بقلم الدكتور فايز أبو شمالة..
نفذ الفلسطينيون في الماضي عشرات العمليات الفدائية المقاومة للغاصبين، وقتلوا وأصابوا عشرات المحتلين الصهاينة، ويستطيع الفلسطينيون في هذه اللحظات إطلاق عشرات القذائف من قطاع غزة على المدن الصهيونية بل ويستطيع الفلسطينيون الخروج من نفق الحصار وتنفيذ عمل استشهادي في وسط التجمعات اليهودية، وقتل العشرات، كما يستطيع حزب الله أن يضرب العمق الصهيوني، وأن يوجع دولة الكيان الصهيوني، ولكن كل ذلك لا يذكر، ولا يساوي شيئاً أمام العمل المقاوم الذي نفذه فتية فلسطينيون من قلب مدينة رام الله ضد مستوطنين يهود، فأصابوهم بجراح، أو أصابوهم بالفزع، أو بالاندهاش من تواجد المقاومين، وتواصل المقاومة؛ رغم كل الإجراءات الأمنية، والاحتياطات، والخطط، والتنسيق، والمراقبة، فكيف لو خرجت المقاومة من مدينة رام الله ذاتها، التي تعد حصناً منيعاً للسيد سلام فياض، ومجالاً للنفوذ المالي المخصص لمحاربة المقاومة، وأفقاً وهمياً للفلسطينيين الجدد الذين لا يطيقون سماع لفظة مقاومة، وتستفزهم حروفها، ويحاربونها بوحشية.
ما يميز العمل المقاوم الذي نفذ ضد المستوطنين قرب مفرق "حلميش" أنه جاء من مدينة رام الله عشية ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، فجاءت المقاومة لتذكر جميع الأطرف بأن القضية الفلسطينية لم تبدأ من رام الله، ولن تنتهي بموافقة رام الله على استئناف المفاوضات العبثية، فالقضية الفلسطينية قضية لاجئين مشتتين في أصقاع الأرض، والقضية سياسية عابرة للأجيال، وليست قضية راتب آخر الشهر، إنها قضية شعب بكل أطيافه وفئاته، لذا حمل العمل المقاوم من رام الله عدة رسائل تجاوزت سلوك المستوطنين الذين قتلوا بدم بارد قبل ليلة الصبي الفلسطيني "أيسر الزبن"، وتجاوزت المخابرات الإسرائيلية التي قتلت قبل شهور شباب المقاومة في مدينة نابلس، أولئك الفتية الذين نفذوا عملاً مقاوماً ضد المستوطنين، فأوصلهم التعاون مع الصهاينة إلى حتفهم بعد ساعات من تنفيذ عملهم المقاوم.
جاءت المقاومة من رام الله رغم الترهيب بالسجن الفلسطيني الذي يستهدف كل مقاوم، ورغم الترهيب بالسجن الصهيوني الذي يطبق على ألاف السجناء الفلسطينيين منذ عشرات السنين، وحمل العمل المقاوم اسم "كتائب الأقصى" رغم صحوة جيش "دايتون" الذي يكمن خلف ممرات التنسيق الأمني المعتمة، ويرى في المقاومة اختراقاً للمنطقة الخضراء المحصنة، وتعمية على العيون الذابلة من السهر على أمن المستوطنين.
فما أروعك يا رام الله وأنت ترجمين المفاوضات العبثية بحجر المقاومة!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية