قراءة سياسية في القرار المصري ضد كتائب القسام.. الخلفيات والأبعاد ... بقلم : رأفت مرة

الإثنين 02 فبراير 2015

قراءة سياسية في القرار المصري ضد كتائب القسام.. الخلفيات والأبعاد





رأفت مرة

يوم السبت 31 كانون الثاني/ يناير 2015 أصدرت محكمة مصرية قراراً بتصنيف كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس منظمة إرهابية. وكانت المحاكم المصرية قد أجلت الجلسات والنطق بالحكم مرات عدة.

وصدور هذا القرار عن محكمة مصرية يكمل حملة الاتهامات التي صدرت بحق حماس عبر مصادر رسمية أو عبر وسائل إعلامية مصرية منذ صيف 2013، حين انقلب عبد الفتاح السيسي على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي وحل البرلمان والشورى وعطّل أحكام الدستور واقتحم ميدان رابعة بالقوة.

منذ ذلك اليوم تصاعدت الاتهامات المصرية بحق حماس، وهاجمت الوسائل الإعلامية المصرية الحركة، واتهمتها بقتل الجنود المصريين في سيناء، ودعم جماعة الإخوان، واتّهم قطاع غزة بدعم المسلحين في سيناء.

التصعيد المصري هذا ضد حماس وقطاع غزة وصل ذروته مع إغلاق معبر رفح بشكل دائم ودعم العدوان الإسرائيلي على غزة، ورفض المطالب الفلسطينية للتهدئة، وإغلاق قرابة 1350 نفقاً، وترحيل أهالي مدينة رفح المصرية وتدمير منازلهم وبناء جدار مع غزة، لتحقيق هدف واحد هو محاصرة المقاومة والضغط على حماس ومعاقبة الشعب الفلسطيني، والتمهيد لعودة سلطة عباس لقطاع غزة والسيطرة على المعابر.

ورغم نفي حركة حماس المتواصل، على لسان قادتها وعبر بياناتها، ورغم تشديد قيادة الحركة على احترام مصر ودورها وتمسكها بعدم التدخل في الشأن المصري الداخلي، خطت حماس خطوة إيجابية عبر عرض قدمته لتشكيل لجنة تحقيق مشتركة للوقوف على صحة الاتهامات الموجهة للحركة، إلا أن هذه الإيجابية لم تساهم مطلقاً في زحزحة السلطة المصرية عن معاداتها لحماس، وكان كلما اضطرب الوضع الأمني في سيناء، أو تعرض الجيش لهجمات هناك، تسارع السلطات المصرية لاتهام حماس وجهات خارجية.

وتعود أسباب القرار المصري الأخير بوضع كتائب القسام على قائمة الإرهاب إلى التالي:

1- اتساع المأزق الذي تعيشه سلطة الانقلاب في الداخل في ظل اتساع الرفض الشعبي والمصري لنظام السيسي، وهذا برز من خلال اتساع المسيرات والاحتجاجات في 25 يناير ذكرى الثورة.

2- استمرار المشاكل الأمنية والاقتصادية في مصر وعجز النظام عن استثمار 150 مليار دولار استلمها معونات خلال سنة واحدة.

3- استمرار المسيرات والإضرابات والاحتجاجات الشعبية في مصر ضد الإنقلاب، خاصة بالتزامن مع اعتقال شباب الثورة وإطلاق سراح رموز نظام مبارك.
4- تراجع تأييد عدد من الأنظمة والدول لسلطة الإنقلاب، بسبب فشله وتجاوزاته في حقوق الإنسان والحريات.

5- ازدياد نقمة أهالي سيناء من الإجراءات الإرهابية التي يقوم بها نظام السيسي هناك من اعتقالات وقتل وتدمير وتهجير، واتهامات بالجملة بحق مواطني سيناء بالإرهاب، والتراجع عن كل القرارات التي أصدرها الرئيس مرسي لتنمية سيناء وانعاشها اقتصادياً وإنقاذ أهلها من أزماتهم، ومنحهم جوازات سفر وتملك منازلهم.

6- استمرار استهداف الجيش المصري في سيناء، ما يدل على محاولة لتوريط السيسي في أزمات محلية وإقليمية معقدة، خاصة وأن هناك جماعات متعددة تعمل بالسر لها مصالح وارتباط مع جهات إقليمية نافذة، استطاعت أن تحول سيناء إلى أزمة أمنية دائمة.

إن القرار الذي اتخذته محكمة مصرية بحق كتائب القسام هو محاولة من السيسي لتعزيز وضعه السياسي دولياً من خلال البوابة "الإسرائيلية"، واستحضار دعم إسرائيلي واسع، يؤدي إلى إرضاء "تل أبيب" كي تتمكن من استحضار دعم أوروبي أمريكي قوي يمّكن نظام السيسي من البقاء ويوفر ضمانة له، في محاولة لمنع السقوط.

يعتقد السيسي أن ركائز نظامه تقوم على ضمانة "الإسرائيليين" وتوفير كل خدمات الأمن والحماية والاستقرار لهم.. ما يفتح المجال أمام غطاء أوروبي أميركي جديد لنظامه. ويعتقد السيسي أن المدخل لذلك هو شن حرب لا هوادة فيها على حماس والفلسطينيين وقطاع غزة.

لذلك نلاحظ أن الترحيب الذي جاء من سياسيين وإعلاميين إسرائيليين كان أشبه باحتفالية، وأن الإشادة الإسرائيلية بقرار المحكمة المصرية كان الإشادة الوحيدة.

لكن هناك عدة ملاحظات عن القرار أهمها ما يلي:

1- لا يوجد دليل واحد على كل ما تطلقه السلطات المصرية من اتهامات بحق حماس.

2- إن نظام السيسي يحاول نقل أزماته إلى أطراف خارجية، ويتجاهل الأسباب الداخلية لما يجري في سيناء أو داخل مصر.

3- إن السيسي بهذه القرارات يغرق أكثر ويسيء لنفسه ولنظامه في أعين المصريين والعالم.

4- إن قرار اتهام القسام لن يدفع أطرافاً دولية وغيرها لحماية نظامه طالما افتقد الحاضنة الشعبية، وطالما ابتعد عن الديمقراطية وعارض مصالح وتطلعات الشعب المصري نحو الحرية والإصلاح.

5- إن السيسي يقدم خدمة للصهاينة لا مثيل لها دون مقابل، وإن العالم يعلم أن كتائب القسام هي حركة تحرر وطني مقاومة للاحتلال، لم تعتدي مطلقاً على الجوار ولم تنحرف عن مواجهة الاحتلال.

هذا القرار يسيء لمصر أكثر مما يسيء لحماس، ويظهر السيسي خاسراً وعاجزاً، وهو لن يؤثر على كتائب القسام، أنظف ظاهرة مقاومة في العالم، صاحبة سجل الشرف في الصراع مع الاحتلال.

لذلك فإن الحكمة والمصلحة المصرية أولاً وأخيراً تقتضي: إلغاء القرار، المصالحة مع حماس والفلسطينيين، فتح معبر رفح، وقف التحريض، التواصل مع حماس، الإصلاح الداخلي والمصالحة المصرية الداخلية. أما أي تصرف آخر فهو السقوط ومزيد من السقوط.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية