ليبرمان الحاكم الأقوى في (إسرائيل)
علاء الريماوي
في ( إسرائيل) تنهار يوما بعد يوم الخارطة الحزبية المتباينة في المواقف والتوجهات، حتى بات النقاش عميقا لدى النخب السياسية حول الفروق التي تميز اليمين عن اليسار خصوصا في الجانب الاجتماعي الذي طغى عليه مفاهيم السوق والتطبيقات الرأسمالية التي باتت ملموسة في خطاب الفرقاء الذين لم ينجح أحد منهم تمثيل الطبقة الوسطى و التي توزعت بشكل شاذ بين أحزاب العمل، إسرائيل بيتانو، الليكود، ثم شاس.
هذه القسمة أبقت خارطة التمثيل الحزبي على حالها في الكيان لصالح ما يعرف اليوم بتحالف اليمين الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي نتنياهو و الذي أقدم خلال الأيام الماضية على تفجير قنبلة من العيار الثقيل بعد إعلانه التوجه إلى الانتخابات بتحالف مشترك مع ليبرمان.
هذا التحالف وإن بدا مفاجئا لبعض الأوساط السياسة في الكيان إلا أنه كان متوقعا بعد سلسلة من الدراسات التي كشفت، عن تفكك لحزب كاديما، وعودة معتبرة لحزب العمل، مع إضافة جديدة ومهددة لنتنياهو يقودها يائير لبيد والتي يتوقع لها تحقيق نتائج تفوق ال 15 مقعد في الكنيست القادمة.
هذا كله جاء في سياق عودة درعي لقيادة شاس والذي يعرف عنه غير المحبذ لعقد تحالف مع نتنياهو إذا تقاربت فرص اليمين مع تكتل اليسار الذي لم يتبلور بعد.
في حديث الأوزان الحزبية والتوافقات الممكنة ظل لبيرمان الثقل الحقيقي الأقرب لنتياهو، خصوصا وان مسار التحالفات قبل الانتخابات لا يمكن له التحقق في كتلة اليمين إلا على هذه الصورة، حيث سيكفل هذا التحالف كتلة موحدة ب 45 مقعدا مما سيوفر لهذه الكتلة أفضلية التكليف بتشكيل الحكومة، ويعطيها هامش المناورة في استقطاب شاس، الأحزاب الدينية الصغيرة، مما يجعل التحالف قريبا من تجاوز حاجز 67 مقعدا من غير استبعاد موافقة العمل و لبيد الاشتراك في حكومة يقودها نتنياهو و ليبرمان الذي سيحظى بوزارات مركزية وجوهرية ثمنا لتحالفه مع الليكود.
حديث المحاصصة مع ليبرمان جاء كاعتراف جلي للدور المتنامي لليهود الروس في المجتمع الإسرائيلي الذي ظلت الغلبة فيه للغربيين مع تحالف متعال مع الشرقيين الذين فقدوا زخمهم المعتل لصالح الروس الذين قبلوا بليبرمان زعيما ممثلا و حصريا من غير منافس معتبر.
هذه القوة المتماسكة التي يتزعمها ليبرمان تزداد قواتها يوما بعد يوم خاصة بعد نجاحها في ملامسة توجهات المجتمع الإسرائيلي الذي تغلب عليه نزعة التطرف في الملفات السياسية والتي يمكن بلورتها من خلال الآتي:
1. التشدد مع الجانب الفلسطيني وعدم التعاطي مع السلطة في رام الله في ملف ما يعرف بالعملية السلمية.
2. دعم الاستيطان في الضفة وضم الكتل الاستيطانية في الوسط لتحيق ما يعرف بمشروع القدس الكبرى.
3. عدم دفع استحقاق العلاقة مع تركيا من اعتذار وتعويض، مع بقاء لغة الندية التي لم تألفها إسرائيل في التعاطي مع دول المنطقة.
4. التعاطي مع غزة، لبنان بحزم حتى يتسنى تعزيز قوة الردع المتآكلة لإسرائيل في المنطقة خاصة في السنوات الخمس الماضية.
5. تحقيق حالة التخلص من الثقل الفلسطيني في الجليل وضمه للضفة الغربية لتحقيق ما يعرف بالأغلبية اليهودية مترافقا ذلك مع عمليات تضييق على عرب الداخل الفلسطيني.
هذه النقاط الخمس مضافا إليها الموقف من الملف الإيراني، والتدخل الفاعل في الملف السوري، وأفول نجم القيادات القوية في الكيان مما سيجعل ليبرمان الشخصية الأكثر رواجا في مجتمع لا يسلم رقبته إلا لهذه النوعية من القيادات المتطرفة.
الواقع هذا يدفعنا للحديث في المقال القادم عن خيارات السلطة الفلسطينية التي ترى في العملية السلمية الخيار الوحيد لتحصيل الحقوق الفلسطينية.
لذلك بات من المهم على ناظم التوجهات السياسية في فتح فهم التركيبة السياسية القادمة لحكم الكيان خلال السنوات العشر القادمة والتي تشير كل القراءات الى ثباتها، مما يعني أن خيار فتح وتوجهاتها السياسية تعيش حالة من وضوح النزاع والموت الذي وجب معه تحديث توجهاتها خلال الأيام القادمة، وإلا ستكون من كذهب إلى هلاكه بيده.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية