لي دولة ولي وطن
علاء الريماوي
الحمد لله تحقق الحلم، وأصبح لنا دولة، وخرجنا للشوارع نحمل الرايات، ونعلن في فضاء الدنيا هنا كان شعب فلسطيني صبر وناضل، جاهد وقاتل، أسر وجرح، ودفع ثمن الحرية.
اليوم طفنا المدن وقد رحل الاستيطان، وهدت حواجز الاحتلال، وغنمنا متاع 600 ألف مستعمر في أراضي الضفة الغربية، وحررنا شجر الزيتون المسروق من أصحاب أهل الأرض وعمارها.
حديث الفرحة لم يكن عاديا حين دخلت جموع الفلسطينيين القدس وقد هدم جدار الفصل العنصري، وأزيلت الأعلام الإسرائيلية عن بيوت المدينة المصادرة ورفعت عوضا عنها الأعلام الفلسطينية التي تزاحم معها أفواج العرب القادمين من كل حدب وصوب يشهدون لأول مرة في تاريخهم مشهد القبة ومسجدها من غير احتلال ولا تمزيق.
اليوم علت زغاريد العجائز، وضحكات الأطفال، وحطم الرجال قيود أكثر من 4 آلاف أسير ظل الاحتلال يسومهم سوء العذاب من غير حماية ولا حقوق من المؤسسات الدولية.
منذ ميلاد جيلنا على الأرض الفلسطينية لم نرَ موقف عزة يبكي فيه الصهيوني وهو يحمل حقائبه ويرحل إلى فرنسا بولندا، النروج، أمريكا، إفريقيا وكستريكا خاصة حين ودعهم رئيس حكومتهم وهو يذرف الدموع، مخنوقا وهو يردد عبارة " كيشلون، كيشلون " فشلنا فشلنا، ضاع الحلم، ضاع جهد احتلال قارب على قرن من الزمان.
ظلت حالة الفرحة في سياق النشوة غير المعتادة حتى تابعت الإعلام الإسرائيلي الذي جاء بخبر ( مهراه ) عاجل تحدث فيه بيرس أن القيادات الإسرائيلية بدأت تفكر جديا بالرحيل من مناطق احتلتها في العام 1948 خاصة بعد انكشاف العمق الصهيوني وتسلح الدولة الفلسطينية بوسائل دفاعية قادرة وقوية.
الإعلام الإسرائيلي لم يقف في تغطيته لهذا الحدث التاريخي بل تجاوزه لتحليل وازن عن مستقبل وجود (إسرائيل) في منطقة تشترك بالعداء لوجود هذا الكيان المحتل.
في تقليبي لهذا الإنجاز لمت نفسي عن قصر نظري لمعارضة مسار التسوية، ولمتها أكثر حين كتبت عن تبهيت مخرجات التوجه للأمم المتحدة، ووقفت مع ذاتي اليوم معلنا أني لم أكن موضوعيا، ولم أكن صادقا، وإنما حركتني ارتباطات بمحاور، ودول، ظلت تستهدف الفلسطيني ومنظمته وسلطته حتى غسلت أدمغتنا التي باتت لا ترى سوى السواد القاتم والحديث غير الموضوعي.
اليوم على من يعنيهم الأمر من فصائل وهيئات وقيادات الاعتراف الواجب بأن العالم ودوله كانت حليفة، قادرة على معالجة سنوات طويلة من الظلم حين نحن بادرنا طلب المساندة والمساعدة.
قبل ختام هذه الصورة عاجلني ضجيج في البيت عكر صفو منامي وأعادني مستيقظا وأنا أطل من نافذة بيتي على حدود مستعمرة لازالت موجودة ـ وأصدقاء ما فك قيدهم من عشرين عاما، وقدس ظلت حبيسة في أقبية التهويد المستعرة.
تنهدت ثم اسودت ملامح حلمي حتى أقسمت النوم مرة أخرى كي أعاود كرة الوطن المستقل، والدولة المعلنة، والنصر الكبير، والإنجاز العظيم في مرحلة كلما جاء فيها أمل سقناه إلى مذبحه كأنه عار وجب التخلص منه.
وحتى لا أغرق في السلبية حاولت اليوم كتابة الحلم، حتى لو كان متخيلا كي نغير من قباحة الواقع الذي يجب أن نصنعه من خلال الأثر الفعلي لا عبر كلمات نشكلها كقصيد كاذب في مدح الأيام السوداء القائمة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية