لا تعايش مع العدو الصهيوني ... بقلم : د. فايز رشيد

لا تعايش مع العدو الصهيوني ... بقلم : د. فايز رشيد

الأحد 13 مارس 2011

لا تعايش مع العدو الصهيوني


د. فايز رشيد


امتداداً لما جرى ويجري في العالم العربي وتداعيات ذلك... ولعل من أهم هذه التداعيات هو التأثير على الصراع العربي - الصهيوني, من زاوية عودته إلى مربعه الأول, فثمة تغييرات محتملة تؤسس لمرحلة جديدة في الوطن العربي، هي بالتأكيد غير السابقة, من زاوية ظروفها الموضوعية ومن حيث مدى تأثير العوامل الذاتية الجديدة فيها, شكلاً ومضموناً, وحيث أن مؤشرات اتجاه حركتها يسير عل طريق إذكاء عوامل هذا الصراع. من جانب ثان فإن تجربة مريرة من التفاوض الفلسطيني - الصهيوني أثبتت بما لا يقبل مجالاً للشك: استحالة وجود حلول مع هذه الدولة الصهيونية حتى العظم.

مّثلت الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، التي عقدت في القاهرة في يونيو عام 1974 نقطة تحول في البرنامج الوطني الفلسطيني وفي عموم المشروع الوطني التحرري لشعبنا، ذلك بطرحها البرنامج المرحلي، أو ما اصطلح على تسميته بـ(برنامج النقاط العشر). بعدها توالت التحولات من إقرار حل الدولتين, وعلى هامش هذا الحل وفي وقتٍ سابقٍ له بكثير, جرى طرح حل الدولة الديموقراطية الواحدة أو حل الدولة الثنائية القومية، وفي مرحلة ما بعدها من قبل البعض طرح شعار دولة "إسرائيل" لكل مواطنيها!.

عملياً، فإن كافة هذه الحلول تحمل بين جوانحها تنازلات نسبية, بهذه الطريقة أو تلك عن الحق العربي في فلسطين التاريخية, من خلال سلسلة معقدة من الاعتراف بوقائع مفروضة، جاءت رغم الإرادتين الفلسطينية والعربية, من خلال هجرة يهودية إلى فلسطين، هجرة جاءت عنوة عن إرادة أهلها الفلسطينيين العرب، وما على هذه الإرادة إلاّ الاعتراف بالوقائع الجديدة وأبرزها قبول هؤلاء المهاجرين أو أحفادهم كمواطنين في الدولة الديموقراطية أو الثنائية القومية أو الدولة لكل مواطنيها, هذا هو الخلل الأول في صوابية هذه النظرة.

الخلل الثاني, يجمع كل هذه التصورات ويشكل قاسماً مشتركاً أعظماً بينها, وهو تصور "إسرائيل" بلا حركة صهيونية, وهو الأساس الأول في افتراض واقعية الدولة الديموقراطية الواحدة أو الدولة الثنائية القومية. هذا الافتراض التصوري لمستقبل "إسرائيل", هو خارج حدود إمكانية التطبيق, بالمعنيين التاريخي والعملي، فالمشروع الإسرائيلي قام بالاستناد إلى الأسس الصهيونية.

الخلل الثالث في هذه التصورات: أن اليهودية ليست قومية، وإنما هي ديانة مثل الإسلام، والمسيحية، وبالتالي، فإن القول بوجود الأمة اليهودية أو الشعب اليهودي هو خلل نظري كبير، إن ينم عن ظاهرة, فهي الجهل بالتاريخ والبعد عن الواقع والموضوعية.

الخلل الرابع في هذه التصورات: أنها تفصل بين الحقيقة الإسرائيلية الصهيونية وبين رديفها الثاني الاستعمار, فلا يمكن أن يتواجد المشروع الصهيوني بمعزل عن هذا الرديف، الذي هو أساس وجود هذا المشروع.

الخلل الخامس لدى أصحاب هذه الدعاوى: أنهم يحاولون تقييد الأجيال القادمة من الفلسطينيين والعرب (باعتبار الصراع مع إسرائيل هو فلسطيني عربي) بمحددات الحل للمستقبل (على افتراض بقاء إسرائيل إلى ذلك الزمن), دون الأخذ بعين الاعتبار, حقائق المرحلة القادمة والعوامل الجديدة التي يمكنها أن تكون مستقبلاً، وهذا في حقيقة الأمر اضطهاد دكتاتوري أبوي, وابتعاد عن الحقائق وعن الموضوعية. مسؤولية الجيل الحالي أن يقدم ما بوسعه من أجل عملية تحرير فلسطين, لا أن يرهن المستقبل, بتصوراته, أو ما يعتبره صواباً.

الخلل السادس لدى أصحاب هذه الحل: أنهم يفترضون تنازلات فلسطينية وعربية عن الحق في فلسطين التاريخية، وهذا ليس من حق أحد، ففلسطين ليس لأهلها فقط، وإنما هي حق من حيث تقرير مصيرها, للعرب، ف"إسرائيل" ليست خطراً على الفلسطينيين فحسب، وإنما على الأمة العربية بكاملها، فوجودها ارتبط بالتآمر على هذه الأمة, ومنع توحيدها، بالعمل على تفتيتها إلى دويلات، والإسلاميون يعتقدون أيضاً بأن فلسطين (وقف إسلامي)، بالتالي فإن هذا الحل لا يصطدم فقط بعقبات صهيونية، إسرائيلية، وإنما بعقبات شعبية فلسطينية وشعبية عربية وإسلامية أيضاً.

لم نبحث في حل الدولتين, باعتبار أن عام 2010 أثبت بما لا يقبل مجالاً للشك، استحالة هذا الحل، فأقصى ما يمكن أن تعطيه "إسرائيل" للفلسطينيين هو الحكم الذاتي الهزيل, البعيد عن أية مظاهر سيادية. بالفعل أثبتت تجربة ما يقارب العشرين عاماً على المفاوضات مع العدو الصهيوني فشل وعقم ولا جدوى هذا النهج. الحل الوحيد للتعامل مع إسرائيل هو: نهج المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها, وعلى رأسها الكفاح المسلح، الذي كان وراء بعض التغيير في تصوراتها مثل: الاضطرار للاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني بعد أن أنكرت وجوده لسنوات طويلة.

أيضاً من ناحية ثانية،فإن البديل للمفاوضات مع العدو الصهيوني, ليس انتظار فرصة أخرى للمفاوضات, فهي لن تكون بأفضل من سابقاتها, وإنما بعودة الصراع إلى مربعه الأول, ومنطلقاته الأولى, وهو عائد إلى تلك الدائرة شاء البعض أم أبى، فالصراع يفرض حقائقه, والرفض الإسرائيلي لحل الدولتين, يفرض حقيقته أيضاً.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية