مصطفى الصواف
مرة أخرى تطفو على السطح قضية المصالحة الفلسطينية والتي حركتها تفاهمات القاهرة الأسبوع الماضي وبات الحديث عنها شغل الإعلام والمحللين والمعلقين دون أن يثير هذا الاتفاق مشاعر المواطن الفلسطيني الذي لم يعد يولي اهتماما كبيرا يستحق التوقف أمامه بعد الإحباط الذي وصل إليه نتيجة أن كل الاتفاقيات التي وقعت والتفاهمات التي قيلت بقيت حبرا على الورق دون أن تجد طريقها إلى التطبيق الذي يثبت أن هناك نوايا جادة نحو تحقيق المصالحة.
اليوم الاثنين 28 من مايو هل سيشهد تحركا حقيقيا على الأرض نحو تطبيق تفاهمات القاهرة التي حوت على آليات لتنفيذ اتفاق القاهرة وتفاهمات الدوحة، وهل كلمة السر التي عجلت بتفاهمات القاهرة هي التزامن بين عمل لجنة الانتخابات في غزة والبدء بتشكيل الحكومة من قبل السيد محمود عباس هو الذي حرك التفاعل الضعيف مع المصالحة شعبيا وأكبر إعلاميا.
سمعت إلى حديث للسيد سامي خاطر عضو المكتب السياسي لحركة حماس مساء السبت الماضي على فضائية القدس جعلني مستغربا عندما اعتبر لقاء فتح وحماس بقيادة الأحمد وموسى هو التزامن الذي تحدثت عنه تفاهمات القاهرة وليس مشاورات عباس بتشكيل الحكومة الانتقالية، وان هناك تأجيلا للقاء من الأحد إلى الاثنين بدعوى تأخر الوفود، فوفد حماس موجود في القاهرة والتأخير من قبل وفد فتح ولا أريد أن اجزم أن هذا التأخير متعمد حتى لا يكون هناك تزامن في المشاورات إذا اعتبر لقاء الوفود هو المشاورات وبدء عمل لجنة الانتخابات المقرر أن يكون يوم أمس الأحد.
ما جعلني اقلق أكثر هو ما سمعته من عضو الهيئة القيادية لحركة فتح في غزة الدكتور عاطف أبو سيف في لقاء على أحدي الفضائيات كنت معه فيه، عندما تحدث أن الهدف الأساس من المصالحة أو تفاهمات القاهرة والدوحة واتفاق القاهرة هو الانتخابات، وان حكومة السيد عباس وفق اتفاق الدوحة قائمة على أساس إجراء الانتخابات وكان المصالحة انتخابات وأن هذه الانتخابات هب الحل السحري للانقسام، وهذا ما حذرنا منه منذ عامين وقلنا حينه أن السيد عباس كل ما يريده هو الانتخابات معتقدا أن هذه الانتخابات ستخرج حماس من المشهد السياسي كما أدخلتها، وهذا خيال يراود حركة فتح ومحمود عباس الذي يرى أن حظه في الانتخابات أوفر من حظ حماس.
الانتخابات أسهل الملفات ولكن ما قبل الانتخابات وما بعدها ربما يكون أكثر تعقيدا لأننا سبق وان قلنا أن إجراء انتخابات دون أن يكون هناك بيئة سياسية حرة ديمقراطية هو أمر مستحيل، ثم من الذي يضمن أن نتائج الانتخابات ستحترم او سيتم التعامل معها كما تم التعامل مع نتائج انتخابات 2006، وهل يمكن ان تكون هناك انتخابات وآثار الانقسام قائمة ودون إجراء مصالحة مجتمعية، ام ان القضية قضية انتخابات لو جرت والأوضاع على ما هي عليه دون حريات واستمرار حالة القمع والملاحقة والاعتقال الذي لم يتوقف حتى اللحظة بشكل فاضح في الضفة الغربية.
نحن بحاجة إلى مصالحة حقيقية قائمة على أصول وثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني منطلقة من مصلحته العليا ولسنا بحاجة إلى إدارة للانقسام خاصة أن الحديث عن حكومة لمدة ثلاثة شهور أو ستة شهور وإجراء الانتخابات والتي ستواجه عقبات يصعب حلها دون وحدة موقف فلسطيني وإبداع حلول فيما لو حاول الاحتلال منع إجراء الانتخابات في مدينة القدس او في منطقتي (ب) و(ج) وحتى ما يسمى بمناطق (ا) أي المناطق الخالصة لسلطة رام الله بإمكان تداخل الاحتلال ومنع إجراء مثل هذه الانتخابات حتى في مناطق (ا) لأنها مناطق مستباحة من قبل الاحتلال، وهذا يعني ان هذه الحكومة سيمتد أجلها إلى ما لانهاية رغم الحديث عن أن حكومة عباس بعد الستة شهور ستحل ويعاد إلى اتفاق القاهرة وتكليف شخصية مستقلة ( تكنوقراط) بتشكيل الحكومة التوافقية.
نؤكد للمرة الألف أن الانتخابات وسيلة لن يختلف عليها أي فلسطيني ولن يثق ضدها احد شرط أن تكون نزيهة وحرة وديمقراطية، وان الهدف هو الوحدة وإنهاء الانقسام وهذا لن يتم بجعل الانتخابات هدف من المصالحة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية