في مواجهة الأفق المغلق والحروب المفتوحة!
نواف الزرو
في ظل فشل جولات المفاوضات الاستكشافية في عمان, نستحضر ما كنا كتبناه ووثقناه في مقالات ودراسات تحليلية سابقة..!.
كنا نقول دائماً أن "هناك إجماعاً سياسياً إسرائيلياً يمتد من أقصى اليمين الفاشي إلى أقصى اليسار المعتدل على الأهداف والثوابت الاستراتيجية الصهيونية", مع إننا كنا نستثني أحياناً بعض قوى ورموز اليسار الحقيقي وهم قلة قليلة اليوم في "إسرائيل".
أما اليوم وقد أطل علينا المشهد السياسي الإسرائيلي بحلة يمينية فاشية صافية, بعد أن فاز نتنياهو على خصمه التوراتي موشيه فيجلين الذي يقود اللوبي الاستيطاني في قلب الليكود نحو المزيد من التطرف, وفي ظل تحالفاته مع العنصري الفاشي السافر أفيغدور ليبرمان زعيم حزب "يسرائيل بيتينو", ومع الجنرال باراك صاحب أكبر عدد من الأوسمة البطولية التي حصل عليها مكافأة له على حروبه ومجازره واغتيالاته التي اقترفها ضد الفلسطينيين, ومع حزب شاس الديني المتشدد, ومع حزب"البيت اليهودي" الديني المتطرف, فيمكننا أن نثبت بالبنط العريض"أن "إسرائيل" أصبحت اليوم دولة بيبرمانية فاقعة تماماً - أي بقيادة ثلاثية ورؤوس ثلاث رئيسية من بيبي نتنياهو وباراك وليبرمان.
من حيث الجوهر تعتبر هذه الحكومة حكومة يمينية فاشية استيطانية سافرة, ببرنامج أيديولوجي متطرف, وأجندة حربية صارخة, ولذلك يمكن أن نوثق أنها ستواصل عمليا حروبها العدوانية الاستيطانية التهويدية, فلن نرى في ظل هذه الحكومة عملياً سوى لغة القوة والغطرسة والإخضاع والتهديد والوعيد...!
هكذا كانت حكومات "إسرائيل" من قبل أيضاً: شارونية مثلاً أو بن غوريونية أو ديانية أو بيغنية أو شاميرية ليتبين لمن ما زال الغشى يغطي على عيونهم وما زالوا يتحدثون عن احتمالية السلام مع "إسرائيل" بحكوماتها وأجنداتها التوراتية إننا بتنا عملياً وبمنتهى الوضوح أمام خريطة سياسية إسرائيلية يمينية عنصرية إرهابية أكثر من أي وقت مضى.
فلن تكون هناك حكومة مفاوضات وسلام إلا ما يتعلق بالإعلام واستهلاك الرأي العام...!
وهي كذلك حكومة اللاءات الكبيرة تجاه كل ما يتعلق ليس فقط بالالتزام بالاتفاقيات السياسية الموقعة مع الحكومات الإسرائيلية السابقة, وإنما تجاه كافة العناوين الكبيرة من الدولة الفلسطينية إلى القدس إلى تفكيك تكتلات المستعمرات إلى ترسيم الحدود, إلى هضبة الجولان...!.
ويجمعون في هذه الحكومة على مواصلة الحصار على غزة وشن المزيد من الحروب ضد أهلها تحت زعم محاربة الإرهاب وإسقاط حماس, في الوقت الذي يعتبرون فيه أيضاً حتى الرئيس أبو مازن بأنه" غير ذات صلة ولا يصلح لان يكون شريكا للسلام"...!
إلى كل ذلك, فان الحقيقة الكبيرة التي تحظى بأوسع إجماع هي أن هذا الليبرمان الذي أصبح وجه "إسرائيل" في الخارجية"يذكر بموسوليني كظاهرة فاشية" كما جاء في يديعوت أحرونوت مثلا.. وهو "أحد أخطر صقور إسرائيل" و "أخطر سياسي إسرائيلي من جهة مواقفه العنصرية " وهو "امتداد لكهانا ورحبعام زئيفي" كذلك.. بل انه الأميز كهانياً.. وهو "الوجه الحقيقي لإسرائيل /كما يثبت الكاتب ب.ميخائيل/" وهو أيضا "الوجه الحقيقي للمجتمع الإسرائيلي/ كما يضيف جدعون ليفي في هآرتس/".
فهذا الليبرمان يتميز على سبيل المثال عن كافة أقطاب وصقور "إسرائيل" الفاشيين بجرأته وصراحته وعدوانيته وعنصريته وإرهابيته الصريحة..
فهو يعلن قائلاً مثلاً: "أن إسرائيل اليوم في وضع تكون أو لا تكون", و"إننا أمام تحديات كبيرة وأن الحرب قادمة وشيكة ويجب أن يكون -هو-بجانب طاولة الحكومة عند اتخاذ القرارات المصيرية "و "أن ما يشعر به الجميع في إسرائيل هو إننا وصلنا إلى لحظة الحقيقة والدولة بحاجة إلى رب للبيت -أي هو نفسه-".
وقد دعا ليبرمان علناً وإعلامياً إلى "تدمير السد العالي في مصر" وإلى "قتل حسن نصرالله" وإلى "أنه كان يجب تسوية سجن أريحا على من فيه بدلاً من الاجتياح والاعتقال" وإلى ترحيل -ترانسفير عرب 48" وإلى تدمير القرى والمدن الفلسطينية على رؤوس أهاليها " ثم إلى "معالجة الملف النووي الإيراني بأسرع وقت ممكن قبل أن يفوت الأوان", والأقرب والأخطر في تصريحاته دعوته لـ"إبادة غزة باستخدام قنبلة نووية".
بينما يؤشر وجود ليبرمان إلى "أن المجتمع الإسرائيلي بات كله ليبرمانياً" و"أن النزعة الليبرمانية تتسيد المشهد الإسرائيلي " و" أن الأوضاع تسير نحو المزيد من التصعيد الحربي العدواني ضد الفلسطينيين واتجاه غزة وكذلك على صعيد الضفة وليس نحو المفاوضات والسلام "..
أما نتنياهو فيعد لإجراء "إعادة تقويم" للسياسة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين", والتقدير هو أن نتنياهو سيواصل المفاوضات مع الفلسطينيين, إلى جانب استمرار العزل البارز بين يهودا والسامرة وغزة, وإسقاط الدولة الفلسطينية عن الأجندة".
فكيف يمكن لإسرائيل البيبرمانية إذن وهذا هو وجهها إن تسير نحو التفاوض والسلام الحقيقي?!. فاللغة البيبرمانية هي لغة القصف والتدمير والترانسفير العنصري فقط... ولغة أن تكون "إسرائيل" أو لا تكون بالمضامين الحربية الصهيونية المعروفة ....!
فهي إذن بالتأكيد حكومة "الأفق السياسي المغلق تماما", وحكومة الحروب والاستيطان والتهويد في الضفة الغربية والمدينة المقدسة....!
ما يعني من جهة أخرى أن على الفلسطينيين والعرب أن يعودوا إلى رشدهم وان يستعيدوا إرادتهم وأن يقوموا بترتيب أولوياتهم السياسية من جديد بما يتناسب مع إسرائيل البيبرمانية ?!
صحيفة العرب اليوم الأردنية
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية