لماذا يرفض مسؤولو السلطة الفلسطينية الاعتراف بالانتصار في غزة؟! ... بقلم : رأفت مرة

السبت 20 سبتمبر 2014

لماذا يرفض مسؤولو السلطة الفلسطينية الاعتراف بالانتصار في غزة؟!

رأفت مرة


يصاب المتابع لتصريحات ومواقف مسؤولي السلطة الفلسطينية، وبياناتها، ومواقف المتحدثين الرسميين باسم حركة فتح، بنوع من الدهشة حين يسمع هؤلاء وهم يرفضون الاعتراف بالانتصار التاريخي الذي حققه الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة على الاحتلال الصهيوني.

فالبيانات والمواقف والتصريحات التي صدرت عن السلطة – رئيساً وقيادات - والمتحدثين باسم حركة فتح، يرفضون فيها الاعتراف بالانتصار، ويرفضون تفوق شعبنا ومقاومتنا على جيش الاحتلال وحكومته، ويعملون بشكل دائم من أجل منع ذكر مصطلح "الانتصار"، ومنع الاحتفال بالنصر، ويهاجمون كل من يتحدث عن انتصار، ويقولون إنهم اضطرّوا للإعلان عن مواقفهم اليوم بعد توقف العدوان.

إن المتابع لسيرة هؤلاء ونهجهم السياسي، لا يفاجأ بالأسباب الموضوعية التي تدفعهم لرفض الانتصار. هذا الانتصار الذي تحدث عنه مسؤولون صهاينة، ومحللون ومعلقون إسرائيليون وصفوا ما حصل بـ "الانهيار"، وبـ"الهزيمة"، وبـ"الذلّ"، لكن فريق الرئيس محمود عباس يرفض ما أقرّ به الصهاينة.

أما لماذا يرفض هؤلاء الاعتراف بالانتصار؟ فذلك يعود للأسباب الآتية:

1- إن هذه الفئة – سلطة وقيادات ومتحدثين – فقدت الثقة بنفسها، وبأطرها التنظيمية، وبرؤيتها، وبهيكليتها، وهي لا تريد لغيرها – شعباً ومقاومة – أي انتصار مهما كان شكله. وهي فئة تبلد الإحساس الوطني لديها، وفقدت مفهوم الولاء للأرض والإنسان والقضية، ولديها أزمة انتماء وطني.

2- إن هؤلاء تاريخياً، هم مستسلمون، عاجزون ضعفاء، منظّرون للفشل، مروّجون للهزيمة، مهزومون نفسياً، مراهنون على عوامل خارجية، وضغوط جهات دولية وإقليمية، لا يؤمنون بقدرات الشعب الفلسطيني، ولا بمستوى أبنائه ولا إرادة مجتمعنا في الداخل والخارج.

3- إن هؤلاء اعتادوا الخسائر، وامتهنوا التراجع، واحترفوا الانهزام، فهم انهزموا في معاركهم العسكرية، انسحبوا من جنوب لبنان، خرجوا من بيروت، غادروا طرابلس، فشلوا في مفاوضاتهم مع الاحتلال، سقط نهجهم التفاوضي، سلّموا أوراقهم للمحتل، ربطوا مصيرهم به، عجزوا عن تحقيق أية مكاسب، وهم يتعرضون للصفعات السياسية والأمنية كل يوم.

4- إن هؤلاء مخترقون أمنياً حتى العظم، ساقطون استخباراتياً حتى النخاع، مواقفهم تصاغ في أجهزة الأمن ودهاليز الاستخبارات التي ينطقون باسمها.
فهم لا ينطقون باسم فلسطين، ولا يتحدثون باسم الفلسطينيين، لا يربطهم شيء بالمقاومة، هم يتاجرون بالمواقف، يتربصون، يتصيدون، يغيرون مواقفهم، يسايرون الشارع.
فهم يهاجمون المقاومة، ويهاجمون قادتها ويحاربونها، قبل العدوان. لكنهم أثناء العدوان حيث انتقل مزاج الرأي العام، أصبحوا مقاومين، لكن بعد توقف العدوان عادوا ليهجموا على المقاومة ويطعنونها في الظهر، ويسيؤون لها بطلب من مرجعياتهم السياسية والأمنية الخارجية.

5- إن هؤلاء لن يعترفوا بانتصار شعبنا ومقاومته، لأن الاعتراف بانتصار المقاومة يحرجهم سياسياً، ويسقط مشروعهم التفاوضي، ويعرّي سياساتهم التنازلية التي لم تحقق أي إنجاز.

6- إن اعتراف هؤلاء بانتصار الشعب والمقاومة يحرجهم سياسياً عند الأطراف الإقليمية والدولية الراعية لهم، ويزعج مرجعياتهم.

وإن اعتراف هؤلاء بانتصار الشعب والمقاومة يعني بالنسبة لهم أن قوى المقاومة هي المعبرة عن الحقوق، المدافعة عن الأرض والإنسان، المتمسكة بالثوابت. ويعني أن المقاومة هي قائدة المشروع، وهي الممثل الشرعي والوحيد الذي جمع الفلسطينيين ووحّد قواهم، والقادر على تحقيق آمالهم بالحرّية وتطلعاتهم بالاستقلال، وأهدافهم بالتخلص من الاحتلال.

لذلك، فإن الحرب السياسية والإعلامية التي يشنّها هذا الفريق من خلال مواقفه وتصريحاته عن حماس، هي انتقام سياسي ليس أكثر، وجلدٌ للذات وليس للآخر، واعتراف بالهزيمة التاريخية، وتعبير عن أزمة عميقة أصابت هذا التيار منذ زمن، حين فقد البوصلة، وفرّط بالحقوق، واعترف بالاحتلال ونسّق معه أمنياً. لكن المقاومة الفلسطينية قلبت الدفة وصححت المسار.

هؤلاء أصبحوا خارج الزمن، كبائع يتاجر ببضاعة فاسدة، لا الزبون يشتريها، ولا التاجر يقبل إرجاعها. لا التسوية نجحت معهم، ولا المقاومة تقبلهم. فقدوا الماضي والمستقبل، لا يملكون خط رجعة، ولا خطة بديلة، لذلك يتحدون في التنازل والهجوم على المقاومين.. حتى الموت، ويهشمون أي نجاح أو إنجاز أو تقدم، ولو كان انتصاراً على الاحتلال.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية