مبعث الخوف الإسرائيلي من مرسي
جمال أبو ريدة
ويمكن القول إن عملية التغيير القائمة في مصر، جعلت الهم الأكبر لـ(إسرائيل) هذه الأيام، هو الخشية من مراجعة مصر لاتفاقية كامب ديفيد الموقعة في عام 1979م، على الرغم من مرور 33 عامًا عليها بدون مراجعة، ورغم انتقاصها "الفاضح" لأسباب لم تعد قائمة للسيادة المصرية، إلا أن الرئيس المخلوع مبارك لم يكلف نفسه طوال العقود الثلاثة التي أمضاها في الحكم من مراجعة بنودها، وتحديدًا تلك التي تنتقص من السيادة المصرية.
ولعل الوجود الرمزي للقوات المسلحة المصرية في سيناء، شاهد حي على "تقادم" الاتفاقية، بالإضافة إلى ما سبق، فإن استكمال أهداف الثورة المصرية يستدعي مراجعة بنود الاتفاقية، وذلك بالإضافة إلى ما سبق نزولا عند رغبة الرأي العام المصري، الذي يمقت (إسرائيل)، وينظر إليها طوال السنوات الماضية ككيان صهيوني، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من التفاف الشعب المصري حول الرئيس الجديد، ويعزز من تحقيق بقية أهداف الثورة المصرية المجيدة.
وقد يستبعد البعض إقدام الرئيس الجديد على إعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد، وذلك "ظنًا" منهم بأن ذلك "قد" يغضب أمريكا، التي تقدم لمصر سنويًا ما يقارب ملياري دولار من المساعدات المباشرة وغير المباشرة مقابل حفاظ مصر على الاتفاقية، وهذا تفسير- في حدود علمي- يفتقد للموضوعية السياسية، وذلك لأنه أشبه بدعوة للرئيس الجديد أن يقتفي أثر الرئيس المخلوع، وأن يلتزم الصمت تجاه العربدة (الإسرائيلية) في المنطقة العربية، خشية قطع المساعدات الأمريكية، ونسى هؤلاء الثمن الذي دفعته الأمة العربية، مقابل تلك المساعدات التي كلفت احتلال العراق، وتقسيم السودان.. الخ من النكبات التي حلت بأمتنا في السنوات التي أعقبت كامب ديفيد، وهو الأمر الذي لا أعتقد أنه يغيب عن بال الرئيس مرسي، بل يمكن القول إن مصر لن تستطيع التخلص من التبعية السياسية طالما ظلت "أسيرة" للمساعدات الأمريكية السنوية.
وتبقى مسألة أمن الحدود المصرية– (الإسرائيلية) الجنوبية، في الفترة القادمة "هاجسا"، يسيطر على المؤسسة العسكرية والأمنية (الإسرائيلية) بكل أركانها، التي تنتظر بفارغ الصبر ما الذي يمكن للرئيس الجديد أن يصنعه لضبط الأمن في سيناء على وجه التحديد، التي تشكل مبعث خوف شديد لـ(إسرائيل) في الفترة القادمة بشكل لا يقل عن الحدود مع غزة، حيث بادرت المؤسسة إلى الموافقة على بناء جدار تزيد تكاليفه عن 15 مليار شيكل، لتأمين الحدود مع مصر، التي كان النظام السابق يتكفل حفظها بدون مقابل، وتعكس تصريحات الوزير الإسرائيلي الأسبق (بنيامين بن إليعازر)، الذي يوصف بأنه "مهندس العلاقات (الإسرائيلية)- المصرية، رسم صورة سوداوية لمستقبل (إسرائيل) في حال فاز مرسي؛ حيث قال:" إن فوز مرسـي يعني "تغيير البيئـة الاستراتيجية بشـكل كارثي لـ(إسـرائيل)، وعلينا الاسـتعداد لأسـوأ السـيناريوهات.
لقد بات من المؤكد أن السنوات القادمة لن تكون في أي حال من الأحوال كسابقاتها، وأعتقد أن مصير ومستقبل (إسرائيل) سيتحدد في هذه السنوات، وهو الأمر الذي بات يتردد على لسان (الإسرائيليين) للمرة الأولى، وذلك لأن سقوط نظام الرئيس المخلوع مبارك، سيتبعه سقوط بقية الأنظمة العربية المحيطة بـ(إسرائيل)، الأمر الذي يعني أن الحدود العربية التي ظلت طوال العقود الستة الماضية آمنة، لن تكون بعد اليوم كذلك، وذلك لأن (إسرائيل) بعد سقوط الأنظمة العربية الحليفة لها، لن تستطيع بعد اليوم حماية وتأمين هذه الحدود، الأمر الذي يعني سهولة اختراقها في حالة أي تهديد (إسرائيلي) للجوار العربي، الأمر الذي يعني زعزعة الجبهة الداخلية (الإسرائيلية)، التي ظلت طوال السنوات الماضية آمنة من أي تهديد خارجي.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية