لماذا تخشى حركة حماس تولي فياض رئاسة حكومة التوافق الوطني؟ ...بقلم :جمال أبو ريدة

الخميس 30 يونيو 2011

لماذا تخشى حركة حماس تولي فياض رئاسة حكومة التوافق الوطني؟


جمال أبو ريدة


أبدت حركة "حماس" في الفترة الأخيرة علانية وفي أكثر من مرة مخاوفها بل معارضتها الشديدة لتولي سلام فياض رئاسة حكومة التوافق الوطني، التي تم الاتفاق عليها في اتفاق المصالحة الوطني الأخير الموقع عليه في القاهرة 4/5/2011م، مع حركة " فتح"، ويمكن القول بأن مصير ومستقبل الاتفاق كله قد أصبح متوقفًا على قبول الحركة لفياض رئيسًا للحكومة من عدمه، وجاءت التصريحات الأخيرة لرئيس السلطة محمود عباس -على غير المتوقع- للتأكيد على أن خيار السلطة و" فتح" معًا لتولي هذا المنصب هو سلام فياض فقط (...)، في مخالفة صريحة وواضحة لما تم الاتفاق عليه بين الحركتين، الأمر الذي أعاد المخاوف مرة أخرى من تعرض الاتفاق للمصير نفسه الذي لاقته الاتفاقات السابقة بين الحركتين وبقية الفصائل الفلسطينية، وهي:(ميثاق الشرف الفلسطيني 2005م، ميثاق الشرف الفلسطيني الخاص بالانتخابات 2005م، البيان الختامي لمؤتمر الحوار الفلسطيني في القاهرة 2005م، وثيقة الحوار الوطني- وثيقة الأسرى المعدلة 2006م، اتفاق مكة للوفاق الوطني 2007م).

وتأتي معارضة الحركة الشديدة لتولي سلام فياض رئاسة حكومة التوافق الوطني على الرغم من قناعة الحركة التامة أن المهام الملقاة على عاتق هذه الحكومة، وتحديدًا مهمتي: إعادة إعمار غزة، ورفع الحصار (الإسرائيلي) المفروض عليها، سيكون فياض هو الأقدر على إنجازهما بخلاف كل المرشحين الآخرين المحتملين لتولي هذا المنصب(...)، وذلك للعلاقات المميزة التي تربط الرجل بالولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، والخبرة الطويلة له في العمل الحكومي، ونجاح الرجل في تأمين الدعم المالي للسلطة طوال فترة توليه لمهمة رئيس الحكومة وتحديدًا منذ فترة الانقسام السياسي، ويبقى بعد ذلك السؤال المهم الذي يطرحه المهتمون بالشأن السياسي الفلسطيني، وهو: لماذا تخشى "حماس" تولي فياض رئاسة الحكومة، على الرغم من أن هذه الحكومة محدودة الصلاحيات، ومؤقتة بعام واحد، وهو الأجدر بإنجاز مهامها على أكمل وجه؟.

أقول بأن الإجابة على هذا السؤال تحتمل ما يلي:


1- تخوف الحركة من استمرار المرحلة الانتقالية لعدة أعوام بدلا من عام واحد، وذلك بذريعة أن الملفات الملقاة على عاتق الحكومة هي من الوزن الثقيل التي لا يمكن إنجازها في عام واحد، ولعل ما زاد من هذه المخاوف هو رفض الرئيس عرض هذه الحكومة على المجلس التشريعي الفلسطيني لنيل الثقة المطلوبة من المجلس، أسوة ببقية الحكومات السابقة التي تم تشكيلها منذ عودة السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى زعمه أن هذه الحكومة هي حكومته فقط.

2- تخوف الحركة من عدم تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في وقتها المحدد، وذلك استجابة لضغوطات وعراقيل (إسرائيلية) بالدرجة الأولى، وأطراف أخرى غير معنية بعودة "حماس" إلى الواجهة السياسية مرة أخرى، الأمر الذي من شأنه إخراج الحركة من الباب نفسه الذي دخلته في العام 2006م، حينما فازت لأول مرة في الانتخابات التشريعية.

3- الدور الرئيس الذي لعبه الرجل في الانقسام السياسي، والإجراءات العقابية التي ذهب إليها بحق الحركة، وعلى رأسها مسألة التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، والاعتقال السياسي لقيادات وأبناء الحركة في الضفة الغربية، وقائمة الأدوار التي لعبها الرجل في هذا الجانب تطول ويصعب حصرها.

بالإضافة بالتأكيد إلى احتمالات أخرى يصعب حصرها، وهي تخوفات- في حدود علمي- مشروعة ومن غير المعقول للحركة تجاوزها قبل الحصول على ضمانات تطمئنها بالتنفيذ الأمين للاتفاق من جانب، وتبدد مخاوفها السابقة من جانب آخر، ولعل هذه التخوفات هي التي استدعت تدخل تركيا السريع لمنع انزلاق الأمور أكثر بين الطرفين، ولعل الزيارة غير المتوقعة لكل من رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة " حماس" خالد مشعل إلى "أنقرة" قد جاءت لضمان عدم فشل اتفاق المصالحة الأخير، ويبدو بأن الضغط التركي قد تركز هذه المرة على " حماس" للقبول بفياض رئيسًا للحكومة، مقابل اعتراف الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بهذه الحكومة وضمان عدم تعرضها لحصار مالي، وذلك لإطلاع تركيا على مواقف هذه الأطراف أكثر من غيرها(...)، وبالمثل يمكن القول بأن الضغط التركي على الحركة، سيقابله ضغط مصري مواز، وذلك لضمان عدم إفشال تنفيذ الاتفاق، باعتبار مصر هي الراعي الوحيد له، ولن تسمح بفشله، لأن الدبلوماسية المصرية تحاول جاهدة بعد الثورة المصرية استعادة دور مصر العربي، والإقليمي، والدولي.

ويبقى السؤال بعد ذلك، هو: هل تنجح حركة " حماس" في مواجهة كل هذه الضغوطات وترفض تولي فياض رئاسة حكومة التوافق الوطني؟
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية