لا جديّة، ولا جديد، في خطة عباس
د. يوسف رزقة
عشرون سنة وعباس داخل (الإطار)، ويبدو أنه لا يفكر في الخروج منه، أو أنه لا يقدر على الخروج منه، ومن ثمة وجدناه وهو في أعلى قمة الفشل والإحباط، وفي أشد حالات عدوان نتنياهو على غزة، في معركة ٧ تموز ٢٠١٤، يعلن عن مفاجأة تفاوضية، ولكن من داخل الإطار المتداعي للمفاوضات .
عباس أعلن أنه (سيطلب من أميركا الإقرار العلني بحدود ٦٧ للدولة الفلسطينية أولا، ثم التفاوض على التفاصيل والتنفيذ خلال سقف زمني أقصاه ثلاث سنوات، وإذا رفضت فإنه سيتوجه بمشروعه إلى مجلس الأمن، فإذا استخدمت أميركا الفيتو فإنه سيتوجه إلى الانضمام إلى محكمة الجنايات ، والمنظمات الدولية الأخرى، ولا مانع من حل السلطة، وتسليم المفاتيح للاحتلال أو الأمم المتحدة؟!) .
مشروع عباس الذي حمل مصطلح (المفاجأة) في أثناء الحرب على غزة، ما كان بالمفاجأة على الإطلاق، لأنه يسير داخل الإطار الذي تأسس في اتفاق أوسلو، والقائم على المفاوضات، وعلى الدور الأميركي، ومن ثمة كان إطلاقه في أثناء قصف غزة، وارتفاع وتيرة الضغوط على السلطة، يهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي لا أكثر فيما أحسب وأرجح، وهو لا يحمل جديدا، ولا يعالج قديما مريضا؟!
لذا فإن الإجابة عنه واضحة وجاهزة، وملخصها: أن الإدارة الأميركية ترفض الإقرار بحدود ٦٧ نطاقا للدولة الفلسطينية، وتحيل الطرفين إلى مائدة المفاوضات، وهي لا ترى نفسها طرفا في ترسيم الحدود على قاعدة حل الدولتين، وقد أبلغت الإدارة صائب عريقات برفضها هذا، وهو رفض كان معلوما بالضرورة قبل لقاء عريقات بالخارجية الأميركية بعد وقف إطلاق النار في غزة.
الآن, وفي ظلال الانعقاد الدوري للجمعية العمومية للأمم المتحدة ، وحيث سيحضر عباس اجتماعاتها، يحاول الطرف الفلسطيني بالتعاون مع اللجنة العربية في الأمم المتحدة استمزاج مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لطرح مشروع عربي بترسيم حدود الدولة الفلسطينية. ما يجري من استمزاج هو عمل روتيني، لأن كلّ المواقف المؤثرة والحاسمة في مجلس الأمن معلومة، وتحكي رفض الطلب الفلسطيني، أو على الأقل مواجهته بالفيتو الأميركي.
عباس يعلم مآلات هاتين الخطوتين مسبقا، ومع ذلك يرفض الخروج من الإطار الضيق ، لأنه لا يريد دفع ثمن هذا الخروج. ولأنه يرفض دفع ثمن التمرد على الإطار الضيق للمفاوضات ، ومن ثمة فإن تهديده بالتوجه إلى محكمة الجنايات أمر مشكوك فيه، ومن المرجح عدم حدوثه، لأن ثمن محكمة الجنايات كبير، وعباس يرفض دفع الثمن، لأن الثمن له علاقه به شخصيا، وله علاقة بحريته في التصرف كرئيس سلطة، وقد يفضي بالموقف الإسرائيلي والأميركي إلى رفع الغطاء عنه.
عباس يعلم ثمن المحكمة، لذا هو يهدد بتسليم مفاتيح السلطة إلى نتنياهو، إذا ما فشل في الخطوتين آنفتي الذكر ( مجرد تهديد لا أكثر ). عباس يعلم يقينا أن الفشل يطارده، ومع ذلك لن يتوجه إلى محكمة الجنايات، إلا إذا قرر مغادرة المقاطعة، والإعلان عن حلّ السلطة، ولا يوجد بين يدينا أي مؤشر يشير إلى إمكانية حدوث هذا الحل الموصوف بالراديكالية، لأنه يأتي من خارج الإطار، ونحن نعلم مدى التصاق عباس في الإطار التفاوضي، ومدى عناده في الدفاع عنه، ومدى رفضه دعوات التمرد على السلوك الإسرائيلي الأميركي.
إن ما طرحه عباس يفتقر إلى الجديد، ويفتقر إلى الجدية، ويجري في دائرة المناورة، والمراوغة السياسية، التي تستهدف الوعي الفلسطيني، أكثر مما تستهدف الإسرائيلي، ومن ثمة فإنني لا أتوقع جديدا بانتهاء اجتماعات الجمعية العامة، ومجلس الأمن، ولا أتوقع من عباس كسر الإطار والتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، أو حلّ السلطة وتسليم مفاتيحها إلى الأمم المتحدة، أو إلى نتنياهو. إن كل ما يجري هو مضيعة مقصودة للوقت، وحرمان لغزة مما يجب أن يكون عليه الموقف الفلسطيني بعد العدوان القاسي عليها. غزة تتألم ، وهذا يتفرج، ولا يوظف مقاومة غزة للوصول إلى الأهداف الفلسطينية، بل يعدو على غزة بالتشويه والتشهير والتحريض.
د. يوسف رزقة
عشرون سنة وعباس داخل (الإطار)، ويبدو أنه لا يفكر في الخروج منه، أو أنه لا يقدر على الخروج منه، ومن ثمة وجدناه وهو في أعلى قمة الفشل والإحباط، وفي أشد حالات عدوان نتنياهو على غزة، في معركة ٧ تموز ٢٠١٤، يعلن عن مفاجأة تفاوضية، ولكن من داخل الإطار المتداعي للمفاوضات .
عباس أعلن أنه (سيطلب من أميركا الإقرار العلني بحدود ٦٧ للدولة الفلسطينية أولا، ثم التفاوض على التفاصيل والتنفيذ خلال سقف زمني أقصاه ثلاث سنوات، وإذا رفضت فإنه سيتوجه بمشروعه إلى مجلس الأمن، فإذا استخدمت أميركا الفيتو فإنه سيتوجه إلى الانضمام إلى محكمة الجنايات ، والمنظمات الدولية الأخرى، ولا مانع من حل السلطة، وتسليم المفاتيح للاحتلال أو الأمم المتحدة؟!) .
مشروع عباس الذي حمل مصطلح (المفاجأة) في أثناء الحرب على غزة، ما كان بالمفاجأة على الإطلاق، لأنه يسير داخل الإطار الذي تأسس في اتفاق أوسلو، والقائم على المفاوضات، وعلى الدور الأميركي، ومن ثمة كان إطلاقه في أثناء قصف غزة، وارتفاع وتيرة الضغوط على السلطة، يهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي لا أكثر فيما أحسب وأرجح، وهو لا يحمل جديدا، ولا يعالج قديما مريضا؟!
لذا فإن الإجابة عنه واضحة وجاهزة، وملخصها: أن الإدارة الأميركية ترفض الإقرار بحدود ٦٧ نطاقا للدولة الفلسطينية، وتحيل الطرفين إلى مائدة المفاوضات، وهي لا ترى نفسها طرفا في ترسيم الحدود على قاعدة حل الدولتين، وقد أبلغت الإدارة صائب عريقات برفضها هذا، وهو رفض كان معلوما بالضرورة قبل لقاء عريقات بالخارجية الأميركية بعد وقف إطلاق النار في غزة.
الآن, وفي ظلال الانعقاد الدوري للجمعية العمومية للأمم المتحدة ، وحيث سيحضر عباس اجتماعاتها، يحاول الطرف الفلسطيني بالتعاون مع اللجنة العربية في الأمم المتحدة استمزاج مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لطرح مشروع عربي بترسيم حدود الدولة الفلسطينية. ما يجري من استمزاج هو عمل روتيني، لأن كلّ المواقف المؤثرة والحاسمة في مجلس الأمن معلومة، وتحكي رفض الطلب الفلسطيني، أو على الأقل مواجهته بالفيتو الأميركي.
عباس يعلم مآلات هاتين الخطوتين مسبقا، ومع ذلك يرفض الخروج من الإطار الضيق ، لأنه لا يريد دفع ثمن هذا الخروج. ولأنه يرفض دفع ثمن التمرد على الإطار الضيق للمفاوضات ، ومن ثمة فإن تهديده بالتوجه إلى محكمة الجنايات أمر مشكوك فيه، ومن المرجح عدم حدوثه، لأن ثمن محكمة الجنايات كبير، وعباس يرفض دفع الثمن، لأن الثمن له علاقه به شخصيا، وله علاقة بحريته في التصرف كرئيس سلطة، وقد يفضي بالموقف الإسرائيلي والأميركي إلى رفع الغطاء عنه.
عباس يعلم ثمن المحكمة، لذا هو يهدد بتسليم مفاتيح السلطة إلى نتنياهو، إذا ما فشل في الخطوتين آنفتي الذكر ( مجرد تهديد لا أكثر ). عباس يعلم يقينا أن الفشل يطارده، ومع ذلك لن يتوجه إلى محكمة الجنايات، إلا إذا قرر مغادرة المقاطعة، والإعلان عن حلّ السلطة، ولا يوجد بين يدينا أي مؤشر يشير إلى إمكانية حدوث هذا الحل الموصوف بالراديكالية، لأنه يأتي من خارج الإطار، ونحن نعلم مدى التصاق عباس في الإطار التفاوضي، ومدى عناده في الدفاع عنه، ومدى رفضه دعوات التمرد على السلوك الإسرائيلي الأميركي.
إن ما طرحه عباس يفتقر إلى الجديد، ويفتقر إلى الجدية، ويجري في دائرة المناورة، والمراوغة السياسية، التي تستهدف الوعي الفلسطيني، أكثر مما تستهدف الإسرائيلي، ومن ثمة فإنني لا أتوقع جديدا بانتهاء اجتماعات الجمعية العامة، ومجلس الأمن، ولا أتوقع من عباس كسر الإطار والتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، أو حلّ السلطة وتسليم مفاتيحها إلى الأمم المتحدة، أو إلى نتنياهو. إن كل ما يجري هو مضيعة مقصودة للوقت، وحرمان لغزة مما يجب أن يكون عليه الموقف الفلسطيني بعد العدوان القاسي عليها. غزة تتألم ، وهذا يتفرج، ولا يوظف مقاومة غزة للوصول إلى الأهداف الفلسطينية، بل يعدو على غزة بالتشويه والتشهير والتحريض.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية