مصر ولحظة ولادة الفرصة! ... بقلم : لمى خاطر

الأربعاء 20 يونيو 2012

مصر ولحظة ولادة الفرصة!

لمى خاطر

كان تعبير المرشح السابق لرئاسة مصر حازم أبو إسماعيل في ميدان التحرير في مليونية الثلاثاء هو الأبلغ في وصف اللحظة التي تمر بها مصر الآن، حين قال ( إنها لحظة ولادة الفرصة) من جديد، أي فرصة استعادة روح الميدان والاستعداد للثورة، وهي لحظة لم يكن هناك ما يدفع لها بقوة حين كانت البلاد تمر في محاطت انتخابية متتالية، يأمل الناس أن يستقر الحال بعدها، وتتسلّم السلطة قيادة مدنية منتخبة، في ظل دستور جديد.

لكنّ مشكلة المجلس العسكري في مصر ومن خلفه قوى الهيمنة المعروفة التي تصرّ على أن تظلّ مصر سائرة في نفق التبعية لأمريكا والتصالح مع إسرائيل، هؤلاء لم يتبينوا معنى أن يأتي التحول في المشهد السياسي في أعقاب ثورة شعبية كبيرة تطيح برأس النظام، وهو أمر سيختلف كثيراً دون شكّ عن كون ذاك التحوّل ناتجاً عن عملية سياسية خالصة تحتمل التدرّج في نزع هيمنة المؤسسة العسكرية كما حدث في تركيا.

لكن ما تشي به سياسات المجلس العسكري اليوم تقول بوضوح إنه يتجه للبقاء سلطة عليا مهيمنة على جميع مفاصل الدولة، فيما تترك للرئيس صلاحيات شكلية تبقيه في واجهة مطالب الناس وانتقاداتهم ومساءلاتهم، دون أن يملك من أمره شيئاً، ودون أن يكون قادراً على ترجمة مشروع النهضة الذي يعوّل عليه حزب الحرية والعدالة من أجل النهوض بواقع مصر، وتقديم نموذج مختلف للحكم والتنمية والتقدم. خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنه ليس هناك ما يؤكد أن انتخابات مجلس الشعب الجديدة ستتم بعد أربعة شهور، يسلم على إثرها المجلس العسكري السلطة ويتخلى عن الصلاحيات التي منحها لنفسه.

إن مصر، كما غيرها من الدول المجاورة لفلسطين، ذات خصوصية كبيرة وأهمية استراتيجية تجعل من السذاجة التسليم بأن الذين هيمنوا عليها عقوداً من الزمن وكانوا أدوات تتحكم بها أمريكا عن بعد يمكن أن يسلّموا أو يسمح لهم بأن يسلّموا حكم البلاد لقوة معارضة وطنية وإسلامية تستند إلى قاعدة شعبية عريضة، فحين يوضع مصير ومستقبل إسرائيل على محك المجهول فلا شكّ أن أيدي التدخل الخارجية ستعمل أكثر مما بوسعها لكي تبقي على خيوط السياسة الأساسية بأيديها أو أيدي تابعيها، لا فرق!

ولذلك، لا مناص اليوم من الاعتصام بالميدان واستثمار غضب الشارع ورفضه المطلق لتجليات الانقلاب الناعم الذي يلوح في الأفق، وليس للإخوان المسلمين أو غيرهم من القوى السياسية أن يخشوا من ضياع سلطة شكلية ووهمية تبقيهم في مرمى نيران الانتقاد دون أن يملكوا مفاتيح التغيير والنهوض.

هناك الآن مؤسسات منتخبة من رئاسة وبرلمان، وهناك جمعية تأسيسية للدستور لم يبق إلا أن تشرع في عملها حتى يكتمل مشهد التحول الديمقراطي في مصر، الحاصل بعد الثورة، والأهمّ من ذلك أن هناك ميادين ثورة لا زالت قادرة على وقف العبث بمستقبل مصر، وعلى التصدي لمحاولات إبقائها مسلوبة الإرادة والقرار، وخاضعة للهيمنة الخارجية. والمهم الآن أن يعمل رموز الثورة والسياسة النظيفة في مصر على توسيع القاعدة الجماهيرية المؤمنة بأن المزيد من الصبر ضروري ومطلوب، وألا مجال للقبول باستغفال العسكر للجمهور، ومحاولاته الواضحة للتمهيد لعودة القبضة البوليسية، ولكن من بوابة القانون المسيّس الذي لن يمكن إنكاره فيما بعد، أو حتى إعادة روح الثورة الشاملة إلى أوصال الجماهير، إذا ما سكنت أو سلّمت بأنه ما عاد في طاقتها فرض تطهير وتغيير حقيقي يطال مفاصل الفساد، ويوقف تغول الدولة العميقة وأدواتها الخفية!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية