير أسراهم، لولا أن ساحة الضفة كانت تنوء بجرحها، وتراقب المشهد عن بعد وهي ما تزال ترقب انفراجتها ويوم انعتاقها لتعود كما كانت؛ ساحة الصراع المركزية ومهد البطولة الكبيرة، وصانعة انتصارات جديدة. ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبا
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية