كفرتُ بالإنسانية يا مخيم اليرموك ... بقلم : د.ديمة طارق طهبوب

الأحد 05 أبريل 2015

كفرتُ بالإنسانية يا مخيم اليرموك

د.ديمة طارق طهبوب

على قدر ما يحاول الإنسان السوي صاحب الرؤية و الدين العض على مبادئه و الحفاظ على ذلك الخيط الرفيع الذي يفرق بين الشرائع المثالية النبيلة و بين أخطاء البشر فإن هذه الطاحونة التي نعيش فيها تحت أقدام الذين يتحكمون فينا من القوى العظمى و تحت ذل حكامنا لم تبقِ و لم تذر أية عصمة في نفوس الكثيرين لأي مقدس فتخلى البعض عن الدين و نبذ البعض الثورية و المقاومة او تعب منها و تاجر فيها و آثر البعض العزلة و السكوت الجبان بينما تطرف آخرون وصلوا نهاية الخط و حد اليأس و أصبح الموت أفضل لديهم من الحياة بذلة و أهون من استجداء ما يقيم الأود من لئام البشر!!

كان المؤمنون و الدعاة يصبرون الناس بقبول الابتلاء كجزء من التمكين و وجوب التضحية كطريق نحو النصر و أن استطالة عمر الظلم مؤذن بفناءه القريب الا أن الله فطر البشر ايضا على حب النصر و على الرغبة في جني و لو ثمرة من ثمارها فها هو سعد بن معاذ يدعو الله أن يؤخر أجله و قد أصيب بسهم قاتل حتى يرى مصارع بني قريظة بل و يتقبل الله طلبه بأحسن القبول فيكون هو الحكم العادل في مصيرهم غير أن ما يحصل مع المسلمين الآن لا يشابه مرحلة انتظار النصر و لا جني ثماره و لا حتى العمل لتحقيقه، إنه لا يشبه سوى اسوأ حالات الضعف و الخور و المهانة الذي كان فيها المسلم ينتظر المغولي ليجلب سيفه و يقتله غير ان المغول الان تعددت أجناسهم و اوطانهم و أصبح اكثر العالم مغوليا بالنسبة للمسلمين و الكل يتسابق كيف يضيق عليهم و يسومهم سوء العذاب بينما ينظر بعض النخب باستبعاد المؤامرة و يدعو الى الحوار و الحسنى و التوافق.

لا نعرف أي حسنى و اي حوار و اي سلمية و اي قوانين انسان و مواثيق دولية و معاهدات تعمل في سمائنا و على أرضنا العربية و الاسلامية فكل هذه التخريصات قد تجد منفذا في غير بلادنا الا أنها تقف عند حدودها و لا تتعداها لتصل الينا، فنحن لا نعد سوى أرقام لا تقدم و لا تؤخر ببقائها بل قد يعد التلاعب بمصيرنا و حياتنا ورقة ضغط لتصفية الحسابات و القضايا التي ترهق الدول العظمى في منطقتنا و رسم سياسات و خطط جيدة للمنطقة!

نفهم الآن لماذا يتطرف بعض الناس عن جهالة و لكنهم بشكل أو آخر يثأرون لدمائهم المراقة وحياتهم المستباحة فحيثما يممت في العالم تجد المسلم الحلقة الأضعف الذي يقع عليه كل عداء و جنون و سادية الطغاة فيصبح الحل الوحيد أمام الشباب المتحمس التخطيط للموت بكرامة اذ لم يستطيعوا التخطيط للحياة بعزة.

لا نلوم الآخرين فقط فقد ماتت فينا الانسانية جميعا و حلت مكانها الأنا الضيقة فلا نبالي بما يحصل خارج دائرتنا و اسرتنا و مجتمعنا و وطننا اما الدائرة الكبيرة للأمة فأصبحت مصطلحا من زمن غابر نترحم عليه و على دعاته!

نرى حالة الهوان هذه واضحة في حال مخيم اليرموك الذي تآمر عليه الغريب و القريب لتصفية رمزيته في قضية اللجوء و العودة و دوره في استمرارية المقاومة و الحفاظ على نهجها!

في اليرموك اختبرنا زيف بعض التنظيمات التي كانت تدعي المقاومة ثم كانت الاولى في التآمر على المخيم، في اليرموك اختبرنا كيف ان تاريخ دولة بني على وهم الممانعة كان سرابا كبيرا و متاجرة بالقضية، في اليرموك رأينا الان كيف يتلبس بعض الشياطين بلبوس الدين و الملائكة و هم من ذلك براء، في اليرموك انقلبت الاية و مات الناس من الجوع و العطش في وقت وصل فيه البشر الى حالة من الكفاية أصبحوا يقولون بعدها " ما في حد بموت من الجوع" بعد ان كان المخيم حاضرة من حواضر الخير و الازدهار و العافيه و قدم مثلا على المحافظة على القيم و المبادىء و متابعة الحياة لخدمة القضية
في اليرموك و قبله صبرا و شاتيلا و تل الزعتر و غيرها سقطت كل حسابات الانسانية و الدين و قوانين الحرمة و العصمة و سقط معظمنا في اختبار المبادىء و التنظير!

ماذا نفعل اذن و الكماشة قد اطبقت من كل الزوايا و لم يعد هناك منفذ؟ قد يتساءل بعض اليائسين ممن استحلوا القعود و ممارسة دين الدراويش و الرهبان بالاقتصار على العبادة و الدعاء؟!؟! و مثل هذا المنطق هو الهزيمة الحقيقية و الجواب بسيط ان افعل اي شيء مهما كان بسيطا او رمزيا، المهم ان تتحرك، ان تحس بالالم، ان يؤرقك الخطب الجلل، ان لا تسكت فالسكوت هو الموت و التصفية و ختم النهاية
لا تسكت و لا تقعد و لا تبخل و لا تسمح لنفسك ان تكون شريكا في الجريمة و تذكر أن المكان الاسوأ في الجحيم للذين يقعدون على الحياد
و بغير ذلك لا ينطبق عليك سوى انك من القطيع تأكل و تشرب و تسمن للذبح عندما يريد الجزار الاكبر او وكلاؤه في المنطقة.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية