ما بين رئيس ورئيس
د. إبراهيم حمّامي
من أجل شجرة اشتعلت الحدود، ولاختراق جندي دخيل سقط جنود، وخرج رئيس لبنان الصغير بحجمه الكبير بفعله ليدعو للتصدي للخرق "الاسرائيلي" "مهما كانت التضحيات"، فصرخ ما يسمى بقائد المنطقة الشمالية الصهيوني طالباً من اللبنانيين "ضبط النفس".
لا نتوهم ولا يساورنا أدنى شك بأن ميزان القوى العسكري التقليدي هو في صالح الاحتلال، ونعلم علم اليقين أن الثمن المادي المباشر لأي مواجهة سيكون باهظ الثمن، لكن الأمور لا تقاس بميزان المادة، إنه موقف الشرفاء الأحرار، موقف له ثمنه، وموقف له ما بعده، لكن من يتحدث عن السيادة والكرامة يعرف تماماً معناها.
شجرة وحيدة على الحدود أراد مجرمو الاحتلال اقتلاعها، رفض لبنان الرسمي ذلك، فكانت المواجهة، بينما في الضفة الغربية المحتلة ازدواجياً تقتلع الأشجار وتهدم البيوت، بل يقتلع البشر من بيوتهم ويعتقلوا ويقتّلوا، ومع ذلك يصر "الرئيس البطل" عباس على مفاوضة الاحتلال، وكأنه لا يرى ولا يسمع ولا يدرك ما يجري تحت أنفه في الضفة والقدس، لا تحرك له الأحداث ساكناً، تحاصر غزة أو تحترق، تستباح الضفة، تهوّد القدس، كلها لدى هذا "الزعيم" لا تعني شيء، لأن طريقه الوحيد هو طريق الخنوع والتبعية.
شتان بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان والذي يستحق التحية والاحترام، وبين من يسمي نفسه رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس دولة فلسطين، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، والقائد العام لحركة فتح، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الفلسطينية، وهو في عرف السياسة لا يساوي شيء، وشتان بين الجيش اللبناني الذي تصدى ببسالة لغطرسة الاحتلال، وبين "الفلسطيني الجديد" من قوات دايتون/مولر، الجبان الذي يهرب ويترك مواقعه لجنود الاحتلال لتعيث في الأرض فسادا!
درس عظيم وكبير هذا الذي سطّره الجيش اللبناني بدماء عناصره اليوم، ودرس أعظم وأكبر موقف الرئيس اللبناني، رغم حساسية الخارطة السياسية اللبنانية.
لقد زاد الموقف اللبناني اليوم من فضيحة الطغمة التابعة للاحتلال والقابعة في رام الله، وكشف المزيد من عارهم الذي يجللهم، وأوضح الفرق بين من يعرف معنى السيادة والكرامة، ومن فقد كل كرامة.
ترى ماذا ستقول أبواقهم في مفوضيتهم أو لجنتهم أو غيرها، وكيف ستخرج بياناتهم؟ ربما أشادوا بموقف لبنان ورئيسه، ليتناسوا وعن عمد موقف "رئيسهم" ومواقفهم الذليلة المخزية، لا بارك الله فيهم
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية