قراءة في ارتفاع نسبة المسجلين في السجل الانتخابي
جمال أبو ريدة
مع انتهاء عملية تحديث السجل الانتخابي للمواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة مساء أمس (الأربعاء)، بعد أن امتدت عشرة أيام متواصلة، وتحديدًا خلال المدة الممتدة من 11 حتى 20 فبراير الجاري؛ تبين أن أكثر من 90% من المواطنين الذين يحق لهم التسجيل في قطاع غزة و76% في الضفة الغربية قد توجهوا إلى مراكز التسجيل الموزعة في مدن وقرى ومخيمات الوطن كافة، وهي نسبة فاقت توقعات الجميع، ومنهم لجنة الانتخابات المركزية القائمة على العملية الانتخابية في جميع مراحلها، وهو ما جاء على ذكره جميل الخالدي المدير الإقليمي للجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة، صحيح أن العملية كانت "إجرائية" بـ"امتياز" في إطار التحضير للانتخابات، إذا ما نجحت الجهود الأخيرة بين طرفي الانقسام في تجاوز "عقدة" الانقسام، إلا أن الواقع الذي لاحظه الجميع أن الأمر كان بخلاف ذلك تمامًا، إذ شهدت مناطق القطاع كافة نشاطًا غير مسبوق من الفصائل الفلسطينية؛ لحث المقربين منها على التوجه إلى المراكز للتسجيل، وتحديث البيانات الخاصة بهم، سواء عبر التعميمات الحركية السرية، أم التعميمات العلنية التي مررتها الفصائل على مؤيديها وأنصارها جميعًا، طالبة منهم العمل بكل السبل على حث المقربين على التوجه إلى مراكز التسجيل، ولقد عمل الجميع على توفير كل السبل لضمان سير عملية التسجيل حتى اليوم الأخير لها دون أي توترات.
وتعكس هذه النسبة غير المتوقعة للمسجلين في قطاع غزة بخلاف الضفة الغربية الكثير من المؤشرات ذات الدلالة السياسية المهمة، التي تبدأ بحالة الاستقطاب السياسي الحاد بين قطبي الحركة السياسية الفلسطينية "حماس" و"فتح" في القطاع، إذ نشطت الحركتان في العمل على حشد كل المؤيدين والأنصار لهما، ثم نقلهم إلى مراكز التسجيل، وتعكس هذه النسبة العالية في القطاع مساحة الحرية التي منحتها الحكومة الفلسطينية لحركة "فتح" للتحرك في طول القطاع وعرضه في إطار تهيئة المناخات جميعًا لإنجاح وتحقيق المصالحة الفلسطينية، في الوقت الذي لا يزال فيه أبناء حركة "حماس" في الضفة الغربية ملاحقين ومراقبين من قبل أجهزة أمن السلطة من جانب، وأجهزة أمن الاحتلال من جانب آخر، وتعكس هذه النسبة أيضًا أهمية غزة في المرحلة القادمة؛ فحركة "فتح" معنية من وراء حشد التأييد لها في القطاع هزيمة حركة "حماس" بعقر دارها في سبيل إعادة السيطرة على غزة، في الوقت الذي تطمح فيه الأخيرة إلى الفوز في غزة للمرة الثانية على التوالي، لتأكيد صواب مواقفها السياسية التي تقوم على رفض شروط "التسوية" الحالية، القائمة على الاعتراف "المجاني" بأن لـ(إسرائيل) حقًّا في الوجود، وتطمح الحركة أيضًا إلى تأكيد رضا سكان غزة عن سبعة أعوام من حكمها، واجهت فيها حصارًا ظالمًا، وعدوانين (إسرائيليين): الأول في عام 2008م، والثاني في عام 2012م، وقد نجحت في كسر الحصار، كما نجحت في إفشال العدوانين، وتحديدًا العدوان الأخير أو ما يسمى "حرب الأيام الثمانية"، حينما استطاعت ضرب العمق (الإسرائيلي) بالصواريخ، وتحديدًا مدينتي تل الربيع والقدس للمرة الأولى، الأمر الذي أجبر أكثر من مليوني (إسرائيلي) على النزول إلى الملاجئ، ما اضطر الاحتلال إلى "اللهاث" لطلب التهدئة فورًا، بل الطلب من الإدارة الأمريكية التوسط لدى مصر للضغط على المقاومة الفلسطينية لقبول التهدئة، التي كانت شروطها هذه المرة بخلاف كل اتفاقات التهدئة السابقة، إذ رضخ الاحتلال أول مرة لكل شروط المقاومة، الأمر الذي عزز من حضور الحركة في الشارع الفلسطيني، وتحديدًا في غزة، ما شكل نجاحًا غير مسبوق لرؤية الحركة السياسية التي تقوم على أن العدو (الإسرائيلي) لا يفهم سوى لغة القوة.
إن الانتخابات الفلسطينية المتوقعة التي ستشمل _حسب الاتفاقات الأخيرة بين حركتي "حماس" و"فتح"_ انتخابات كلٍّ من: (الرئاسة، والتشريعي، والمجلس الوطني) معًا تحتاج إلى أكثر من السماح للجنة الانتخابات المركزية بفتح أبوابها في غزة لتحديث السجل الانتخابي للناخبين؛ فلقد انتهت عملية التسجيل بنجاح كبير ولم يسجل خلالها أي تجاوزات، ولكن المتابع للشأن السياسي الفلسطيني يلحظ أن واقع المصالحة لا يزال يراوح مكانه، وأن اجتماعات القاهرة الأخيرة التي كان يعول عليها الكثير لتجاوز الانقسام السياسي الفلسطيني قد انتهت دون تحقيق أي تقدم في أي من الملفات الرئيسة لها: (الحكومة، والانتخابات، ومنظمة التحرير، والحريات، والمصالحة المجتمعية)، وذلك لأن هذه الجولة قد انتهت على غير المتوقع، وتحديدًا بعدما تناهى لأسماع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس زيارة الرئيس الأمريكي "أوباما" إلى المنطقة في 20 مارس القادم؛ للدفع بعملية "السلام" مرة أخرى بعد الجمود الذي سيطر عليها طوال السنوات الثلاث الماضية، ولكن السلطة لم تعترف بذلك، بل ذهبت إلى اتهام حركة "حماس" بعرقلة جهود المصالحة الأخيرة، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن "حماس" قد ذهبت إلى القاهرة وهي عاقدة العزم على طي صفحة الانقسام إلى غير رجعة، ولعل ترؤس رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لحوارات القاهرة يؤكد ذلك، ولعل ما يعزز من تهرب "فتح" من المصالحة الحملة الإعلامية "المسعورة" التي شنتها على حركة "حماس"، وبلغت في الأيام الأخيرة ذروتها باتهام الحركة بالتفاوض السري مع الاحتلال في القاهرة، الأمر الذي يؤكد أن عملية تحديث السجل الانتخابي قد تصبح حبرًا على ورق إذا لم تلتزم حركة "فتح" في الحوارات المتوقعة بتقديم المصلحة الفلسطينية على أي مصلحة أخرى.
جمال أبو ريدة
مع انتهاء عملية تحديث السجل الانتخابي للمواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة مساء أمس (الأربعاء)، بعد أن امتدت عشرة أيام متواصلة، وتحديدًا خلال المدة الممتدة من 11 حتى 20 فبراير الجاري؛ تبين أن أكثر من 90% من المواطنين الذين يحق لهم التسجيل في قطاع غزة و76% في الضفة الغربية قد توجهوا إلى مراكز التسجيل الموزعة في مدن وقرى ومخيمات الوطن كافة، وهي نسبة فاقت توقعات الجميع، ومنهم لجنة الانتخابات المركزية القائمة على العملية الانتخابية في جميع مراحلها، وهو ما جاء على ذكره جميل الخالدي المدير الإقليمي للجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة، صحيح أن العملية كانت "إجرائية" بـ"امتياز" في إطار التحضير للانتخابات، إذا ما نجحت الجهود الأخيرة بين طرفي الانقسام في تجاوز "عقدة" الانقسام، إلا أن الواقع الذي لاحظه الجميع أن الأمر كان بخلاف ذلك تمامًا، إذ شهدت مناطق القطاع كافة نشاطًا غير مسبوق من الفصائل الفلسطينية؛ لحث المقربين منها على التوجه إلى المراكز للتسجيل، وتحديث البيانات الخاصة بهم، سواء عبر التعميمات الحركية السرية، أم التعميمات العلنية التي مررتها الفصائل على مؤيديها وأنصارها جميعًا، طالبة منهم العمل بكل السبل على حث المقربين على التوجه إلى مراكز التسجيل، ولقد عمل الجميع على توفير كل السبل لضمان سير عملية التسجيل حتى اليوم الأخير لها دون أي توترات.
وتعكس هذه النسبة غير المتوقعة للمسجلين في قطاع غزة بخلاف الضفة الغربية الكثير من المؤشرات ذات الدلالة السياسية المهمة، التي تبدأ بحالة الاستقطاب السياسي الحاد بين قطبي الحركة السياسية الفلسطينية "حماس" و"فتح" في القطاع، إذ نشطت الحركتان في العمل على حشد كل المؤيدين والأنصار لهما، ثم نقلهم إلى مراكز التسجيل، وتعكس هذه النسبة العالية في القطاع مساحة الحرية التي منحتها الحكومة الفلسطينية لحركة "فتح" للتحرك في طول القطاع وعرضه في إطار تهيئة المناخات جميعًا لإنجاح وتحقيق المصالحة الفلسطينية، في الوقت الذي لا يزال فيه أبناء حركة "حماس" في الضفة الغربية ملاحقين ومراقبين من قبل أجهزة أمن السلطة من جانب، وأجهزة أمن الاحتلال من جانب آخر، وتعكس هذه النسبة أيضًا أهمية غزة في المرحلة القادمة؛ فحركة "فتح" معنية من وراء حشد التأييد لها في القطاع هزيمة حركة "حماس" بعقر دارها في سبيل إعادة السيطرة على غزة، في الوقت الذي تطمح فيه الأخيرة إلى الفوز في غزة للمرة الثانية على التوالي، لتأكيد صواب مواقفها السياسية التي تقوم على رفض شروط "التسوية" الحالية، القائمة على الاعتراف "المجاني" بأن لـ(إسرائيل) حقًّا في الوجود، وتطمح الحركة أيضًا إلى تأكيد رضا سكان غزة عن سبعة أعوام من حكمها، واجهت فيها حصارًا ظالمًا، وعدوانين (إسرائيليين): الأول في عام 2008م، والثاني في عام 2012م، وقد نجحت في كسر الحصار، كما نجحت في إفشال العدوانين، وتحديدًا العدوان الأخير أو ما يسمى "حرب الأيام الثمانية"، حينما استطاعت ضرب العمق (الإسرائيلي) بالصواريخ، وتحديدًا مدينتي تل الربيع والقدس للمرة الأولى، الأمر الذي أجبر أكثر من مليوني (إسرائيلي) على النزول إلى الملاجئ، ما اضطر الاحتلال إلى "اللهاث" لطلب التهدئة فورًا، بل الطلب من الإدارة الأمريكية التوسط لدى مصر للضغط على المقاومة الفلسطينية لقبول التهدئة، التي كانت شروطها هذه المرة بخلاف كل اتفاقات التهدئة السابقة، إذ رضخ الاحتلال أول مرة لكل شروط المقاومة، الأمر الذي عزز من حضور الحركة في الشارع الفلسطيني، وتحديدًا في غزة، ما شكل نجاحًا غير مسبوق لرؤية الحركة السياسية التي تقوم على أن العدو (الإسرائيلي) لا يفهم سوى لغة القوة.
إن الانتخابات الفلسطينية المتوقعة التي ستشمل _حسب الاتفاقات الأخيرة بين حركتي "حماس" و"فتح"_ انتخابات كلٍّ من: (الرئاسة، والتشريعي، والمجلس الوطني) معًا تحتاج إلى أكثر من السماح للجنة الانتخابات المركزية بفتح أبوابها في غزة لتحديث السجل الانتخابي للناخبين؛ فلقد انتهت عملية التسجيل بنجاح كبير ولم يسجل خلالها أي تجاوزات، ولكن المتابع للشأن السياسي الفلسطيني يلحظ أن واقع المصالحة لا يزال يراوح مكانه، وأن اجتماعات القاهرة الأخيرة التي كان يعول عليها الكثير لتجاوز الانقسام السياسي الفلسطيني قد انتهت دون تحقيق أي تقدم في أي من الملفات الرئيسة لها: (الحكومة، والانتخابات، ومنظمة التحرير، والحريات، والمصالحة المجتمعية)، وذلك لأن هذه الجولة قد انتهت على غير المتوقع، وتحديدًا بعدما تناهى لأسماع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس زيارة الرئيس الأمريكي "أوباما" إلى المنطقة في 20 مارس القادم؛ للدفع بعملية "السلام" مرة أخرى بعد الجمود الذي سيطر عليها طوال السنوات الثلاث الماضية، ولكن السلطة لم تعترف بذلك، بل ذهبت إلى اتهام حركة "حماس" بعرقلة جهود المصالحة الأخيرة، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن "حماس" قد ذهبت إلى القاهرة وهي عاقدة العزم على طي صفحة الانقسام إلى غير رجعة، ولعل ترؤس رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل لحوارات القاهرة يؤكد ذلك، ولعل ما يعزز من تهرب "فتح" من المصالحة الحملة الإعلامية "المسعورة" التي شنتها على حركة "حماس"، وبلغت في الأيام الأخيرة ذروتها باتهام الحركة بالتفاوض السري مع الاحتلال في القاهرة، الأمر الذي يؤكد أن عملية تحديث السجل الانتخابي قد تصبح حبرًا على ورق إذا لم تلتزم حركة "فتح" في الحوارات المتوقعة بتقديم المصلحة الفلسطينية على أي مصلحة أخرى.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية