كل عام وأنتم إلى الله أقرب
بقلم: مصطفى الصواف
الحمد لله رب العالمين الذي بلغنا شهره الفضيل، شهر رمضان الكريم، ونرجو الله أن لا يحرمنا أجر صيامه وقيامه وأن يجعله شهر رحمة ومغفرة وعتق من النار، وكل عام وأنتم بألف خير والأمتان العربية والإسلامية بخير، والشعب الفلسطيني بخير، وسنبقى نقول إن شاء الله أن يأتي رمضان القادم وقد تحرر الأقصى وفلسطين من نير الاحتلال الصهيوني ، وأن ينعم الله علينا بوحدة تعزز ثباتنا على الحقوق والثوابت، وأن يدفعنا نحو وحدة الموقف والرأي والهدف والوسيلة، وأن نبقى متمسكين بالمقاومة لهذا المحتل قولاً وعملاً لأنها الطريق نحو الدولة والاستقلال.
"هل هلالك شهر مبارك علينا وعلى أمة محمد"، شهر العبادة والتقرب إلى الله ، شهر المحبة الحقيقية لله ومع الله، شهر التعاطف والإنفاق في سبيل الله، شهر تعزيز الإخوة والصداقة والتراحم والتزاور والتغافر، شهر التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات والصدقات، شهر لو علم الناس ما فيه من خير لتمنوا أن يكون العام كله رمضان.
شهر الصوم ليس فقط عن الطعام والشراب والشهوات ، لكنه شهر الإمساك عن ما يفسد هذا الصوم، صوم الجوارح واللسان، صوم الفؤاد إلا عن ذكر الله ومن والاه.
لنجعل هذا الشهر انطلاقة جديدة في حياتنا وبداية عودة حقيقية إلى الله عز وجل، ننسى فيها الماضي بما حوى، ونسعى نحو حاضر ومستقبل فيه تقرب إلى الله حتى نقترب من النصر والتمكين، وليبدأ كل واحد منا بنفسه ثم بأهل بيته، ثم بأهله وجيرانه، وهكذا دائرة دائرة، الأضيق فالأوسع حتى تشمل كل الدوائر المحيطة بنا، ولو فعل ذلك كل واحد فينا لبلغنا رضا الله تعالى، وهل بعد رضا الله من شيء.
ليكن هذا الشهر لنزع الغل من النفوس والحقد من القلوب، وأن نسعى إلى تصفية القلوب والتسامح والتغافر من أجل الله وفي الله، وأن ننسى الماضي بما حمل من مآسٍ وأحزان وليفتح كل واحد منا صفحة جديدة يسطر فيها عنواناً كبيراً يسميه "نحو الله"، بكل الوسائل دون كلل أو ملل، وإن صدك من لا يرغب وما زال في قلبه شيء من الغل أو الحقد، كن لحوحاً من أجل أن تساعده على التخلص من ما في قلبه، تودد إليه تمنى عليه زوره ادع الله له أن يشرح صدره وينير قلبه، وأن يجنبه الله الشيطان وييسر له سبل تطهير النفس مما علق بها، فالدنيا دار ممر، سريعاً ما تنقضي، فلماذا لا نغتنمها ونجعل ما تبقى من صفحاتها بيضاء نقية ونسطر فيها كل ما يرضي ربنا.
شهر رمضان هو شهر القرآن قراءة وتدبرا وتعبدا، في الليل والنهار، ليكن القرآن هادينا ومنهج حياتنا، نبي عليه تعاملنا مع أهل بيتنا ومع إخواننا ومع أرحامنا ومع جيراننا وأصدقائنا، وعلينا أن نخلص النوايا ونترفع عن الصغائر، وأن يكون شعارنا اللهم اغفر لإخواننا الذين نحيا بينهم والذين سبقونا، وندعو الله أن يجمع شملنا على الحق وأن ينصرنا على عدونا.
علينا أيها الإخوة أن نعمل على استعادة وحدتنا وان ندعو الله أن يوفق إخواننا إلى إنهاء هذا الانقسام الذي نعيش، وأن يعيد لنا اللحمة والإخوة والصداقة، وأن ييسر لنا السبل ويقيض لنا الخيرين الصالحين من المسلمين ليساعدونا على تجاوز المحنة وحل الخلاف، فلو صدقت النوايا من كل الأطراف سيكون ذلك أول الطريق نحو استعادة هذه الوحدة التي يتمناها كل الشعب الفلسطيني.
مرة أخرى كل عام وأنتم بخير، وكل عام وأنتم إلى الله أقرب، اشحذوا الهمم، وشمروا عن السواعد حتى تكونوا مع الله، فمن كان مع الله فلا يبالي، ولنكن على يقين بأن الله معنا، ومن كان الله معه، كان بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به، ويده التي يبطش بها وقدمه التي يمشي بها، سيكون الخير ملازم له في خطواته وشأن حياته، ما أعظمه من شهر تحفه الملائكة في كل ساعاته وتصفد فيه الشياطين، ويقول فيه يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر، هلموا هلموا إلى طاعة الله حتى تنالوا محبته ومغفرته وعفوه، اللهم اعتق رقابنا من النار في هذا الشهر الفضيل، الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية