لقاء مع زوجة الشهيد مبارك الحسنات

السبت 22 أكتوبر 2011

لقاء مع زوجة الشهيد مبارك الحسنات
زوجي فتح لنا طريق الجنة

حينما يكون الحديث عن العظماء تبدو الكتابة مغامرة؛ إذ كيف يكتب اللاعظماء عن العظماء..
هكذا يكون الحديث عن عائلة التحمت بلوحة ثابتة إطارها جدول من الشهداء وبحر من البطولة.


هكذا هي عائلة الشهيد "مبارك الحسنات" القائد الذي سقط شهيدا بصواريخ إسرائيلية ليترك خلفه زوجة وأولادا لم تزحزحهم المصيبة قيد أنملة عن الهدف الذي نذروا حياتهم له.. هذه هي الحقيقة التي تكتشفها في طيات الحديث مع زوجة الشهيد مبارك الحسنات- أم عبد الله- التي لم تعرف يوما معني للتراجع أو الملل، بل إنها- كما تقول- تستمد من مبارك الصبر والإصرار والإخلاص في مماته كما في حياته.


وتقول أم عبد الله: إن الإخلاص خاصية فسيولوجية وسيكولوجية من هيكل الفكر عند زوجها مبارك.. تبكي ولم تمتص قسمات الوجه دمعات الحرقة، فلا مندوحة من ثمر لكن مبارك لم يمت - كما تقول - بل إنه كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، لن تستطيع أن تنهشها الصواريخ ولا الطائرات.


وتضيف أم عبد الله: زوجي كان شاهدا على العصر وعلى تاريخ القضية الفلسطينية.. وتتابع: "آه أيتها القوافل المحتشدة على أبواب الجنة ! من يسقي أبا عبد الله شربة لا يظمأ بعدها أبدا..".


وتتابع قائلة: رصيف الجنة مزدحم بوجوه عرض السماوات والأرض أعدت للاستشهاديين.. يفرح الشهداء ويحزن الباقون…


لم أصدق إنني سأكون رفيقة دربه…


" لم أصدق أنني سأكون رفيقة دربه…"، بهذه الجملة بدأت "أم عبد الله" زوجة الشهيد مبارك الحسنات حديثها حول شخصية زوجها الذي تعرفت عليه.


وأضافت: " شخصيته مؤثرة، وحديثه يأسر الألباب، ولم أكن أتوقع أن أرتبط بشخص يحمل مواصفاته؛ حيث كان واسع الاطلاع وشديد الحساسية.. تقدم مبارك لخطبتي فكانت فرحتي كبيرة وغمرتني السعادة ولم أصدق أن شخصا مثله سأكون رفيقة دربه".


صمتت قليلا حينما سألناها عن شعورها بعد استشهاد زوجها ثم قالت: "أحمد الله أن اختاره شهيدا".


الشهداء مشتاقون إليه..


وحدثتنا عن حوار قصير تم بينها وبين زوجها صباح يوم الاستشهاد:


علمي ولادك لدينهم ليس لدنياهم
أضافت انه قال "ديري بالك على الشباب "يعنى أولاده وكانت هذه المحادثة آخر الكلمات التي تحدث بها المجاهد مبارك الحسنات، نائب القائد العام ومستشار الوزير بالشؤون العسكرية قبل خروجه من منزله مودعا زوجته وأولاده الخمسة.

الحديث طويل والأشجان كثيرة، ولعل المقابلة التالية تضيف بعض الشيء إلى زوايا حياة امتلأت صفحاته بالجهاد.


وفيما يلي نص المقابلة التي أجريناها مع أم عبد الله:

* ما شعورك كزوجة شهيد وصفه الجميع بأنه مدرسة في شكل رجل؟

- رغم الفراغ الكبير الذي تركه استشهاد زوجي البطل باستشهاده فإنني أشعر بالفخر والاعتزاز، وأن الله سبحانه وتعالى اختاره شهيداً.

فأحمد الله تعالى أن اختار زوجي شهيداً ليفتح لنا طريقاً إلى الجنة؛ حيث إن الشهيد يشفع لسبعين من أهله وأقاربه، وقد نجح أبو عبد الله في مدرسته في تعليم زوجته وأبنائه التربية الصحيحة، وأسأل الله أن يعينني على السير على دربه وتربية أطفالي الخمسة على طريق والدهم والبقاء على عهده.




* كيف باعتقادك ينبغي أن تستقبل المرأة المسلمة خبر الشهادة؟

- باعتقادي أنه على المرأة المسلمة أن ترضى بما قدر الله سبحانه لها، وعليها أن تصبر وتحتسب، وأن تدعو الله سبحانه وتعالى وتقول: " اللهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها".

فقدر الله نافذ ولا راد لقضائه، والله سبحانه هو الذي أعطى وهو الذي أخذ،وعليها أن تحمد الله أن زوجها أو ابنها أو أخاها هو من بين الناس الذين من عليهم الله بالشهادة حيث قال سبحانه: "ويتخذ منكم شهداء".




* ما الفراغ الذي تركه أبو عبد الله في حياتك وحياة أولادك؟

- لقد كان أبو عبد الله وسيبقى- إن شاء الله- كل شيء في حياتي، لقد فقدت الزوج الوفي الذي كان أوفى مَنْ أُحبّ وأَحب من أوفى، وفقدت الأب الغالي والأم الحنون… لقد فقدت شريك عمري ورفيق دربي في السراء والضراء، لقد فقدت الصديق الصدوق..

أعتبر أنني فقدت الجمال والحنان باستشهاده في الدنيا،ولكني أسأل الله أن يعوضني في أولادي خيراً، وأن يلحقني وصغاري بزوجي الغالي في جنات الخلد، وأن يعينني لمجيء ذلك اليوم على تعويض أولادي ما فقدوه باستشهاد والدهم؛ حيث إنه كان يتفنن في أساليب إدخال السعادة إلى قلوبنا جميعا. فقد كان الفرحة والنسمة بالنسبة لهم، وقد كان بالنسبة لنا جميعاً القدوة، وقدوته يستمدها من الرسول الكريم محمد ( صلي الله عليه وسلم )
 
* ما هي الأعباء التي تركها استشهاد مبارك عليك؟

- استشهاده ترك المسؤولية كاملة علي حيث أن المطلوب مني الآن أن أكون الأم الحنونة ورب الأسرة القدوة بالنسبة لأولادي فعلي القيام بدور الرجل والمرأة في آن واحد.


* ماذا أخذت وتعلمت من مدرسة مبارك؟

- لقد تعلمت الكثير الكثير من مدرسة مبارك. وقد ذكرت أن قدوة أبو عبد الله هو الرسول محمد  ( صلي الله عليه وسلم )لقد تعلمت منه إتباع القول بالعمل، والصبر والاحتساب عند المصائب، والشجاعة في قول الحق، وعدم الخوف عند الشدائد والحكمة في التعامل مع المواقف البسيطة والصعبة، ووضع الأمور في حجمها الطبيعي أي عدم تضخيم الأمر الصغير وعدم تصغير الأمر الكبير.

كما تعلمت الرضى بما كتب الله، وان الحياة لا تنتهي باستشهاد إنسان أو وفاته وانه لكل زمان دولة ورجال ……الخ.

حقيقة لا أستطيع ذكر الجوانب التي تعلمتها من مدرسة أبى عبد الله حيث انه لا يمكن إحصاؤها ومن احب أن يعلم ما تعلمت من أبا عبد الله فليرجع إلى سنة الحبيب محمد ( صلي الله عليه وسلم )


* هل ستدفعي أولادك لسلوك نفس الطريق الذي سلكه والدهم؟

- اسأل الله أن يعينني على ذلك. فطريق أبوعبد الله هو طريق الجنة المحفوفة بالصعاب والأشواك وليست محفوفة بالورود والرياحين.. وان فعلت أن شاء الله سألحق به مع أولادي إلى الجنة و أنا مستعدة أن أدافع حياتي وحياة أبنائي ثمنا لها فالجنة عروس مهرها النفوس.------

* هل ستدفعي أولادك لسلوك نفس الطريق الذي سلكه والدهم؟

- اسأل الله أن يعينني على ذلك. فطريق أبو عبد الله هي طريق الجنة المحفوفة بالصعاب والأشواك وليست محفوفة بالورود والرياحين.. وان فعلت أن شاء الله سألحق به مع أولادي إلى الجنة و أنا مستعدة أن أدافع حياتي وحياة أبنائي ثمنا لها فالجنة عروس مهرها النفوس.

* ما هي الزوايا الخفية في حياة مبارك الحسنات كما تابعتها عن قرب؟

- أن أبا عبد الله الداعية المسلم المجاهد،الجريء القوي، الشجاع هو نفسه الإنسان الحنون العطوف الرؤوف في بيته فهو على استعداد للقيام بأعمال البيت كاملة من أجل مساعدتي ومساعدة أبنائي رغم انشغاله الدائم في الليل والنهار.

أبا عبد الله يمتلك روحانية غالية جدا وقرب من الله سبحانه لا يوصف. فقد كان في شهر رمضان وخاصة أيام الاعتقال يختتم القرآن الكريم يوميا، ولا ينام إلا بعد أن يدعو الله ويقرأ القرآن ويعالج نكد الصغار بالقرآن ويسهر إلى ساعات متأخرة من الليل ليتابع ما ضاع عليه في النهار من متابعة أخبارالعالم ورغم ذلك يوقظنا لصلاة الفجر.

أبا عبد الله إنسان مرهف الحس وفنان. بالإضافة إلى حنكته السياسة وقدراته الأدبية .

من يتعامل مع أبا عبد الله وأنا زوجته اعترف أن من يخطئ معه يخجل من نفسه لأنه يعالج الأمور بطريقة غريبة تجعل الإنسان يعترف بذنبه ويتوب ولا يعود لنفس الخطأ.

* ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه المرأة المسلمة في ظل الانتفاضة ؟

- على المرأة المسلمة أن لا تستهين بدورها في كل الأوقات. فدورها في ظل الانتفاضة مضاعف.. فعليها أن تشجع أبناءها على محاربة اليهود أعداء الله و أعداء الدين ومغتصبي أراضينا، وعليها أن تقف جنبا إلى جنب مع ذوي الشهداء والجرحى والمنكوبين ومع الذين هدمت بيوتهم ودمرت منازلهم وفقدوا أعمالهم وان تصبر على زوجها إن ضاقت ذات اليد بالنسبة إليه وان تعينه قدر إمكانها وان تبذل الغالي والنفيس من اجل دعم الانتفاضة ودحر الاحتلال.


* ما هي الرسالة التي توجهينها لنساء فلسطين في ظل هذه الأوضاع؟

- أقول لهن ما قاله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز" اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" فالصبر يا نساء فلسطين فان الصبر مفتاح الفرج " وان النصر صبر ساعة " فان مع العسر يسرا, أن مع العسر يسرا".

كونوا يا إخوتي على ثقة بنصر الله وان الله سبحانه لن يترك الظالمين" ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء".

أقول لهن: إذا كنتن قد تعبتن وتألمتن فاعلمن أن الجنة لكن جزاء صبركن فان شهداءنا في الجنة وقتلى اليهود في النار وقال سبحانه:" إن تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مما لا يرجون" وليكن شعارنا دائما ما قاله الشاعر قولا وتطبيقا
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية