قراءة في (سورة) الأسرى!
محمد سعيد العسلي
لم يعد يأبه دهاقنة حقوق الإنسان وأساطين السلام في العالم، -الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً أعقاب أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006-، بالوضع غير الإنساني لآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تخوض كوكبة منهم إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على القوانين التعسفية، والإجراءات المخالفة للقانون الدولي الإنساني، ورفضاً لإعادة اعتقال الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار، وتنديداً بخرق سلطة الاحتلال لالتزاماتها بوقف سياستي العزل الانفرادي والاعتقال الإداري، حسب اتفاق "إضراب الكرامة" والذي استمر قرابة الشهر من الزمن.
وعلى الرغم مما تمثله تلك السجون من حالة صارخة على اغتصاب الإنسانية على مرأى ومسمع من أدعيائها، مِن إقدام على اعتقال وزراء ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، إلى تضييق جائر في حق أهالي المعتقلين بزيارة ذويهم، ثم إلى اقتحام غرف الأسرى ليلاً والتحقيق معهم، ثم التعدي عليهم بالضرب والتعذيب، لترتفع حصيلة شهداء الحركة الأسيرة في آخر 30 عاماً داخل السجون إلى 200 أسير كان آخرهم قبل شهر تقريباً الأسير عرفات جرادات، وميسرة أبو حمدية أخيراً، وبرغم كل ما تمثله تلك السجون التي تضم 4500 أسير فلسطيني موزعين على 27 سجناً فقط، منهم 1200 أسير في حالة مرضية مزمنة، و180 طفلاً دون السادسة عشر من عمرهم، ناهيك عن وجود 13 أسيرة فلسطينية، و200 معتقلٍ إداري، واثنين في العزل الانفرادي، رغم كل هذا وذاك، إلا أنه لم يلقَ إلا تغاضياً دولياً، واستمراءً عربياً، وتقصيراً رسمياً فلسطينياً.
ففي حين نجح الموقف الشعبي الفلسطيني –على تواضعه- في تحريك دماء الحراك الشعبي الخارجي -ولو قليلاً- والذي تمثل في حالات احتجاج، وتظاهرات عربية ودولية هنا وهناك، في حين لم تزل السلطة الفلسطينية تشرب نخب الاحتفال التاريخي على شرف الانضمام للأمم المتحدة بصفة عضو –غير مراقب- وهو ما يتيح لها بالمناسبة اللجوء للمؤسسات الأممية والمحافل الدولية قضائياً في فضح تجاوزات الاحتلال في قضية الأسرى، إلا أن الرئيس الفلسطيني أكد مراراً أنه لا ينوي مقاضاة الكيان الإسرائيلي لدى محكمة الجنايات الدولية بخصوص الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وهو ما يمنع الاحتلال من التورع في ارتكاب مزيد من الجرائم الإنسانية ضد الفلسطينيين.
وخلافاً لقرار خوض معركة الأمعاء الخاوية، الذي جاء سريعاً وحاسماً رداً على قرار الاعتقال، اشتدت طلَقات المخاض في تقدير المصلحة الوطنية في قبول الأسرى بإطلاق سراحهم بشرط الإبعاد، وهو ما كنتُ أتمنى أن يقبله العيساوي تأسياً بسابقيه هناء شلبي وأيمن شراونة قبل إصدار قرار الإفراج عنه، فالإبعاد –على بشاعته وتجريمنا له- لن يكون أسوأ من أن يقبل العيساوي آنذاك الاختناق ثم الموت في عنق زجاجة الحسابات والتقدير، وهو ما يستلزم منّا أن نراجع أدواتنا وطرائق معالجتنا وفاعليتها في إدارة صراعنا مع المحتل الإسرائيلي.
وعلى الرغم من قناعتي بضرورة قبول (الإبعاد) إذا تعلّق بالبقاء على قيد الحياة، إلا أن حالة سامر ابن قرية العيسوية شمال شرقي القدس، تمثل استثناءً خاصاً لا يتعلق برفضه الإبعادَ عموماً، بقدر ما يمثله من رفض للسياسة العنصرية الإسرائيلية، في تفريغ القدس من أصحابها الفلسطينيين ولو كلفه ذلك حياته.
محمد سعيد العسلي
لم يعد يأبه دهاقنة حقوق الإنسان وأساطين السلام في العالم، -الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً أعقاب أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في يونيو 2006-، بالوضع غير الإنساني لآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، تخوض كوكبة منهم إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على القوانين التعسفية، والإجراءات المخالفة للقانون الدولي الإنساني، ورفضاً لإعادة اعتقال الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار، وتنديداً بخرق سلطة الاحتلال لالتزاماتها بوقف سياستي العزل الانفرادي والاعتقال الإداري، حسب اتفاق "إضراب الكرامة" والذي استمر قرابة الشهر من الزمن.
وعلى الرغم مما تمثله تلك السجون من حالة صارخة على اغتصاب الإنسانية على مرأى ومسمع من أدعيائها، مِن إقدام على اعتقال وزراء ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، إلى تضييق جائر في حق أهالي المعتقلين بزيارة ذويهم، ثم إلى اقتحام غرف الأسرى ليلاً والتحقيق معهم، ثم التعدي عليهم بالضرب والتعذيب، لترتفع حصيلة شهداء الحركة الأسيرة في آخر 30 عاماً داخل السجون إلى 200 أسير كان آخرهم قبل شهر تقريباً الأسير عرفات جرادات، وميسرة أبو حمدية أخيراً، وبرغم كل ما تمثله تلك السجون التي تضم 4500 أسير فلسطيني موزعين على 27 سجناً فقط، منهم 1200 أسير في حالة مرضية مزمنة، و180 طفلاً دون السادسة عشر من عمرهم، ناهيك عن وجود 13 أسيرة فلسطينية، و200 معتقلٍ إداري، واثنين في العزل الانفرادي، رغم كل هذا وذاك، إلا أنه لم يلقَ إلا تغاضياً دولياً، واستمراءً عربياً، وتقصيراً رسمياً فلسطينياً.
ففي حين نجح الموقف الشعبي الفلسطيني –على تواضعه- في تحريك دماء الحراك الشعبي الخارجي -ولو قليلاً- والذي تمثل في حالات احتجاج، وتظاهرات عربية ودولية هنا وهناك، في حين لم تزل السلطة الفلسطينية تشرب نخب الاحتفال التاريخي على شرف الانضمام للأمم المتحدة بصفة عضو –غير مراقب- وهو ما يتيح لها بالمناسبة اللجوء للمؤسسات الأممية والمحافل الدولية قضائياً في فضح تجاوزات الاحتلال في قضية الأسرى، إلا أن الرئيس الفلسطيني أكد مراراً أنه لا ينوي مقاضاة الكيان الإسرائيلي لدى محكمة الجنايات الدولية بخصوص الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وهو ما يمنع الاحتلال من التورع في ارتكاب مزيد من الجرائم الإنسانية ضد الفلسطينيين.
وخلافاً لقرار خوض معركة الأمعاء الخاوية، الذي جاء سريعاً وحاسماً رداً على قرار الاعتقال، اشتدت طلَقات المخاض في تقدير المصلحة الوطنية في قبول الأسرى بإطلاق سراحهم بشرط الإبعاد، وهو ما كنتُ أتمنى أن يقبله العيساوي تأسياً بسابقيه هناء شلبي وأيمن شراونة قبل إصدار قرار الإفراج عنه، فالإبعاد –على بشاعته وتجريمنا له- لن يكون أسوأ من أن يقبل العيساوي آنذاك الاختناق ثم الموت في عنق زجاجة الحسابات والتقدير، وهو ما يستلزم منّا أن نراجع أدواتنا وطرائق معالجتنا وفاعليتها في إدارة صراعنا مع المحتل الإسرائيلي.
وعلى الرغم من قناعتي بضرورة قبول (الإبعاد) إذا تعلّق بالبقاء على قيد الحياة، إلا أن حالة سامر ابن قرية العيسوية شمال شرقي القدس، تمثل استثناءً خاصاً لا يتعلق برفضه الإبعادَ عموماً، بقدر ما يمثله من رفض للسياسة العنصرية الإسرائيلية، في تفريغ القدس من أصحابها الفلسطينيين ولو كلفه ذلك حياته.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية